ad a b
ad ad ad

سيناريوهات التصعيد التركي ضد اليونان حول جزر بحر إيجة

الأحد 09/أكتوبر/2022 - 12:41 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
حالة من التوتر تسود العلاقة بين كل من تركيا واليونان بسبب الأزمة التاريخية حول ملكية جزر بحر إيجة على طول سواحل البحر المتوسط، بعد فترة من الهدوء النسبي خيمت على علاقتهما، إذ شهدت الأسابيع الماضية تصعيدًا في حدة التصريحات والتهديدات المُتبادلة بين البلدين، لاسيما تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أكثر من مناسبة مؤخرًا، وهى التي تدق ناقوس الخطر، وتنذر بتصعيد عسكري.

استدعاء أتاتورك

كان الرئيس التركي اتهم اليونان مؤخرًا باحتلال جزر بحر إيجة، مهددًا بإمكانية شن عمل عسكري ضد أثينا في أي لحظة، واستشهد بمعركة إزمير عام 1922، عندما طرد مؤسس الجمهورية التركية كمال أتاتورك، اليونانيين في حربه لتحرير تركيا الحديثة، قائلًا: «قد نأتي فجأة ذات ليلة، على حين غرة»، وهي عبارة طالما استخدمها أردوغان قبل إطلاق العمليات العسكرية في سوريا والعراق.

وفي المقابل، وجه وزير خارجية اليونان، نيكوس ديندياس، ثلاثة خطابات لكل من حلف شمال الأطلنطى "ناتو" والاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة، ضد تركيا بسبب تهديدات "أردوغان"، مُطالبًا بإدانتها، ووضع حد لها قبل أن تتحول المنطقة إلى ساحة حرب مفتوحة بين البلدين.

يشار إلى أن جزر بحر إيجة تنغص العلاقات بين تركيا واليونان، منذ الحرب العالمية الأولى، وزادت من حدتها وأهميتها بعد اكتشافات الغاز في البحر المتوسط وحرمان تركيا من نصيبها في الطاقة بسببها، وزادت أهميتها بعد الحرب الروسية الأوكرانية، التي أدت لأزمة عالمية، فضلًا عن أن تركيا لليونان بتسليح جزر بحر إيجة، وعدم التزامها بالاتفاقيات الدولية، لوزان عام 1923، وباريس عام 1947، والتي تعتبر جزر بحر إيجة الواقعة تحت السلطة اليونانية على طول سواحل تركيا، منطقة منزوعة السلاح.

خطاب عدواني

من جانبها، أكدت المفوضية الأوروبية، أن الخطاب العدواني التركي ضد اليونان غير مقبول، ويتعارض مع جهود خفض التصعيد في منطقة شرق المتوسط، التي دعت إليها مُخرجات المجلس الأوروبي في يونيو 2022.

وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 12 سبتمبر الماضي، لرئيس وزراء اليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس، دعم باريس الواضح والحازم له في مواجهة تهديدات تركيا، قائلًا نرفض الملاحظات التركية التي تشكك في سيادة اليونان، فيما تتعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع الموقف بحذر شديد خاصة وأن دعم واشنطن لأثينا يعبر عن ازدواجية سياستها تجاه مسألة تسلح اليونان كعضو في حلف الناتو بمنظومة الدفاع الروسية إس -300، في مقابل فرض عقوبات على تركيا لشراء منظومة الدفاع الروسية إس - 400، وإخراجها من مشروع مقاتلات إف - 35، تحت مبرر أن شراء منظومة الدفاع الروسية يتعارض مع البنية العسكرية لدول الناتو، وأن اليونان لم تُفعل تلك المنظومة. 

علاوة على وقف الولايات المتحدة مشروع تزويد تركيا بمقاتلات إف-16، وربط استكمال هذا المشروع بشرط تعهد أنقرة بعدم انتهاك الحدود الجوية التي تعتبرها اليونان تحت سيادتها.

سيناريوهات محتملة

وفق المعطيات السابق ذكرها يوجد سيناريوهان، الأول عدم التصعيد العسكري، واللجوء إلى الحوار، وهو الأقرب للواقع لعدة اعتبارات، أهمها أن هذا النوع من التصعيد لن يكون في مصلحة أي طرف في الأزمة، خاصةً في ظل ما تشهده المنطقة من تحديات أمنية واقتصادية بسبب تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، وهو الأمر الذي يُرجح معه أن تعمل كل من الولايات المتحدة وأوروبا على خفض حدة التوترات بين تركيا واليونان، وحل أزمتهما دبلوماسيًّا عبر الحوار، في ظل الحرص على تماسك حلف الناتو والتحالف الغربي في مواجهة روسيا.

كما أنه سيكون من الصعب على الحكومة التركية أن تُجازف بدخولها في ساحة حرب جديدة، تُكبدها المزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية، خاصةً في ظل استمرار تعزيز اليونان لسلاحها الجوي بأحدث الأنظمة الغربية والإسرائيلية.

كما أن اليونان تدرك أن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يقدموا على اتخاذ موقف مُضاد لتركيا، كما حدث من قبل، عندما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أنقرة في نوفمبر 2019 وفبراير 2020 على خلفية النزاع في شرق المتوسط؛ وذلك في ظل تداعيات حرب أوكرانيا، حيث تُمثل تركيا ورقة مُتاحة للغرب في ملف الغاز، وكوسيط في الأزمة الأوكرانية، وأيضًا حتى لا تقترب أنقرة من موسكو.

أما السيناريو الثاني والأخير وإن كان صعب تحقيقه على أرض الواقع فهو التصعيد العسكري في حال استمرار تصعيد الاتهامات والتهديدات المُتبادلة بين الجانبين التركي واليوناني، خاصة فيما يتعلق بمسألة تسليح جزر بحر إيجة، الأمر الذي تعتبره تركيا تهديدًا لأمنها القومي، فضلًا عن رغبة أردوغان في استثمار التوتر مع اليونان لتعزيز فرصه وحزبه الحاكم في الانتخابات المقبلة.

الكلمات المفتاحية

"