ad a b
ad ad ad

رسالة ضمنية لواشنطن.. تقارب روسيا مع بوركينا فاسو وخطره على الوجود الغربي

السبت 31/ديسمبر/2022 - 06:19 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
تشهد المرحلة الحالية تقاربًا كبيرًا بين بوركينا فاسو وروسيا، بالتزامن مع حالة التوتر بين البلد الأفريقي ودول القارة العجوز، وأكبر دليل على ذلك الزيارة السرية التي قام بها أبولينير كيليم دي تامبيلا، رئيس وزراء بوركينا فاسو، إلى العاصمة الروسية موسكو، خلال شهر ديسمبر 2022، وذلك بالتزامن مع خطاب إبراهيم تراوري، رئيس بوركينا فاسو الانتقالي، بمناسبة الذكرى الـ62 لاستقلال واجادوجو، الذي أكد فيه أن عملية الاستقلال التام لبوركينا فاسو قد بدأت فعليًّا في سبتمبر 2022، في إشارة إلى توقيت توليه السلطة بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح من خلاله بالكولونيل، بول هنري ساندواغو داميبا، وهو ما يحمل رسائل ضمنية إلى دول القارة العجوز، لا سيما أن داميبا كان يحظى بدعمهم، وذلك في الوقت الذي يعتبر فيه تراوري من الموالين لموسكو.

تقارب منطقي

جاءت زيارة دي تامبيلا إلى موسكو بعد أيام قليلة، من تعثر صفقة أسلحة كانت قد طلبتها بوركينا فاسو من الدول الغربية، لمحاربة العناصر الإرهابية، التي باتت تسيطر على نحو 40% من مساحة البلاد، مما يبدو منطقيًّا معه التوجه والتقارب مع روسيا، التي رحبت بتسليحها لدحر الإرهاب، إذ كان ذلك محور وسبب زيارة رئيس الوزراء البوركيني إلى موسكو.

كما تسعى بوركينا فاسو إلى الحصول على الدعم الروسي، عسكريًّا والاستفادة من خبراته لتدريب الجيش البوركيني والمتطوعين، وخاصة بعد تجنيد نحو 90 ألف شخص من المدنيين المتطوعين، وذلك لدعم جهود الجيش في مكافحة المجموعات الإرهابية.

كما يبدو أن رئيس بوركينا فاسو المؤقت يحاول تجنب تكرار محاولات الانقلاب العسكري المتكررة في البلاد، بسبب انقسامات الجيش الداخلية، وربما هدفه الاستعانة بموسكو في تعزيز سيطرته الداخلية، سواء على كافة أجنحة الجيش، أو من خلال تحقيق تقدم ملحوظ في مواجهة الجماعات الإرهابية، خاصةً في ظل محورية العامل الأمني في إثارة السخط الشعبي وتحفيز الانقلابات العسكرية في البلاد.

رسالة ضمنية لواشنطن

كما لا يمكن الفصل بين زيارة رئيس الوزراء البوركيني إلى موسكو والقمة الأفريقية – الأمريكية التي استضافتها واشنطن خلال الفترة من 13 وحتى 15 ديسمبر 2022، حيث شهدت هذه القمة غياب بوركينا فاسو، والتي لم يتم توجيه دعوة لها من قبل الولايات المتحدة لحضور القمة، وبالتالي يمكن أن تستهدف زيارة الوزير البوركينابي إلى موسكو رسالة ضمنية إلى الإدارة الأمريكية، مفادها وجود بديل آخر يمكن أن تلجأ إليه واجادوجو، كما تعكس جملة من الارتدادات المحتملة، التي ربما تفرزها هذه الزيارة، إذ قد ينتج عنها التعاقد مع شركة فاجنر الروسية لدعم جهود قوات بوركينا فاسو في مواجهة الجماعات الإرهابية، على غرار الاتفاق الذي كانت أبرمته مالي مع الشركة الروسية قبل نحو عام.

ويعزز ذلك الاتفاق الذي وقعته حكومة بوركينا فاسو، في 7 ديسمبر الجاري، مع شركة نورد جولد يميوجو إس إيه الروسية، لتشغيل منجم ذهب في بلدة كورسيمورو بمقاطعة سانماتنجا الذي يعد من أكبر المناجم الأفريقية، إذ يبلغ إنتاجه نحو 2.53 طن من الذهب.

بالرغم من ذلك تزعم التقديرات الغربية أن الدعم الروسي لبوركينا فاسو سيكون محدودًا، بسبب انشغال روسيا بالحرب الأوكرانية، غير أنه من المعروف أن موسكو تقوم بدعم الدول الأفريقية عسكريًّا من خلال شركة فاجنر الروسية، فضلًا عن إبرام بعض صفقات الأسلحة للحكومات الصديقة، لتعزيز قدراتها في التعامل مع المجموعات الإرهابية، كما حدث من قبل مع مالي، لذا تحاول الدول الأوروبية تشكيل تكتلات إقليمية جديدة تعزز من المصالح الغربية في هذه المنطقة، في مواجهة التمدد الروسي هناك، إذ تسلمت توجو مؤخرًا صفقة أسلحة روسية، تتكون من 3 مروحيات روسية طراز مي 35، مما يؤكد وجود تحركات دولية بغرب أفريقيا، وزيادة الاستقطاب الإقليمي في المنطقة.
"