يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

الحضور مقابل تجميل الصورة الدولية.. النفط الأفغاني يخرج باليد الصينية

الثلاثاء 31/يناير/2023 - 05:28 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة

منذ سيطرة حركة «طالبان» على الحكم في أفغانستان منتصف أغسطس 2021، توترت علاقتها بالعديد من الدول لا سيما الأوروبية، لكن الحركة نجحت في الحفاظ على تواصل مع الصين، تطور إلى تعاون اقتصادي يتوسع بشكل كبير، في محاولة من الحركة لإظهار نجاحات أمام المجتمع الدولي لا سيما في الساحة السياسية لكسب وده ونيل الاعتراف المتأخر عنها طيلة عام ونصف.

فرض الوجود الصيني

تجمع مصالح سياسية واقتصادية متبادلة الصين وحركة طالبان، فبكين تحاول عبر بسط نفوذها في أفغانستان استغلال فرصة الانسحاب الأمريكي لفرض وجودها كلاعب حاسم في المنطقة، كما تسعى لحماية أراضيها من أي هجمات قد تقوم بها «حركة تركستان الشرقية» المشكّلة من مسلحين إيغور، ساعين للانفصال عن الصين، ويتواجد جزء منهم في أفغانستان.

بالإضافة إلى ذلك، يساهم توسع التعاون الاقتصادي بين الصين وطالبان في خدمة مصالحهما المشتركة، لا سيما مع سعي الحركة الأفغانية للخروج من الأزمة المعيشية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، في ظل عدم الاعتراف الدولي بها.

وأكدت حركة «طالبان» مرارًا أنها تسعى لتوطيد علاقاتها مع الصين في كل المجالات، خصوصًا الاقتصادية والتجارية، وأنها قادرة على توفير الأمن والحماية اللازمة لكل المشاريع الأجنبية، لا سيما الصينية منها، كما أنها لن تسمح لأي جهة بزعزعة أمن واستقرار الصين.

وفي الخامس من يناير الجاري، وقّعت «طالبان» اتفاقية مع شركة صينية لاستخراج النفط من حوض أمو داريا في شمال البلاد، وتهدف الاتفاقية إلى توفير نحو ثلاثة آلاف فرصة عمل للأفغان، ورفع قدرات استخراج النفط من منجم قشقري من 200 طن (1.4 ألف برميل) إلى 1000 طن وأكثر (7.1 آلاف برميل).

وفي مراسم توقيع الاتفاقية، قال السفير الصيني في كابول «وانغ يو»، إن عقد نفط «أمو داريا» مشروع مهم بين الصين وأفغانستان، وبلاده تهتم بالمشاريع في أفغانستان، فيما قال نائب رئيس الوزراء الأفغاني الملا برادر إن شركة صينية أخرى لم تستمر في استخراج الخام بعد سقوط الحكومة السابقة، لذلك تم إبرام الصفقة مع الشركة الجديدة، مطالبًا الشركة بالاستمرار في العملية وفقًا للمعايير الدولية، كما زار الملا برادر شمال البلاد الأسبوع الماضي واجتمع مع حكّام تلك الولايات وطلب منهم اتخاذ إجراءات صارمة من أجل توفير الحماية للمشاريع الاقتصادية.

حضور استراتيجي في المنطقة

بالإضافة إلى المصالح التجارية والاقتصادية، تحاول بكين الحفاظ على حضور استراتيجي في المنطقة، وتحديدًا في أفغانستان، لكن لديها مطالب كررها المسؤولون الصينيون أكثر من مرة، منها القضاء على "حركة تركستان الشرقية". هذا المطلب كرره وزير الخارجية الصيني السابق وانغ يي عند زيارته كابول في مارس 2022، وتلقّى تطمينات من «طالبان» بأنها لن تسمح لأحد بالقيام بأي عمل ضد الصين ومصالحها في المنطقة.

بينما يؤكد رئيس نقابة اتحادية ذوب الحديد في أفغانستان «نصير أحمد ريشتيا»، أن الصينيين يدركون أن إحلال الأمن على يد الحركة فرصة جيدة لتنفيذ المشاريع التجارية والاقتصادية في أفغانستان، ومن خلال تلك المشاريع قد تصل بكين إلى مصالحها الاستراتيجية، لافتًا إلى أن بكين تدرك ذلك جيدًا، وهي ماضية في الاستثمار في أفغانستان، وهناك توافقات على استخراج النحاس والنفط، ومشاريع أخرى متوقعة في الفترة المقبلة، لا سيما في مجال استخراج الفحم وتوليد الكهرباء وغيرها، علاوة على تعزيز التجارة والصناعة، ولن تتراجع عن سياساتها حيال أفغانستان.

ويؤكد مراقبون أن المشروعات الصينية مهمة للغاية لأفغانستان، سواء كان في مجال استخراج النفط والنحاس، أو في مجالات أخرى، منوهين إلى أن الحركة الأفغانية تقدّم بعض التنازلات من خلال منح المشاريع للشركات الصينية.

 وينوه هؤلاء إلى أن بكين ترتكب خطأ كبيرًا، إذا اعتمدت على «طالبان» غير المعترف بها دوليًّا، لأن حكومة «طالبان» لن تبقى في الحكم إلى الأبد، إذ تسعى إلى كسب ود المجتمع الدولي لنيل الاعتراف من خلال التبادل مع بكين في الساحة الاقتصادية، موضحين أنه لا مستقبل لهذه الاتفاقات، وعليها ان تتريث لأن المسلحين الإيغور لا يزالون موجودين في أفغانستان، ويتحركون تحت مظلة «طالبان»، كما أن لهم علاقات قوية مع تنظيم «القاعدة».

الكلمات المفتاحية

"