ad a b
ad ad ad

خطة الاستدارة جنوبًا.. جولات موسكو في أفريقيا لإنهاء المركزية الغربية

السبت 11/فبراير/2023 - 04:52 م
المرجع
محمود محمدي
طباعة

منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وبدأت موسكو في التركيز على أهداف إستراتيجية بعيدة المدى، ولعل أبرز تلك الأهداف هو اتجاه بلاد القيصر إلى الجنوب، وتحديدًا إلى القارة السمراء.

 

الذراع السياسية الأبرز لروسيا سيرجي لافروف وزير الخارجية، أجرى جولتين في أفريقيا، في إطار التحول الإستراتيجي العالمي لموسكو نحو الشرق والجنوب، وليس الغرب، وذلك في الوقت الذي تواجه فيه روسيا أزمة كبرى مع الغرب تتعلق بدوافع وأسباب نشوب الحرب، وتتمحور في قائمة كبيرة من العقوبات سواء السياسية أو الاقتصادية.

 

دعوة لبلاد الثلج


موسكو ممثلة في لافروف دعت رؤساء عدة دول أفريقية لزيارة روسيا في الصيف؛ وذلك لمناقشة تطوير المشاريع الاقتصادية الكبرى المشتركة بين الدب الروسي وبلاد الأفارقة.

 

إلى ذلك، فإن زيارة لافروف لأفريقيا، تزامنت مع زيارتين كبيرتين لمسؤول أمريكي وآخر صيني للقارة ذاتها، حيث أجرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين جولة أفريقية، قدّمت خلالها وعودًا أمريكية بضخ استثمارات بمليارات الدولارات في السنغال وزامبيا وجنوب أفريقيا، والزيارة الأخرى كانت من نصيب التنين الصيني، حيث أجرى وزير الخارجية الصيني الجديد «تشين جانج» في أوائل يناير 2023، جولة في القارة السمراء شملت إثيوبيا والجابون وأنجولا وبنين ومصر.

 

روسيا تزور 12 دولة


بعد أيام قليلة، وخلال فبراير الجاري، سيكمل لافروف جولته في أفريقيا، متجهًا هذه المرة نحو شمال القارة، حيث سيزور تونس وموريتانيا والجزائر والمغرب، ليكون إجمالي الدول التي تواصلت معها روسيا نحو 12 دولة، ذلك بالإضافة إلى زيارة مقر الاتحاد الأفريقي نفسه.

 

أهداف الرحلة الأفريقية


الجولات الروسية في أفريقيا ركّزت بالأساس على التعاون التجاري والاقتصادي بين موسكو والقارة السمراء، خاصة تلك المناقشات التي تأتي في إطار اتحاد البريكس الاقتصادي، والذي يضم روسيا والصين والهند ومعها البرازيل وجنوب أفريقيا، وتناولات تلك اللقاءات قضايا الفضاء والطاقة النووية والتكنولوجية العالية.

 

لقاءات لافروف في أفريقيا تناولت سُبل التعاون المشترك في مجالات الفضاء والطاقة النووية والتكنولوجيا العالية، وتطويره مستقبلًا بما يعود بالنفع على كل الأطراف خاصة أن أفريقيا من الدول الواعدة في تلك المجالات، إلا أن روسيا وشركاءها بالقارة لم يوضحوا كيفية إنشاء سلاسل التوريد والخدمات المالية للمشاريع المشتركة في حين أن روسيا تواجه عقوبات أوروبية مناهضة قد تحرمها من تلك الامتيازات.

 

وتناولت الجولات الروسية أيضًا، عقد اتفاقيات عسكرية، تتمثل في إجراء مناورات بحرية مشتركة في مياه جنوب أفريقيا، والتي من المقرر تنفيذها في الفترة من 17 إلى 27 فبراير 2023، وستشمل تلك المناورات سفينتين حربيتين روسيتين و3 سفن صينية ومنصة بحرية لجنوب أفريقيا.

 

في ذات السياق -الذي أثار غضب الجانب الأمريكي- ناقشت موسكو قضايا التعاون العسكري والاقتصادي مع مملكة إسواتيني، وأنجولا، بالإضافة إلى بحث سُبل التعاون في مجالات استكشاف المعادن في القارة السمراء مع أنجولا التي لديها ثاني أكبر احتياطي من الحديد في أفريقيا.

 

شراكات إستراتيجية


عطفًا على ذلك، تعمل روسيا على توطيد علاقاتها مع العناصر الفاعلة على المستوى الإقليمي، خاصة أن هناك علاقات قوية وقائمة بالفعل مع تلك الدول، وأبرز تلك الدول هي التنين الصيني وجارته الهند، وكذلك الثنائي الأفريقي الكبير مصر وجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى الفاعلين المؤثرين في الشرق الأوسط مثل إيران وتركيا، وأيضًا البرازيل التي تعد من أهم الشركاء الاقتصاديين لروسيا.


وفي القائمة أيضًا هناك دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية والإمارات، وهذه الدول لم تنضم إلى العقوبات الغربية والأمريكية ضد القيصر الروسي، وتواصل التعاون بمختلف المجالات مع موسكو.

 

القارة السمراء في أحضان الدب


تعمل روسيا بالتعاون والتنسيق مع جارتها الصين، على تشكيل نظام دولي بديل بعيدًا عن المركزية الغربية، وفي هذا الإطار تستضيف سانت بطرسبورج في منتصف العام الجاري 2023 القمة الروسية الأفريقية، وهذه القمة هي الثانية من نوعها.

 

إلا أن تلك القمة ستركز وبشكل أكبر على إيجاد السبل لروسيا وأفريقيا من أجل إتمام التعاون وتحقيق مذكرات التفاهم المشتركة دون التعرّض لمقصلة العقوبات الأمريكية من ناحية والغربية من ناحية أخرى.

 

وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الروسي، إن روسيا تعمل على إعداد الوثائق المتعلقة بضبط الآليات والشروط مع القارة السمراء؛ من أجل إتمام وضبط أدوات الاستثمار والتجارة وسلاسل التوريد، موضحًا أن روسيا مصممة وساعية في طريقها إلى تطبيق كل التسويات مع مختلف الشركاء بالعملات الوطنية عوضًا عن الدولار الأمريكي.

"