تشابك المصالح يدفع لاتفاق استخباراتي «صومالي ــ إثيوبي» ضد إرهاب «الشباب»
الإثنين 14/نوفمبر/2022 - 03:57 م
أحمد عادل
تشهد العلاقات "الصومالية ــ الإثيوبية" تطورًا جديدًا وتقاربًا ملحوظًا بعد أن مرت بفترات سابقة من التوتر وعدم الانسجام في المصالح، إذ أبرم الجانبان مذكرة تفاهم في مجال التعاون الاستخباراتي، في وقت تواصل فيه قوات الجيش الصومالي حربها على حركة «الشباب» الإرهابية في مختلف أنحاء البلاد.
وقالت «وكالة الأنباء الصومالية الرسمية» إن المذكرة التي تم توقيعها، السبت 5 نوفمبر الجاري، في العاصمة مقديشو، بين مهد صلاد المدير العام بجهاز الأمن الوطني والاستخبارات الصومالي، وسيساي تولا نائب مدير وكالة المخابرات الإثيوبية، تستهدف تعزيز التعاون وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والجهود المشتركة لمواجهة ظاهرة الإرهاب.
بدوره، جدّد رئيس ولاية هيرشبيلي الصومالية، علي غودلاوي حسين، عزم الجيش الوطني، على تصفية ما وصفها بـ«فلول ميليشيات الخوارج» من المناطق التابعة للولاية كافة، موضحًا في تصريحات، أن الميليشيات الإرهابية هُزمت في القتال الجاري في إقليمي هيران وشبيلي الوسطى، كما لفت إلى تعرض المتمردين للتصفية والمطاردة على أيدي قوات الجيش والثوار المحليين، مشيرًا إلى أن الولاية تعمل على استعادة القرى والمناطق الريفية كافة.
تشجيع القوات المسلحة على مواجهة الإرهاب
من جهة أخرى وصل عبدالفتاح قاسم، نائب وزير الدفاع الصومالي، إلى الجبهات الأمامية للقتال؛ بمنطقة هيران بولاية هيرشبيلي، من أجل تشجيع القوات المسلحة على تحرير المناطق القليلة المتبقية من أيدي الخلايا الإرهابية.
وكانت وزارة الدفاع الصومالية أعلنت أن قوات الجيش وميليشيات عشائرية متحالفة معها قتلت مائة على الأقل من مقاتلي «الشباب» في اشتباكات عنيفة بمنطقة هيران بوسط البلاد، بعد أيام من تفجيرين أسفرا عن مقتل ما لا يقل عن 120 شخصًا في العاصمة.
ونشرت قناة على «تليجرام» مرتبطة بالجيش الوطني الصومالي، الجمعة 4 نوفمبر 2022، صورًا تظهر فيها عشرات الجثث، تزعم أنها لمقاتلين من «الشباب»، التي ادعت أنها قتلت عشرات من جنود الجيش ومقاتلي الميليشيات العشائرية في اشتباكات ضارية يوم الخميس.
وأعلنت الحركة الإرهابية التابعة لتنظيم «القاعدة» مسؤوليتها عن تفجير سيارتين ملغومتين أمام وزارة التعليم في مقديشو يوم 29 أكتوبر 2022، في الحادث الأكثر دموية منذ انفجار شاحنة ملغومة أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص في الموقع نفسه قبل خمس سنوات.
وقتلت الجماعة المتشددة عشرات الآلاف من الأشخاص في تفجيرات منذ عام 2006 في معركتها لإطاحة الحكومة المركزية الصومالية، وفي سبيل مسعاها لتطبيق تصورها عن الشريعة الإسلامية.
وتتعرض حركة «الشباب» الإرهابية لضغوط منذ أغسطس 2022، حين بدأ الرئيس حسن شيخ محمود حملة منسقة ضدها بدعم من الولايات المتحدة وميليشيات عشائرية.
ركائز العلاقات الصومالية الإثيوبية
بالعودة إلى العلاقات الصومالية الإثيوبية فقد مرت بمنعطفات عديدة ساهمت القوى الاستعمارية فيها بدور كبير بسبب الحدود العشوائية التي وضعتها دون مراعاة لمصالح الشعوب، الأمر الذي خلق مشكلات حدودية ألقت بظلالها على تلك العلاقة.
وكان إقليم أوجادين سببًا في حربين كبيرتين بين إثيوپيا والصومال خلال فترتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. كما تدخل الجيش الإثيوبي رسميًّا في نهاية عام 2006 لمساندة الحكومة الصومالية وهزيمة قوات المحاكم الإسلامية التي سيطرت على قسم كبير من وسط وجنوب الصومال، وبررت إثيوبيا هذا التدخل بأن المحاكم الإسلامية تهدد أمنها. وفي مرحلة تالية باشرت إثيوبيا خطة لسحب قواتها بالكامل من الصومال.
وفي عام 2011 انطلقت عملية عسكرية دولية منسقة للقضاء على حركة الشباب في جنوب الصومال، وشاركت القوات المسلحة الإثيوبية لاحقًا في هذه المهمة.
وأفاد وقتها مفوض الاتحاد الإفريقي للأمن والاستقرار رامتان لامارما بأن التعزيزات العسكرية الإضافية المستقدمة من إثيوبيا والاتحاد الإفريقي آنذاك ساهمت في مساعدة القوات الصومالية على زيادة رقعة سيطرتها تدريجيًّا.
واقع الأمر أن العلاقة بين الصومال وإثيوبيا تستند إلى ركائز عديدة تنعكس على المصالح المشتركة للبلدين، كما تتشابك وتتقاطع في خطوط عديدة تجمع فيما بينهما.
وتأتي علاقة الجوار على رأس تلك الركائز، حيث تشترك إثيوبيا مع الصومال في أطول حدود لها بين حدودها مع دول الجوار الست في منطقة القرن الإفريقي.
كما تدعم إثيوبيا طلب الصومال من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برفع حظر السلاح المفروض على البلاد منذ أكثر من 30 عامًا، لتمكين القوات الصومالية من تحرير بلادها من الجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن بالبلاد.
وتسعى إثيوبيا باعتبارها قوة كبرى في منطقة القرن الإفريقي لتحقيق أهداف حيوية، من خلال توطيد علاقتها بجارتها الصومال.





