هل تنجح سياسة الدمج؟.. تعيين إرهابي منشق وزيرا لأوقاف الصومال
الخميس 18/أغسطس/2022 - 01:09 م
محمود البتاكوشي
أثار قرار تعيين مختار روبو، القائد المنشق عن حركة الشباب الإرهابية، وزيرًا للأوقاف والشؤون الدينية في الحكومة الصومالية الحالية، العديد من التساؤلات، باعتباره كان حتى وقت قريب من العناصر الإرهابية التي تعمل على ضرب استقرار الصومال حتى تم اعتقاله في ديسمبر 2018، بتهمة تنظيم ميليشيا مناوئة للدولة، ومحاولة زعزعة الاستقرار في مدينة بيدوة.
تبني روبو فكرة تغيير نظام الحكم بالقوة، إذ أسس عام 1996 أول معسكر تدريب إسلامي في الصومال في منطقة باكول، كما سافر في عام 2000 إلى أفغانستان وتدرب إلى جانب القاعدة وطالبان لمدة عام تقريبًا، تعلم خلالها تكتيكات حرب العصابات ومهارات صُنع القنابل، والتي قام بتوظيفها في الصومال، كما يُعد من مؤسسي حركة الشباب، بعد انهيار اتحاد المحاكم الإسلامية الذي كان يسيطر على معظم المناطق الجنوبية والوسطى في الصومال، بما في ذلك العاصمة مقديشو، في عام 2006، وكان روبو أول مُتحدث عن حركة الشباب، وترقى في صفوفها إلى أن وصل إلى رتبة نائب زعيم الحركة.
قرار تعيين مختار روبو، وزيرا لأوقاف الصومال، له العديد من الدلالات أولها إصرار الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، على تبني المنظور الناعم لمحاربة الإرهاب، لعله أدرك أن الحل الأمني وحده لا يكفي لتجفيف منابع الإرهاب، واقتلاع جذوره من البلاد، وعليه فإنه يحاول المصالحة وإعادة الإدماج كأسلوب للتخلص من التطرف العنيف، فهو يرى أن تعيين متحدث سابق باسم حركة الشباب في منصب حكومي رفيع المستوى، مثالاً يحتذي به أعضاء الحركة الحاليين لتأكيد إمكانية إعادة إدماجهم في المجتمع، كما أنه قد يكون قادرًا على صياغة رواية مُضادة لحركة الشباب، لأن الرجل يفهم بعمق فلسفتهم وتكتيكاتهم.
يشار إلى أن الرئيس الصومالي الحالي تعهد فور تقلده مهام منصبه، بالعمل من أجل تأسيس صومال متصالح مع نفسه ومع العالم من حوله، وهو ما يُعد تغييرًا في النهج الحكومي، حيث ركز الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو على الدخول في نزاعات سياسية داخل الصومال، والاصطفاف في تحالفات إقليمية في الخارج أضرت بالمصالح الصومالية العليا، لذا تسعى الحكومة الصومالية الجديدة إلى تحقيق المصالحة كجزء من استراتيجيتها لمحاربة حركة الشباب، باعتبارها تحتل أولوية قصوى في برنامج عمل هذه الحكومة.
يعكس تعيين روبو وزيرا لأوقاف الصومال، رغبة النظام الصومالي في الاستفادة من خبراته في معرفة أساليب وتكتيكات حركة الشباب، واستراتيجياتهم وكيف يديرون معركتهم ضد الحكومة الصومالية، كما أن لديه عددًا كبيرًا من الأتباع والمؤيدين في منطقته الأصلية باي وباكول، وهذا ما أكده رئيس الوزراء الصومالي عبدي بري قائلا: «تعيين روبو فرصة لتعزيز القتال ضد حركة الشباب من أجل احتوائهم وهزيمتهم، لاسيما في منطقة روبو الإقليمية، وقد وعد الرئيس حسن شيخ محمود بمحاربة حركة الشباب عسكريا وماليا وعقائديا».
وبالرغم من المعطيات والأسباب السابقة فإن وجود روبو في منصب حكومي رفيع المستوى يثير العديد من المخاوف، إذ يتعلق الأمر بافلات المذنبين من العقاب وعدم شمولية نهج البرنامج الحكومي لمحاربة التطرف العنيف وإدماج المقاتلين السابقين، علاوة على إمكانية تعقيد المشهد الصومالي، إذ قد ينذر بتفاقم الانقسامات داخل منطقة باكول جنوب غرب الصومال، حيث يرى رئيس الإقليم أن روبو منافس سياسي، فضلًا عن عدم وجود استراتيجية متكاملة لإعادة دمج الإرهابيين السابقين، بسبب الاعتبارات العشائرية والدينية والسياسية وهشاشة وضعف مؤسسات الدولة.





