«مولد السيدة» يشعل الخلاف بين السلفيين والصوفيين
الأربعاء 11/أبريل/2018 - 05:23 م

إسلام محمد وسارة رشاد وحور سامح
ُّجدد الخلاف بين الطرق الصوفية، التي أحيا منتسبوها الليلة الختامية لمولد السيدة زينب بالأمس، ودعاة التيار السلفي الذين كرروا انتقاداتهم للأمر، معتبرين أنه ليس من الدين الإسلامي في شيء.
ودافع عبدالحليم العزمي، المتحدث باسم الطريقة العزمية والأمين العام للاتحاد العالمي للصوفية، عن الاحتفال بالمولد، قائلًا: إن المُريدين ومحبي التصوف، يحضرون إلى موالد آل بيت الرسول بقناعة مفادها أن الله أوصى بأهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- خيرًا، مشيرًا إلى أنهم جاؤوا استجابة لوصية الله ورسوله، وليس من باب الخرافات كما يردد المناهضون للصوفية، وأن المولد حدثٌّ دينيٌّ كبيرٌّ؛ موضحًا أن المشاركين يأتون بغرض الحصول على نفحات روحية تعينهم على أزمات الحياة.
ولفت «العزمي» إلى أن المُريد عندما يأتي إلى مقام السيدة، ويستقر بجواره بضعة أيام يقضيها في الذكر والتعبد، فهو يأخذ جزاء ذلك ثوابًا وراحة روحية، مضيفًا أن الصوفي عبر رحلته في المولد يعلي قيم الصبر والحكمة والمحبة، التي اتصفت بها حفيدة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- كما ينقل ذلك لأهل بيته؛ ما يقوّم حياة أسرته.
وفي رده على اعتراضات التيار السلفي على إحياء الموالد، قال: إن السلفية على وجه الخصوص يجب ألا يتحدثوا عن الصوفية بعدما تكشف أنهم يعملون من أجل أجندة غير دينية، بل لأطراف خارجية تسعى لتفريق الأمة، واصفًا إياهم بالجماعات التي تهدف إلى شق صف الأمة، وتشتيت رأيها.
من جهته عبر الداعية السلفي، وليد إسماعيل، عن رفضه التام لتلك الاحتفالات؛ مشيرًا إلى أن مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- كان معروفًا على عهد الصحابة والتابعين، والنبي وجَّهَنا لطريقة معينة للاحتفال بمولده، ألا وهي صيام يوم الإثنين؛ لقوله عنه إنه «يوم ولدت فيه».
وأضاف أنه في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- نزلت الآية الكريمة عن سيدنا عيسى عليه السلام، التي تقول: ﴿والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيًّا﴾، ومع ذلك لم يحتفل النبي بيوم ميلاد المسيح، كذلك لم يحتفل صحابة النبي بيوم ميلاده؛ فلذلك اعتبره العلماء من الأيام البدعية، وهذه الاحتفالات لم ينزل الله بها سلطانًا ولا في كتاب الله ولا في سنة النبي، ولا احتفل بها الصحابة ولا التابعون ولا تابعو التابعين.
وتابع «إسماعيل» أن كل الموالد ظهرت في عهد الفاطميين عندما احتلوا مصر؛ لرغبتهم في تجميع الناس بالمساجد، التي بها أضرحة لنشر الممارسات الشركية بين الناس، على حد قوله، لافتًا إلى عدم جواز الاحتفال بالموالد شرعًا، وأن الذي يحدث في الموالد من إحضار الراقصات وأجهزة الـ«دي جي» التي تذيع الأغاني، والمزامير، كل ذلك مخالف للشرع، منوهًا بأن الأمر لو كان من الدين لسبَقنا إليه الصحابة أو التابعون على الأقل.
الفتاوى الرسمية
فيما تباينت آراء المؤسسة الدينية الرسمية من شيوخ الأزهر بين تأييد إقامة الموالد ورفضها؛ فالشيخ أحمد حسن الباقورى وزير الأوقاف الأسبق، يقول في كتاب «الفتاوى»: «عرف المستعمرون والمحتلون هذه النقطة من الضعف، فعنوا أول ما عنوا بإقامة الأضرحة والقباب في ربوع البلاد، فانصاع الناس لهم وأطاعوهم راضين»، متسائلًا: كيف يكون الإسلام دين المساوة بين الأحياء، ثم يفرق بين الموتى في أشكال القبور ومظاهرها؟
كما يرى الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر الأسبق، «أن تلك موالد مبتدعة، وأن الدين الحق لا يعرف شيئًا يُقال له مقامات الأولياء، وأن لهم قبورًا كسائر المسلمين يحرم تشييدها وزخرفتها، وتحرم الصلاة فيها، وإليها، وبناء المساجد من أجلها، ومناجاة مَن فيها، يعد خروجًا عن حدود الدين، وعودة لعصر الجاهلية الأولى».
الدكتور حسن مأمون، مفتي الديار المصرية الأسبق، يقول في فتواه التي نشرتها مجلة الإذاعة 7 من سبتمبر 1957: إن تعظيم الأضرحة والتوسل بالموتى من مزالق الشرك، ورواسب الجاهلية، وإن تقبيل الأعتاب ونحاس الضريح حرام قطعًا ومنافٍ للشريعة، وفيه إشراك بالله.
وفي المقابل صدرت عن دار الإفتاء المصرية فتوى برقم 2949، بتاريخ 13 من ديسمبر 2015، تناقض الفتاوى السابقة، وتقول: إن «زيارة مقامات آل البيت والأولياء والصالحين، هي من أقرب القربات وأرجى الطاعات، ومشروعة بالأدلة من الكتاب والسُّنة؛ مثل قول الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾.
وتذكر الفتوى قول سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فيما رواه البخاري: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي»، وقال أيضًا: «ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وآله وسلم فِي أَهْلِ بَيْتِهِ»، وعلى هذا إجماع الفقهاء وعمل الأمة سلفًا وخلفًا بلا نكير، والقول إنها بدعة أو شرك قول مرذول، وكذب على الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وطعن في الدين وحَمَلَتِه، وتجهيل لسلف الأمة وخلفها».