«داعش» يوقظ ذكريات العشرية السوداء في أذهان الجزائريين

بالرغم من إعلان الجزائر المستمر، عدم وجود عناصر إرهابية أو تنظيمات مسلحة في البلاد، فإن الكشف الأخير عن تفكيك شبكة تابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي كانت تخطط لاستهداف شخصيات سياسية وضرب منشآت نفطية، أعاد إلى الأذهان سنوات العشرية السوداء.
والعشرية السوداء هى سنوات من الصراع المسلح اندلعت بين النظام الجزائري وبين فصائل مسلحة تتبنى أفكارًا موالية للجبهة الإسلامية للإنقاذ، بدا منذ ديسمبر عام 1991 وحتى فبراير 2002.
وكشفت السلطات الجزائرية عن إحباط محاولة اغتيال شخصيات مهمة وتنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف اقتصادية ومنشآت نفطية في جنوب البلاد.
وقالت إن المصالح الأمنية نجحت في تفكيك خلية موالية لتنظيم "داعش" ضمت بين عناصرها مقاتلاً عائدًا من سوريا يدعى مراغني الحاج، كان قد التحق عام 2012 بتنظيم حركة "أحرار الشام" وقضى فترة تدريب في معسكر هناك، قبل أن يقرر العودة إلى الجزائر حيث أوقفته السلطات وأحالته على القضاء الذي أصدر في حقه حكمًا بالسجن لثلاث سنوات.
اعترافات مراغني
تحدث العنصر الداعشي "مراغني الحاج"، في اعترافات بثها التلفزيون الحكومي الجزائري، قائلا: إن بعض الصداقات العشوائية التي أنشأها عبر مواقع التواصل الاجتماعي عقب خروجه من السجن عام 2016، أدت به إلى الاتصال بشخص تونسي، نجح في إقناعه بالعودة إلى تنظيم "داعش" ونقل النشاط إلى الجزائر.
وأضاف، أن "داعش" رتب له اتصالات في سبتمبر 2022، مع جماعة "ولاية غرب أفريقيا" التابعة لـ"داعش"، وقام رفقة عدد من العناصر بـ"أداء البيعة" وتوثيقها عبر فيديو أُرسل إلى مسؤولي التنظيم، لينطلق في العمل على مخططات المجموعة المسلحة، ومن ضمنها إقامة منطقة اتصال آمن مع التنظيم في منطقة "التاسيلي" بجنوب الجزائر، وضرب المنشآت النفطية المنتشرة في المنطقة الصحراوية، إضافة إلى استهداف مسؤولين بالدولة في الجزائر العاصمة، غير أن كل المخططات باءت بالفشل بعدما ألقى الأمن الجزائري القبض عليه إثر تتبع اتصاله بشاب آخر عبر موقع التواصل "فيسبوك".
عودة مشاهد العنف إلى الأذهان
صنعت اعترافات الحاج الحدث، لا سيما أنه للمرة الأولى تقدم فيها السلطات للرأي العام مقاتلاً جزائريًّا عائدًا من سوريا، على اعتبار أن الأرقام الرسمية تتحدث عن 100 جزائري التحقوا بتنظيم "داعش" في سوريا، أغلبهم من الشباب المهاجرين المقيمين في دول غربية، كما أعادت إلى الأذهان مشاهد العنف والدمار التي عرفتها البلاد خلال سنوات التسعينيات من القرن الماضي، ما خلق نوعًا من التخوف لدى فئات من المجتمع على الرغم من التطمينات الرسمية.
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقابلة مع جريدة "لو فيجارو" الفرنسية، أبرز أن الإرهاب أصبح من الماضي ولم يعد يشكل أي خطر على الجزائر، متأسفا لرفض الغرب الاعتراف بذلك.
ويرى مراقبون أن "داعش" يعتبر تهديدًا جديًّا للوضع الأمني في الجزائر إذا لم تأخذ الدولة كل الاحتياطات وتقوم بعدة إجراءات وقائية منها الأمن الفكري ضد الدعاية الدينية المضللة لهذا التنظيم والانتباه إلى نشاطاته السرية، وإلى الأساليب الجديدة التي أصبح يتبعها في الاختراق والتسلل وتجنيد المتطوعين ضمن صفوفه.
كما أن مساحة الجزائر والحدود الطويلة وتنوع التضاريس من صحراء وسلاسل جبلية تعتبر معطيات مغرية للتنظيم، وهو ما يتطلب تعاونا أمنيا واستخباراتيا داخليا ومع دول الجوار، ووعيا شعبيا بأهداف وخطط هذا التنظيم في تقويض واستهداف الدول التي لها ميل للتأكيد على سيادتها الوطنية، بحسب المراقبين.
ووقعت أول عملية لتنظيم "داعش" في الجزائر في 21 سبتمبر 2014، إثر إعلانه عن اختطاف الفرنسي "إيرفي غوردال" ثم إعدامه، لكن رد الجيش الجزائري حينها جاء سريعًا وقضى على مؤسس وزعيم "داعش" في الجزائر بعد ثلاثة أشهر من الحادث، لتتوالى الضربات ضد التنظيم ويتم حصر دائرة تحركه على الرغم من محاولته العودة عبر عمليات معزولة أبرزها استهداف ضابط شرطة في مدينة قسنطينة بشرق البلاد في أكتوبر 2016، الأمر الذي جعل المتابعين يؤكدون فشل التنظيم بإيجاد موطئ قدم له في البلاد.