ad a b
ad ad ad

فخ النيجر.. أوروبا تسعى لاصطياد الدب الروسي في الأدغال الإفريقية

السبت 14/يناير/2023 - 07:59 م
محمود البتاكوشي
طباعة
تكثف دول الاتحاد الأوروبي، من محاولاتها للتقارب مع النيجر في الفترة الأخيرة لتحجيم النفوذ الروسي في الساحل الإفريقي، حيث أجرت كرستين لامبرخت وزيرة الدفاع الألمانية، زيارة إلى العاصمة النيجرية، نيامي، وعقدت لقاءات مكثفة مع المسؤولين هناك، وعلى رأسهم محمد بازوم، رئيس النيجر، وأكدت عقب ذلك أن برلين ستلعب دورًا كبيرًا في المهمة العسكرية الجديدة التي يخطط الاتحاد الأوروبي لتشكيلها في النيجر، والتزام بلادها بالاستمرار في دعم جهود مكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي، وأنها لن تترك المنطقة بمفردها.

مهمة جديدة   

تأتي هذه الزيارة بعد أيام قليلة من اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لبحث ملف المهمة العسكرية الجديدة التي يستعد الاتحاد الأوروبي لإرسالها إلى النيجر، مطلع 2023، كما تم اعتماد تشكيل بعثة شراكة عسكرية لسياسة الأمن والدفاع المشترك لتعزيز قدرات القوات النيجرية في احتواء التهديدات الإرهابية وتأمين المدنيين وتوفير بيئة مستقرة في البلاد.

وكانت تقارير غربية أكدت أن بروكسل تخطط لإرسال بعثة عسكرية جديدة في نيامي، لتعزيز القدرات العسكرية للنيجر في مواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة في الساحل الأفريقي، وألمحت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إلى أن هناك نحو 200 – 250 جنديًّا ألمانيًّا يشاركون في المهمة العسكرية المرتقبة لبروكسل في النيجر.

ألمانيا هناك  

كانت ألمانيا أرسلت مهمة تدريب إلى النيجر منذ عام 2018، تحت مسمى عملية الغزال، لتدريب القوات الخاصة النيجرية، ويقدر عدد هذه المهمة بحوالي 150 جنديًّا ألمانيًّا، ويفترض أن تنتهي بنهاية ديسمبر 2022، وذلك بعدما تم الاتفاق على تمديدها أثناء زيارة المستشار الألماني، أولاف شولتز، إلى النيجر، في مايو الماضي.

تعكس المهمة العسكرية الأوروبية المرتقبة في النيجر، والمساهمة الكبيرة المتوقعة من قبل ألمانيا فيها، دلالات مهمة بشأن تلاقي المصالح الغربية مع نيامي، لتعزيز الانخراط في النيجر أحد ملامح التعويل الغربي الحالي على الأخيرة في جهود مكافحة الإرهاب في الساحل، بعدما ظلت مالي لفترة طويلة تشكل نقطة الارتكاز الرئيسة للقوى الغربية في هذه المنطقة، وهو ما يعكس أهمية نيامي في إطار الإستراتيجية الغربية الرامية إلى إعادة نشر القوات الأوروبية في الساحل، لمواجهة النفوذ الروسي والصيني المتنامي في المنطقة.

عرقلة الدب الروسي

تعكس التحركات الأوروبية، في النيجر، قطع الطريق على التمدد الروسي هناك، مما ينذر بتحول الأخيرة إلى ساحة تنافس جديدة بين القوى الغربية وموسكو، الأمر الذي ربما ينعكس في تأجيج المشهد الأمني في النيجر، لاسيما مع تصاعد وتيرة السخط الداخلي في نيامي من الوجود الفرنسي هناك، حتى أن التقارير الغربية حذرت من احتمالات امتداد موجة الانقلابات العسكرية إلى النيجر.

تثير التحركات الأوروبية الراهنة في الساحل تخوفات عدة بشأن غياب رؤية أوروبية مشتركة تجاه هذه المنطقة، وهو ما انعكس في التحركات المنفردة للقوى الأوروبية، ومساعي كل منها لتأمين احتياجاتها من الطاقة وغيرها من الثروات المعدنية، بالإضافة إلى تعظيم مصالحها ومكتسباتها هناك بشكل فردي.

وأشارت بعض التقارير الغربية إلى تنسيق ألمانيا وإيطاليا لتحركاتهما في غرب أفريقيا، مقابل التحركات الموازية التي تنتهجها باريس في هذه المنطقة، كما بدأت بريطانيا اتخاذ خطوات منفردة لزيادة حضورها في القارة الأفريقية بشكل عام، بالتوازي مع التوجهات الأمريكية الحالية الساعية إلى استعادة نفوذها في القارة، وبالتالي يمكن أن تهدد غياب الرؤية المشتركة فاعلية الحضور الغربي، لا سيما الأوروبي، في غرب إفريقيا، خاصةً مع تنامي الحضور الروسي والصيني هناك.

جدير بالذكر أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، كان قد أعلن عن دعم واشنطن لجهود نيامي في مساعيها الحالية لمكافحة التنظيمات الإرهابية، مؤكدًا تطلع الولايات المتحدة لاستمرار الشراكة الثنائية مع النيجر في تعزيز النمو الاقتصادي الشامل لنيجيريا ودول الساحل.

وكان بلينكن قد عقد اجتماعًا مع كل من الرئيس النيجري، محمد بازوم، ورئيس بنين، باتريس تالون، على هامش القمة الأفريقية – الأمريكية التي استضافتها واشنطن مؤخرًا، حيث تم التوقيع على ميثاق إقليمي مشترك بغية تعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي، وتعزيز أهداف منطقة التجارة الحرة الأفريقية، والعمل على إعادة تأهيل الطرق الرئيسة بين نيامي وكوتونو.

كذلك قام نائب قائد فرقة العمل الأوروبية الجنوبية للجيش الأمريكي في إفريقيا، الجنرال بريان كاشمان، بزيارة إلى النيجر، خلال الفترة 1 – 6 ديسمبر 2022، وأجرى مباحثات مطولة مع قادة الجيش النيجيري والعسكريين الأمريكيين الموجودين في نيامي، لبحث سبل تعزيز التعاون الأمني والعسكري. وأكد كاشمان خلال زيارته أهمية النيجر للولايات المتحدة كشريك في مواجهة المنظمات الإرهابية في الساحل.

يذكر أن واشنطن تحتفظ بنحو 800 جندي لها في النيجر، يتوزعون على عدة مناطق، أبرزها القاعدة الجوية 201 وسط النيجر بالقرب من أغاديز، وهي تشكل مركزًا لوجستيًّا للقوات الجوية الأمريكية، بالإضافة لذلك هناك معسكر أغالي بجنوب غرب النيجر، قرب دوسو.
"