ثمرته هجوم فاكو.. تعاون الجماعات الانفصالية مع الإرهاب في الكاميرون
الأربعاء 14/سبتمبر/2022 - 05:21 م
أحمد عادل
جدد الهجوم الدامي لحركة انفصالية كاميرونية على حافلة، ومقتل 6 أشخاص في فاكو جنوب غرب الكاميرون، الانتباه لمعاناة البلد الواقع على الساحل الإفريقي الغربي من خطر الانفصاليين إلى جانب الجماعات الدينية المتطرفة، وانعكاس هذا على دول الجوار.
وحسب ما أعلنه وزير الإعلام الكاميروني رينيه إيمانويل سادي، فإن الإرهابيين (مصطلح تستخدمه السلطات للإشارة إلى الانفصاليين الناطقين بالإنجليزية) هاجموا حافلة نقل تابعة لشركة جولدن إكسبرس في مويوكا بمقاطعة فاكو؛ ما أدى إلى مقتل امرأة وخمسة رجال، وجرح 8 آخرين.
وتتوزع جماعات العنف على خريطة الكاميرون؛ ففي الجنوب الغربي المعروف باسم «الكاميرون الإنجليزي» ترتع جماعات تسعى إلى فصله بحجة التهميش، وفي الشمال الشرقي المعروف باسم «الكاميرون الفرنسي» تتسلل إليه جماعات إرهابية، مثل جماعة «بوكو حرام» من نيجيريا على حدودها الشمالية الغربية، وتنظيم «داعش» من تشاد على الحدود الشمالية الشرقية.
وأودى العنف الانفصالي في الجنوب خلال مواجهة الحكومة الناطقة بالفرنسية مع الحركات الانفصالية الناطقة بالإنجليزية إلى مقتل الآلاف ونزوح أكثر من 700 ألف شخص، وفق معهد الدراسات الأمنية "ISS".
الهجوم الذي نفذه الانفصاليون في مويوكا يأتي قبيل أيام من ذكرى إعلانهم في الكاميرون الجنوبية ما يسمى بدولة «أمبازونيا» المستقلة، أكتوبر 2017.
وجنوب الكاميرون، أو «أمبازونيا»، والتي يأتي اسمها من خليج جنوب غرب البلاد، تعود بذور أزمتها إلى عام 1858 حين أسس المبشر البريطاني ألفريد ساكر، مستوطنة للعبيد المحررين في الخليج، تسمت باسم «فيكتوريا»، وتنازلت بريطانيا عنها لألمانيا 1887، وبعد هزيمة الأخيرة في الحرب العالمية الأولى قسمت عصبة الأمم البلاد بين الانتدابين الفرنسي والإنجليزي.
وفي وقت لاحق، خيَّرت الأمم المتحدة الجنوب الغربي بين نيجيريا المجاورة أو الشمال الشرقي «الكاميرون الفرنسي»، واختارت الانضمام للأخيرة التي نالت استقلالها 1961، وكانت أكثر تطورًا؛ وهو ما خلق تهمًا لها بتهميش الكاميرون الجنوبي، واندلاع صراع للانفصال.
وتقدر مجموعة الأزمات الدولية (ICG) وجود 10 مجموعات انفصالية تسيطر على مساحة كبيرة من الريف جنوب الكاميرون، أبرزها: مجلس الدفاع في أمبازونيا (ASC)، ومجلس أمبازونيا العسكري (AMC)، وقوات أمبازونيا العسكرية (AMF)، وقوات استعادة أمبازونيا (ARF).
ورغم اختلاف الأيديولوجيا، لكن يجمع حركات انفصالية وحركات دينية إرهابية الاشتراك في تجارة السلاح، واللعب على وتر الصراعات العرقية واللغوية.
وتشكل هذه الظروف ضغوطًا على السلطات الأمنية للبلاد، فمن جهة تشتت القوات بين أكثر من جبهة سواء تمركزات جغرافية مختلفة للإرهابيين أو حركات انفصالية متمردة يحتمل أن تتعاون مع المتطرفين في تداول الأسلحة، وهو ما تركز عليه الحكومة الكاميرونية، ومن جهة أخرى تضغط هذه المتغيرات على ميزانيات الدول لتخصيص موارد لمواجهة أكثر عمقًا لجماعات الإرهاب في المنطقة.
وتسببت فوضى السلاح في تأجيج هذه الصراعات وزيادة معدل الجريمة، ويقدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي التابع لمفوضية الاتحاد الإفريقي أن 120 ألف قطعة من الأسلحة الصغيرة والخفيفة على الأقل متداولة بشكل غير قانوني.
وتنتشر خلايا لتنظيم «ولاية داعش غرب إفريقيا»، في البلاد، فيما تشن «بوكو حرام» هجمات على المدنيين في بلدات أقصى الشمال.
تسعى «الكاميرون» نحو معالجة المتغيرات الداعمة لعدم الاستقرار بداخلها وأبرزها الجماعات الإرهابية المنتشرة على حدودها الإقليمية، والنزعات الانفصالية، إذ تحاول الحكومة اتخاذ خطوات جادة للتعامل مع ملفاتها الشائكة لدعم الأمن، وأبرزها تقويض انتشار الأسلحة بين المتمردين.
احتفلت الحكومة في 19 مايو 2021 بتدمير أسلحة نارية معطوبة حصل عليها بعض المواطنين بصورة غير قانونية، وذلك في إطار الحملة الوطنية لمكافحة الإرهاب، إذ أحرقت السلطات مجموعة من الأسلحة التي سيطرت عليها قوات الأمن إلى جانب شحنات أخرى سلمها طواعية متمردون سابقون في حركات انفصالية وعناصر سابقة في جماعة «بوكو حرام» التابعة لتنظيم «داعش» في نيجيريا بالمنطقة الحدودية بين البلدين.





