أفغانستان في خطر.. العقوبات الاقتصادية وتأثيرها على كابول في مواجهة داعش
تفاقمت الأزمة الاقتصادية في أفغانستان بعد سيطرة طالبان على الحكم في أغسطس 2021م، مع انهيار الحكومة السابقة المدعومة من الغرب وانسحاب آخر القوات الأمريكية من البلاد. كما قلصت الدول المانحة المساعدات المالية لأفغانستان، وجمدت الولايات المتحدة أكثر من تسعة مليارات دولار من الأصول الخاصة بأفغانستان بالعملة الصعبة. الأمر الذي انعكس على الأوضاع الإنسانية بالبلاد علاوة على ضعف الإمكانيات في التعامل مع ملفات الجماعات المسلحة، وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي.
مخاطر داعش
بعد وصول حركة طالبان للسلطة تباين نشاط تنظيم
داعش الإرهابي في أفغانستان، فقد بدأ نشاطه مبكرًا، باستهداف مطار كابول بعد ساعات من إعلان طالبان
الاستيلاء على السلطة في 15 أغسطس 2021م، وأدت العملية إلى سقوط عشرات الضحايا
بينهم 10 من الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الهدف من هذه العملية إثبات أن
الأراضي الأفغانية ليست تحت سيطرة طالبان وحدها، وأن هناك جهات أخرى لم تكن في
الحسبان.
وكثف التنظيم الإرهابي ضرباته ضد الأبرياء
باستهداف مستشفى كابول العسكري وعدد كبير من مساجد الشيعة والصوفية وصلت إلى إقليم
قندهار ذاته، كما بدأ في اتخاذ عناصر حركة طالبان أهدافًا له، في عمليات فردية وجماعية وأسقط من بينهم
العشرات بين قتيل وجريح في مناطق متفرقة من البلاد، كما لم تسلم الحدود الأفغانية
الباكستانية من عمليات التنظيم الإرهابي.
ثم تراجعت عمليات التنظيم في النصف الأول من عام
2022م، وبدأت تظهر تصريحات متناقضة حول مخاطر التنظيم الإرهابي في أفغانستان من قبل
الحكومة المؤقتة لحركة طالبان، ورغم تصاعد العمليات الإرهابية التي ينفذها تنظيم داعش
الإرهابي بشكل متزامن على الأراضي الأفغانية، والتي وصلت إلى أكثر من 40 عملية- وفقًا
لصحيفة النبأ الناطقة باسم التنظيم في عددها الصادر بتاريخ الخميس 16 ديسمبر 2021م-
فإن المتحدث الرسمي باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، خرج أكثر من مرة ليقلل من تأثير داعش
ولاية خرسان، ويؤكد أنها تحت السيطرة.
وقال مجاهد في مؤتمر صحفي عقد بالعاصمة كابل في
10 نوفمبر 2021م: «إن التنظيم لم يعد يشكل تهديدًا كبيرًا بعد اعتقال 600 من عناصره
والمتعاطفين معه منذ أغسطس، وصار تحت سيطرتنا بطريقة أو بأخرى... لم يعد يشكل تهديدًا
كبيرًا». الأمر الذي أثار موجة من الجدل واتهامات لطالبان بالتواطؤ مع الحركة بعد عدم تمكنها من الحصول على الاعتراف الدولي
من قبل الأمم المتحدة.
ورقة ضغط
لتعود الحركة إلى استخدام ورقة داعش للضغط على
المجتمع الدولي، بأنها ليس لديها إمكانيات للسيطرة على التنظيم الإرهابي، مما يشكل
تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وأن ذلك سيؤدي إلى عدم قدرة
الحركة على الوفاء بتعهداتها التي التزمت بها في اتفاق الدوحة.
تأثير العقوبات
غير أن الواقع الذي تعيشه أفغانستان اليوم تحت
حكم طالبان يؤكد أن هناك أزمة حقيقية يعيشها الأفغان بسبب العقوبات الاقتصادية
التي تهدد الشعب بالجوع وانعدام الأمن والاستقرار، وهو ما اعترفت به بعض المؤسسات
الرسمية والدبلوماسية.
فقد أكد نائب وزير الخارجية الروسي أوليج سيرومولوتوف
في مقابلة مع وكالة (تاس) السبت 28 يناير 2023م أن نقص الأموال الناجم عن العقوبات
الغربية يحد من قدرة السلطات الأفغانية على محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وشدد سيرومولوتوف
على أن روسيا تدرك أن إمكانات السلطات الأفغانية محدودة بسبب النقص التام في الأموال
الذي نتج أولًا وقبل كل شيء عن القيود المالية غير القانونية لواشنطن وما شابه ذلك".
وأكد أن تنظيم داعش يشكل تهديدًا خطيرًا لأفغانستان
ودول المنطقة وبالتحديد دول آسيا الوسطى. مشيرًا إلى أن التنظيم: «يسعى إلى الحصول
على موطئ قدم على الأراضي الأفغانية وتشويه سمعة السلطات الحالية في البلاد ، مما يبرز
عدم قدرتها على ضمان الأمن الكامل».





