ad a b
ad ad ad

مستقبل قاتم ينتظر الإخوان.. وفاة إبراهيم منير تعمّق انقسامات الجماعة

السبت 05/نوفمبر/2022 - 12:25 م
المرجع
محمود محمدي
طباعة

على نحو غير مسبوق في تاريخها منذ أن تأسست في 1928، تشهد جماعة الإخوان في السنوات الأخيرة حالة من الانشقاق والتصدع تتزايد يومًا بعد يومٍ، منذ بداية عهد إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية، والذي تُوفي يوم الجمعة 4 نوفمبر، عن عمر ناهز 85 عامًا، خلال إقامته في العاصمة البريطانية «لندن».


بداية الانشقاقات


في 28 سبتمبر عام 2020 ألقت السلطات المصرية القبض على محمود عزت القائم بعمل المرشد، ما كشف التخبط والخلافات داخل الجماعة؛ حيث كان محمود حسين عضو مكتب الإرشاد أمين عام التنظيم، يرى أحقيته بمنصب القائم بأعمال المرشد، إلا أن المنصب كان من نصيب إبراهيم منير الذي كان يشغل أمين عام التنظيم الدولي، ويتعارض هذا الاختيار مع لائحة التنظيم الداخلية التي لا تجيز تولية مرشد للتنظيم خارج القطر المصري.


الانشقاقات التي نشبت داخل الجماعة في عهد محمود عزت عام 2016 بسبب الخلافات الإدارية والتنظيمية مع محمد كمال عضو مكتب الإرشاد، الذي تولى رئاسة اللجنة الإدارية العليا، المنوط بها إدارة شؤون الجماعة داخل مصر والتي كانت بديلا لمكتب الإرشاد، حيث قرر كمال ممارسة مهامه دون العودة إلى محمود عزت.


انشقاقات الإخوان زادت بقوة في عهد إبراهيم منير، بداية من الخلافات المستمرة مع جبهة محمود حسين، حيث أعلن «منير» فور القبض على محمود عزت، إلغاء منصب أمين عام الجماعة الذي يشغله محمود حسين، حتى يمنع أحقية "حسين" بتولي منصب القائم بأعمال المرشد، في المقابل أعلن مجلس شورى الإخوان قراره بإعفاء إبراهيم منير من منصبه، والاكتفاء بدوره في إدارة شؤون التنظيم الدولي، وهو ما حدا بالأخير بتحويل أعضاء المجلس الذين اتخذوا هذا القرار للتحقيق.


وفي تطور آخر للصراع، أعلنت جبهة محمود حسين في ديسمبر 2021، عزل منير رسميًّا وتشكيل لجنة للقيام بمهام القائم بعمل مرشد الجماعة، وقالت الجبهة في بيان رسمي: إن مجلس الشورى العام اجتمع وقرر تشكيل لجنة مؤقتة باسم اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام من بين أعضائه، فيما ردت جبهة لندن آنذاك، بأن إبراهيم منير هو القائم بأعمال المرشد والمعبر عن مؤسسات التنظيم، وقالت الجبهة في بيان صدر في 29 يناير 2022: «إنّ كلَّ من خرج عن الصف، وكلَّ من أسهم في شق الجماعة وترديد الافتراءات الكاذبة ليس من الجماعة، معلنة أنّها قررت بطلان ما يُسمّى باللجنة القائمة بعمل المرشد التي يمثلها مصطفى طلبة».


تيار ثالث


انقسام الجماعة إلى جبهتين الأولى بقيادة محمود حسين في إسطنبول، والثانية بقيادة إبراهيم منير في لندن، لم يكن نهاية المطاف في طريق الانشقاقات والانقسامات التي كشفت هشاشة وضعف الهيكل التنظيمي للجماعة؛ جراء الضربات الأمنية المصرية المتلاحقة التي تلقتها الجماعة ما أفقدها توازنها وقدرتها على التخطيط وإدارة شؤونها الداخلية، وحل الصراعات التي لم تكن ظاهرة بمثل هذه القوة خلال عشرة عقود عاشتها الجماعة، إلى أن وصلت إلى تلك المرحلة من الانشقاقات التي تنذر بانتهاء آجل ونهائي للجماعة.


قبل أسابيع قليلة، وفي تطور جديد ولافت، أعلنت جبهة ثالثة عن نفسها في جماعة الإخوان باسم «تيار التغيير» ووصفت نفسها بالفئة المحافظة على تعاليم حسن البنا وسيد قطب، وعقدت مؤتمرًا عامًّا في تركيا تحت شعار «على عهد الشهيد»، للإعلان عن نفسه، وإصدار ما يُعرف بالوثيقة السياسية.


هذه الجبهة التي بدأت نشاطها بشكل سري منذ عام، انتقدت ممارسات الجبهتين المتنازعتين، داعية إلى استعادة الأدوار القيادية للشباب داخل التنظيم في المستقبل، ويتولى قيادة هذا التيار محمد كمال، مسؤول الخلايا النوعية «العمليات الإرهابية» في التنظيم.


نظرة عامة.. الحالة الراهنة لتنظيم الإخوان


يعاني تنظيم الإخوان الإرهابي من حالة من الصراع والانهيار الهيكلي، لا سيما مع تصاعد التراشقات والبيانات المؤكدة لوجود مخالفات مالية وانفراد بقرار الجماعة، وهو ما عزز حالة الانقسام بين مكتبي التنظيم في لندن وإسطنبول، والمواجهات الدائرة بين الطرفين عبر منصات التواصل الاجتماعي والقنوات التابعة للتنظيم، فضلًا على أن القبض على محمود عزت قضى على التماسك الهش والرمزية الزائفة التي تدّعيها الجماعة، وباتت قيادات الجماعة إما ملاحقة بتهم تورط فيها التنظيم، أو آخرين هاربين بالخارج فقدوا ثقة من تبقى من إخوان بالخارج.


كما تواجه جماعة الإخوان ظروفًا مالية غاية في التعقيد؛ فمع نجاح الاستراتيجية المصرية لتجفيف وملاحقة عمليات تمويل الأنشطة الإرهابية سقطت العديد من شبكات إدارة التدفقات المالية لعناصر التنظيم، إلى جانب وضع أموال التنظيم تحت رقابة المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها لجنة حصر أموال الإخوان، ما جعل إخوان الداخل يعانون من غياب التمويل الخارجي، وبدأ تنظيم الإخوان في استصدار فتاوى تحرم إرسال الزكاة إلى مصر؛ لتوفير تدفقات مالية وتوزيعها على أعضاء الجماعة الهاربين، وفقًا لموقع «العربي الحديث».


إلى ذلك، فإن اتجاهات شباب التنظيم باتت تمثل خروجًا على ثوابت العمل السوري وعضوية الجماعة، وأبرزها مبدأ السمع والطاعة، حيث أدرك الشباب أن صقور الجماعة استخدموهم لتحقيق مصالحهم، وتخلوا عنهم بعدها، وبذلك فقد التنظيم ميزة جوهرية «السمع والطاعة» طالما اعتمدها في توظيف عناصره لتحقيق أهدافه، وإخضاعهم للمستويات القيادية.


مستقبل الجماعة بعد وفاة إبراهيم منير


الصراع بين مكاتب التنظيم على من يحصد إرث "المرشد" سيتصاعد، وهي مرحلة قد تطيح بالهيكل القائم للإخوان، وتحيلهم إلى حالة أكثر هشاشة وانهيارًا، حيث يعاني تنظيم الإخوان من عدة تحديات هيكلية تعصف بكيان التنظيم، وتتعدد أوجه تلك الإشكاليات بين صراعات وتجاذبات أجنحة الجماعة، كذلك سقوط قيادات الإخوان بالداخل المصري في قبضة الأمن وجهات التحقيق.


كما أن الصراعات الشديدة داخل الجماعة قد تؤدي إلى انهيارها، وهو أمر قد يؤدي بدرجة أو بأخرى إلى تشقق الجماعة إلى فرق عدة، ما يؤدي في النهاية إلى تفككها وانهيارها، إلا إذا استغلت جبهة «حسين» وفاة إبراهيم منير في إحكام السيطرة على فرع التنظيم في لندن، وهو الأمر الذي يصعب على الجماعة تنفيذه، خاصة بعد تطور الخلافات بين عناصر الجبهتين، وتبادل الاتهامات بالخيانة والعمالة وسرقة أموال الجماعة.

"