حادث بيشاور.. الإرهاب يضع باكستان في سجن المعاناة اللانهائية
الإثنين 06/فبراير/2023 - 10:58 م
مصطفى كامل
إرهاب متكرر وعمليات نوعية تؤرق الداخل الباكستاني من قبل الجماعات الإرهابية بشكل متكرر منذ وصول حركة طالبان الأفغانية لحكم أفغانستان، الأمر الذي دفع تلك الجماعات على تقوية شكوتها واستفحال أمرها لتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية، إذ كان آخرها التفجير الذي استهدف مسجد بيشاور، حيث يعد ثاني هجوم مميت ضد المصلين في أماكن دينية في نفس المدينة في الأشهر العشرة الماضية.
معاناة لا متناهية
تظهر
حادثة بيشاور المروعة عمق مشكلة الإرهاب في باكستان، وهي ظاهرة يعانيها
أبناء هذا البلد منذ عقود، لا توجد بوادر لنهاية هذه الآلام والمعاناة لأمة
الجار الشرقي.
وبحسب
صحيفة «جهان نيوز» الباكستانية، استهدفت العملية الإرهابية قرابة 400 مصلٍ
في مسجد يقع في أكثر مناطق بيشاور أمانًا، والمعروف باسم "المنطقة
الحمراء، ولم تُعلن أي جماعة مسؤوليتها عن هذا العمل الإرهابي حتى الآن،
إلا أن بعض المصادر الإعلامية أفادت بادعاء عضو في جماعة تحريك طالبان
باكستان الإرهابية، الذي زعم أن التفجير الانتحاري كان من عمل هذه
المجموعة.
الهجوم
الإرهابي الأخير على المسجد أثار إدانة عالمية للعمل الإرهابي، حيث ندد
الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش»، بهذه العملية الإرهابية،
إضافة إلى إعراب تركيا وأفغانستان والسعودية والولايات المتحدة عن تضامنهم
مع الشعب الباكستاني ضد العمليات والجماعات الإرهابية مدينين حادثة بيشاور.
كان
هذا الحادث صادمًا ومميتًا لدرجة أنه بعد لحظات فقط من وقوعه تم وضع جميع
المدن الباكستانية المهمة والمناطق الحساسة في حالة تأهب، وانتشرت القوات
الأمنية في أجزاء مختلفة من المدن، بما في ذلك إسلام أباد، لمواجهة أي
أعمال تخريبية أخرى من قبل الإرهابيين.
وعقب
العمل الإرهابي اضطر رئيس الوزراء الباكستاني «شهباز شريف»، إلى إلغاء
جميع اجتماعات عمله في إسلام أباد بسبب عمق مأساة العمل الإرهابي، وتوجه
إلى بيشاور مع قائد الجيش ووزراء الدفاع للتحقيق في جوانب الحادث الإرهابي
والتعامل معه ومراقبة الضحايا.
وأدان
رئيس الوزراء شهباز شريف والرئيس الباكستاني عارف علوي العمل الإرهابي ضد
المصلين العُزَّل في مدينة بيشاور، وأكدوا عزم هذا البلد والتزامه بمكافحة
ظاهرة الإرهاب والتطرف الشريرة، حيث أكد رئيس الوزراء الباكستاني أن الشعب
إلى جانب الحكومة وقواتها المسلحة سيدمرون الإرهابيين الذين يحاولون تدمير
باكستان.
كما
أدان قادة الأحزاب والجماعات الدينية الباكستانية الهجوم الإرهابي في
بيشاور في رسائل، حيث دعا عمران خان، رئيس حزب تحريك إنصاف ورئيس وزراء
باكستان السابق، إلى تعزيز دعم القوات المسلحة، وتحسين أداء أجهزة
المخابرات للتعرف على العملاء الإرهابيين، وإحباط خططهم.
ويُعد
الهجوم الإرهابي على بيشاور هو ثاني هجوم مميت ضد المصلين في أماكن دينية
في نفس المدينة في الأشهر العشرة الماضية، حيث فجر انتحاري داعشي نفسه في
مارس من العام الماضي، بعد دخوله المسجد الشيعي في منطقة "كوتشيه
ريسالدار"، وأثناء صلاة الجمعة استشهد خلالها ما لا يقل عن مائة من المصلين
العزل.
وخلال
الأشهر الماضية وتحديدًا عقب تولي حركة "طالبان" الحكم في أفغانستان،
ازدادت الحوادث الإرهابية في الأشهر الأخيرة في مناطق مختلفة من باكستان،
بما في ذلك ولاية خيبر بختونخوا المحاذية لأفغانستان، حيث تتحمل جماعة
"تحريك طالبان" باكستان الإرهابية معظم هذه الهجمات.
ووقعت
حادثة مسجد بيشاور بعد ساعات فقط من إلغاء الزيارة الرسمية لرئيس دولة
الإمارات العربية المتحدة "محمد بن زايد" إلى إسلام أباد، على الرغم من
إعلان أن سبب إلغاء هذه الزيارة هو الظروف الجوية غير المواتية. ومع ذلك
وبسبب زيادة الحوادث الإرهابية في باكستان فإن المدن الكبيرة والصغيرة في
هذا البلد، بما في ذلك إسلام أباد، تخضع لسياج أمني، ووجود قوات الشرطة،
ووحدات مكافحة الإرهاب في العاصمة أقوى بكثير مما كان عليه في الماضي
الشهور.
في
الوقت نفسه، أعلن وزير الداخلية الباكستاني "رنا ثناء الله" أنه تم تلقي
أدلة تظهر أن مخططي هجوم بيشاور يتخذون من أفغانستان مقرًّا لهم، وأن إسلام
أباد قلقة من استخدام الإرهابيين لأراضي هذا البلد المجاور، كما طالب وزير
الدفاع الباكستاني، الذي زار بيشاور للتحقيق في تطورات الهجوم الانتحاري،
حكام أفغانستان المؤقتين بالتعامل بشكل أكثر فاعلية مع العناصر الإرهابية.
في
الماضي، أعلنت الجماعات الإرهابية والمتطرفة، بما في ذلك داعش وحركة
طالبان باكستان، مسؤوليتها عن هجمات مماثلة في بيشاور ومناطق أخرى من
باكستان.
خبراء
باكستانيون، أعربوا عن قلقهم إزاء اشتداد الوضع الأمني وتأثيره على
الروح المعنوية للشعب الذي يعاني من مشكلات اقتصادية عميقة، وعدم استقرار
سياسي، محذرين من أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية للتغلب على الإرهاب
فقد يتم السيطرة على باكستان مرة أخرى، ودخولها في العصر المظلم، كما حدث
في عام 2007 التي شهد فيها أبناء هذا البلد تفجيرات مميتة وهجمات إرهابية
على قوات الأمن والمدنيين في جميع مناطق باكستان كل يوم.
وبالنظر
إلى عدم الاستقرار السياسي في باكستان إلى جانب أزمة المعيشة والصراع بين
الحكومة والفصيل المعارض على إدارة البلاد، يطالب الشعب بشدة بإجراء جديد
وعاجل من قبل القادة السياسيين والعسكريين لهذا البلد في القتال ضد
الإرهابيين، والذي يمكن أن يكون عملًا شجاعًا وقرارًا ناتجًا عن العقلانية
السياسية لحكومة إسلام أباد، يجب أن يُؤخذ في الاعتبار.
وفجر
انتحاري نفسه في مسجد كان به عدد كبير من المصلين في مدينة بيشاور عاصمة
إقليم خيبربختونخوا بشمال غرب باكستان؛ ما أسفر عن مقتل 95 شخصًا بينهم
رجال الشرطة، وإصابة 170 آخرين، دون إعلان أي جماعة عن مسؤوليتها عن الحادث
الإرهابي.





