خيرت فيلدرز.. صوت العنصرية ومغذي الجهادية
الأربعاء 27/يونيو/2018 - 06:00 م
محمود رشدي
برز في الآونة الأخيرة تيار شعبوي في أوروبا، ينادي بالقومية والانغلاق على الحدود الجغرافية، وطرد كل الجاليات الأجنبية، مع تشكيكه في أي مؤسسات إقليمية، إذْ يرى أن من أهم أسباب التراجع الاقتصادي، الانضمام إلى مؤسسات تنال من استقلال وسيادة الدولة، وإيواء جاليات أجنبية تُحَمِّل المجتمع الكثير من الأعباء الاقتصادية والمجتمعية، وعلى رأسها الأقلية المسلمة، ويدعو لإنهاء الوجود الإسلامي داخل القوميات الأوروبية.
من هذا التيار حزب الحرية الهولندي، الذي يتزعمه خيرت فيلدرز، والذي ربما اتخذ من اسم حزبه وسيلة لرفع سقف التطاول على الآخرين، خصوصًا المسلمين والإسلام، وليس الأمر بجديد، فهو معروف بكراهيته لكليهما، إلى الدرجة التي أسس فيها حملته لانتخابات البرلمان العام الماضي على تلك الكراهة، التي شملت أيضًا الجاليات العربية، داعيًا إلى إنهاء ما سمّاه «أسلمة» هولندا.
«فيلدرز»، أعلن أخيرًا أن مقر البرلمان الهولندي سيستضيف مسابقة دولية لرسومات كاريكاتورية حول الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن المعرض سيقام نهاية عام 2018، وسيشرف على اللجنة فاو ستين، رسام الكاريكتير المسيء للرسول -صلى الله عليه وسلم- عام 2015 بولاية تكساس الأمريكية، ومنح جائزة.
ليست تلك هي المرة الأولى التي يعلن فيها «فيلدرز»، إهانته المسلمين بهولندا، فقد خضع لمحاكمات قضائية عديدة؛ بسبب خطبه وتوجهاته العنصرية، وأدين عام 2010 لوصفه الإسلام بأنه دين «فاشي»، ومطالبته بحظر القرآن الكريم، مدعيًا أن فيه «أمورًا مريبة»، وذلك في تصريحات نشرها عامي 2006 و2008، في صحف هولندية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفي فيلمه (فتنة) الذي بثه على الإنترنت، والذي أساء به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
وتعهد «فليدرز» أثناء حملته الانتخابية بإنهاء وجود المسلمين،
وطرد الجاليات العربية، وأغلبها من المغاربة، ووعد بفرض حظر على هجرة المسلمين إلى
هولندا، وإغلاق المساجد في البلاد، إذا فاز برئاسة الوزراء.
مرصد الإسلاموفوبيا، التابع لدار الإفتاء المصرية، استنكر في
بيان صحفي، أمس الثلاثاء 26 من يونيه 2018، التصريحات الأخيرة المعادية للإسلام،
رافضًا إقامة مثل تلك المسابقات المسيئة لمقدسات الإسلام والمسلمين، والوقوف ضد
التيارات اليمينية المتطرفة التي تغذي بدعايتها السوداء تيارات العنف والتطرف على
الجانب الآخر.
تجدر الإشارة هنا إلى أن حزب الحرية الذي ينتمي إليه «فيلدرز»،
حصل على 20 مقعدًا في مجلس النواب الهولندي من إجمالي 150 في الانتخابات
البرلمانية، ليأتي في المرتبة الثانية بعد الحزب الحاكم، وساعدت أزمة المهاجرين
واللاجئين إلى أوروبا على تزايد شعبية «فيلدرز»، فبات حزبه متقاربًا مع الحزب
الليبرالي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي، والذي حصل على 33 مقعدًا.
وفي ظلِّ تفشي الحركات الإرهابية وتوسعها بمنطقة الشرق الأوسط،
وتزايد الهجمات على أوروبا، تتكاتف الأجهزة الأمنية لاحتواء خطر العمليات
الإرهابيية، لكن تلك الأصوات الشعبوية المتطرفة تأتي لتبرز صورة الإرهابيين مرة
أخرى داخل المشهد المجتمعي الأوروبي؛ إذْ يبني هولاء المتطرفون جل هجماتهم على
الحرب القائمة من الغرب ضد الإسلام؛ ولذا تمثل تلك الدعاية الخبيثة وقودًا لتنامي
التيارات الراديكالية.
الأمر الذي ينذر أوروبا ومواطنيها بتصاعد التيارات المتطرفة
الإسلاموية، التي تزعم دفاعها عن الأقليات المسلمة، واضطهادها من قبل الجماعات
الكافرة -على حدِّ قولها- والأسوأ من ذلك هو تحول عدد من المسلمين إلى التطرف والعنف؛ نتيجة الشعور بالاضطهاد والاغتراب.





