كيف تخلت تركيا عن دعم الفلسطينيين.. العدوان الإسرائيلي على غزة يفضح أردوغان
الأربعاء 17/أغسطس/2022 - 05:32 م
محمود البتاكوشي
«الغاية دومًا تبرر الوسيلة»، هذا الشعار يرفعه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان للوصول إلى أهدافه ومآربه، فهو رغم ترديده الشعارات الإسلامية، وإظهار العداء لإسرائيل، عقد تحالفات مع اللوبي اليهودي في واشنطن، وإسرائيل، منذ ثمانينيات القرن العشرين، وقت أن كان يرأس أمانة حزب «الرفاه» في دائرة «باى أوغلو» بإسطنبول، لذا ليس من المستغرب أن تتقارب العلاقات بين أنقرة وتل أبيب مؤخرًا حتى ولو جاء ذلك على حساب القضية الفلسطينية.
التخلي عن اللهجة العدوانية
تخلت أنقرة عن لهجتها العدوانية واتهامها إسرائيل باغتصاب الأراضي الفلسطينية، ويكفي أن «أردوغان» اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل قبل أن يعلنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بأكثر من عشر سنوات خلال لقائه في القدس عام 2005، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون، الذى رحب به قائلًا: «مرحبًا بك في عاصمة إسرائيل الأبدية»، دون أن يعترض «أردوغان» فهو القائل: «إسرائيل بحاجة إلى بلد مثل تركيا في المنطقة، وعلينا أيضًا القبول بحقيقة أننا بحاجة لإسرائيل».
كما اعترف الرئيس التركي بإسرائيل في اتفاق تطبيع العلاقات الموقع بين أنقرة والقدس في 28 أغسطس 2016، لحل المشكلات العالقة بين الطرفين بسبب حادث سفينة «مافي مرمرة»، حيث تضمنت وثيقة التطبيع، عبارة: «لقد تم هذا الاتفاق في أنقرة والقدس»، بدلًا من عاصمة إسرائيل الحالية تل أبيب! بمعنى أن الاتفاقية جرت بين تركيا وعاصمتها أنقرة وإسرائيل وعاصمتها القدس، ما يعد اعترافًا صريحًا من أردوغان أمام العالم.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حرص خلال الفترة الأخيرة على عدم استهداف السلطات الإسرائيلية بشكل مباشر، ففي تغريدة بتاريخ 19 أبريل 2022، وصف خلال حديثه مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج، جرائم القوات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، بأنها حوادث تسببت فيها بعض الجماعات المتطرفة.
لغة حذرة
ويظهر فحص الصياغة التركية لرسالة «أردوغان» بشأن جرائم القوات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، أنه استخدم لغة حذرة للغاية وتجنب لوم السلطات الإسرائيلية، رغم أنه كان يستخدم في الماضي تعبيرات قاسية مثل القمع والإرهاب والدولة الإرهابية، وذلك في خطاباته حول فلسطين وغزة.
في رسالة أخرى في 12 يوليو 2022، قال رجب طيب أردوغان إنه أبلغ نظيره الإسرائيلي في مكالمة هاتفية بوجود إمكانات كبيرة للتعاون في العديد من المجالات بين البلدين، كما أنه لم يعلق على العدوان الإسرائيلي على غزة مطلع أغسطس الجاري.
وانعكس التغيير في السياسة، بعد التقارب بين أنقرة وتل أبيب في تصريحات الخارجية التركية، كما خففت وسائل الإعلام الموالية لأردوغان من لهجتها ضد تجاوزات الدولة العبرية ولم تتكرر عبارات مثل؛ «إسرائيل القاتلة» و«القمع الإسرائيلي»، والتي كانت تُستخدم كثيرًا من قبل، وعلى رأس وسائل الإعلام تلك «وكالة أنباء الأناضول» الناطقة باسم الدولة التركية، ما أثر سلبًا على القضية الفلسطينية وعُد تخليًا عن الشعب الفلسطيني الذي يناضل لتحرير أراضيه.
كما استقبل الرئيس التركي، مؤخرًا وفدًا من تحالف الحاخامات في الدول الإسلامية، الذي يتآلف من ممثلين من كل من أذربيجان وإيران وأوزبكستان وألبانيا وكازاخستان والإمارات العربية المتحدة وأوغندا، مطالبًا إياهم بمساعدته في تحسين علاقات بلاده مع إسرائيل، ومؤكدًا أن بلاده لم ولن تسمح للأفكار اللاإنسانية مثل العنصرية أو معاداة السامية أو عدم التسامح تجاه الأشخاص من ديانات مختلفة بالانتشار.
كما ذكّر الوفد باليهود الذين تعرضوا للاضطهاد في إسبانيا خلال الحقبة العثمانية وسمح لهم بالفرار إلى الأراضي العثمانية، وهو مثال من التاريخ لا يتوقف المسؤولون الأتراك عن الإشارة إليه لإظهار مدى تسامح تركيا مع الأديان الأخرى.





