أزمة جديدة.. إعدام «أكبري» وتأثيره على العلاقة الإيرانية البريطانية
إعدام «أكبري»
وفي هذا السياق، ورغم جميع التحذيرات البريطانية ودعواتها للأجهزة القضائية الإيرانية للإفراج عنه، لكن الأخيرة تجاهلت هذه التحذيرات ونفذت صباح 14 يناير 2022، حكم الإعدام الصادر منذ يومين بحق المواطن الإيراني البريطاني «علي رضا أكبري» بتهمة (الإفساد في الأرض والمسّ بالأمن الداخلي والخارجي للبلاد عبر نقل معلومات استخبارية لصالح بريطانيا)، ورغم نفيه لهذه الاتهامات، فإن الأجهزة الإيرانية أفادت وقتها بأن حكم الإعدام نهائي، معتبرة إياه من «أهم عملاء المخابرات البريطانية».
وتجدر الإشارة أنه قبل يوم من تنفيذ حكم الإعدام، ناشد وزير الخارجية البريطاني «جيمس كليفرلي»، ونائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية «فيدانت باتيل»، النظام الإيراني بعدم تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق «أكبري» الذي اعتبروا أنه يأتي وفق «دوافع سياسية» وطالبوا الملالي بالإفراج الفورى عنه.
الجاسوس الخارق
«علي رضا أكبري» يبلغ من العمر 61 عامًا، شغل عدة مناصب بوزارة الدفاع الإيرانية وتحديدًا في عهد الرئيس الإيراني الأسبق «محمد خاتمي» (خلال توليه حكم البلاد بين العامين 1997 و2005)، من بينها، "معاون وزير الدفاع للعلاقات الخارجية" و"مستشار لقائد القوات البحرية" و "رئيس قسم في مركز بحوث وزارة الدفاع"، كما عمل نائبًا لرئيس الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، «علي شمخاني» وزير الدفاع الإيراني الأسبق، وكانت تجمعهما علاقة وثيقة.
ألقي القبض على «أكبري» في 2019، بتهمة العمل كجاسوس لوكالة المخابرات البريطانية (إم آي 6)، ولذلك وصفه المجلس الأعلي للأمن القومي بـ"الجاسوس الخارق"، ورغم أنه قبض عليه في 2019، إلا أن السلطات الإيرانية زعمت أنه لعب دورًا في مساعدة الأجهزة المخابرات الغربية في اغتيال «محسن فخري زادة»، أكبر عالم نووي إيراني وذلك في نوفمبر عام 2020، إذ تتهم الأجهزة الإيرانية "إسرائيل" بتنفيذ عملية الاغتيال هذه.
رفض بريطاني
وقد نجم عن عملية الإعدام هذه رد فعل بريطاني غاضب، إذ أن رئيس الوزراء البريطاني «ريشي سوناك» وصف حكم الإعدام بأنه "عمل همجي"، قائلًا في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، «لقد صدمني إعدام المواطن البريطاني الإيراني علي رضا أكبري في إيران.. كان هذا عملًا قاسيًا وجبانًا قام به نظام هجمي لا يحترم حقوق الإنسان لشعبه»، ومن جهته، قال وزير الخارجية البريطاني «جيمس كليفرلي» في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر»، «هذا العمل الهمجي يستحق الإدانة بأشد العبارات الممكنة، ولن يمر دون رد».
ضربة للداخل والخارج
وحول دلالة إعدام «أكبري»، فقد أوضح الدكتور « مسعود إبراهيم حسن» الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن عملية الإعدام هذه تعد ضربة أمنية للداخل الإيراني فهو شخصية مرموقة وصلت لأعلى المناصب الأمنية والعسكرية، وفجأة تعلن أيران أنه عميل مزدوج، وهو ما يؤكد وجود خلل كبير وهشاشة في النظام الأمني الإيراني، وأن هذا النظام مخترق من أجهزة المخابرات العالمية، وأن فكرة تصدير ايران للقوة أصبحت لا معني لها.
ولفت «إبراهيم حسن» في تصريح خاص لـ«المرجع» أن العلاقة بين إيران وبريطانيا سيئة منذ فترة طويلة وهناك مناوشات كلامية بين الطرفين، وظهر ذلك بشكل واضح وإلى العلن إبان وفاة الملكة البريطانية «إليزابيث الثانية» في سبتمبر الماضي، وسخرية نظام الملالي من وفاة الملكة.
وأضاف أن الجرائم التي ارتكبتها إيران خلال الفترة الأخيرة بحق الشعب الإيراني فضلًا عن أعمالها القمعية بحق المعارضين بالخارج، دفعت بريطانيا للضغط على الدول الأوروبية لفرض مزيد من العقوبات على النظام الايراني ونجحت في أحيان عدة في فرض مزيد من العقوبات على شخصيات ومؤسسات إيرانية، ومن المتوقع أن تسعي لندن لدفع حلفائها الأوروبيين لفرض مزيد من العقوبات، وهو ما يدل على أن القادم في العلاقات الايرانية البرطيانية سيكون أسوأ مما مضي، خاصة فيما يتعلق بملف الاتفاق النووي، لأن بريطانيا عنصر فاعل في مجموعة 5+1 وهو ما سيؤثر على الوصول لاتفاق بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي في فيينا التي أصابها "الجمود السياسي" خلال الفترة الأخيرة.





