اتفاق باماكو في مالي.. السلام الداخلي في مواجهة الإرهاب
الجمعة 12/أغسطس/2022 - 06:39 م

أحمد عادل
اتفقت الحكومة الانتقالية في مالي وحركات إقليم أزواد على تفعيل اتفاق السلام بينهما، بدمج مقاتلي الأخيرة في الجيش والشرطة، وسط مطالب من هذه الحركات بالحصول على حصة في المناصب القيادية.
ووفقًا لبيان مؤسسي «الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، فإنه إن لم تنفذ الحكومة هذه المطالب، قد تذهب الحركات في إقليم أزواد بشمال البلاد لإعلانه دولة مستقلة.

بعد ساعات من توقيع اتفاق باماكو بين الحكومة في مالي والحركات الأزوادية، شهدت البلاد هجومين للقاعدة وداعش على قوات الجيش في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وسينعكس الاتفاق المبرم بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية، إيجابيًّا على الأوضاع ليس في شمال مالي فقط وعلى على كل التراب المالي، ودول الساحل، وسينسق الجبهة الداخلية في مواجهة الجماعات الإرهابية، ويعزز ثقة المجتمع المالي في النظام.
المقاتلون في الأزواد، جزء منهم كان مع الجماعات الإرهابية أو مع الحركات الانفصالية أو قريبة من الحكومة، وقرار السلطات الانتقالية في مالي بدمج عناصر الحركات المسلحة، سيكون لها تأثير كبير على الإرهاب بشكل عام، فجزء من المقالتين المتوقع انضمامهم إلى الجيش المالي، كان منضمًا لتنظيم إرهابي، ولكن دخولهم الجيش الوطني وتسوية وضعه سيكون لمصلحتهم، ويمنح لهم عملًا وراتبًا شهريًّا من قبل المؤسسة العسكرية بما يشكل سحب الأراضي من تحت أقدام الجماعات الإرهابية، وسوف يعزز خطط الحكومة المالية في مواجهة الجماعات الإرهابية، فالاتفاق يمنحهم دعمًا كبيرًا من الجيش الوطني المالي على مستوى التسليح والدعم المالي والمعلوماتي في محاربة الجماعات الإرهابية.
وجاء هذا في ختام اجتماع بين الجانبين، انعقد على مدار أغسطس 2022 في العاصمة باماكو لإعادة إطلاق اتفاق الجزائر للسلام الموقّع 2015، بحضور رئيس الوزراء شوجل كوكالا مايجا، وممثل للوسيط الجزائري.
ويأتي الاجتماع بعد أيام من اجتماع المكتب التنفيذي لتنسيقية الحركات الأزوادية في كيدال، عبّرت الحركات فيه عن استنكارها لما اعتبرته تخلي «باماكو» عن اتفاق السلام منذ بداية تسلّم مجلس الحكم الانتقالي عقب انقلاب مايو 2021.
وتضمن الإعلان الختامي لاجتماع الحكومة والحركات الأزوادية، دمج 26 ألف مقاتل سابق في الجيش خلال عامي 2023-2024، وتحديد الحصة الممنوحة لكل حركة مسلحة، عبر إنشاء لجنة مكلّفة بإعداد مقترحات بشأن كوادر المدنيين والعسكريين.
كما تستهدف الحركات بأزواد ضمان مكان مقاتلي الحركات في التسلسل القيادي داخل الجيش الوطني.
وخاضت الحركات في إقليم أزواد بشمال مالي صراعًا مسلحًا ضد الحكومة لعدة سنوات، حيث كانت تطالب بصلاحيات تقربها من الاستقلال بحكم الإقليم الذي تسكنه الطوارق وبعض العرب، فيما تصرّ الحكومة على وحدة أراضي البلاد، وانتهى الصراع المسلح بتوقيع اتفاق السلام والمصالحة بوساطة جزائرية عام 2015.
وتسيطر الجماعات الإرهابية على مناطق المثلث والذي يضمن استمرار حياتها، نظرًا لموقعه الذي يسهل الحصول على إمدادات البنزين والأغذية وتهريب الكوكايين وكل أنواع التجارة غير المشروعة التي تمول عملياتها.

كما أن هذا المثلث يسهل لها شن هجمات على دور الجوار، ويمكنها من الاختباء والتمويه، ولذا تتقاتل الجماعات الإرهابية فيما بينها في صراع بسط النفوذ عليه، تمامًا كما تقاتل ضد القوات الحكومية، وفقًا لـ«اغ إسماعيل».
وفي إطار صراع النفوذ بين «القاعدة» و«داعش» على ابتلاع المثلث الحدودي، نشبت مواجهات الأسابيع الأخيرة بين جماعات موالية للتنظيمين في مقاطعة «ميناكا» قرب الحدود مع النيجر، وقبل ذلك على الحدود مع بوركينا فاسو وموريتانيا، ما يشير إلى أن هذه الجماعات تستهدف المناطق الرخوة أمنيًّا وذات الطبيعة الجغرافية التي تضمن لها بناء قاعدة ميدانية.
وتشهد مالي تصعيدًا خطيرًا في الهجمات من الجماعات الموالية لتنظيم القاعدة وداعش الإرهابيين، حتى وصلت إلى استهداف قواعد الجيش، وشن هجومًا على قاعدة «كاتي» العسكرية في 22 يوليو التي تبعد 15 كيلومترًا عن العاصمة، وهي مقر للرئيس الانتقالي.
وفي وقت سابق قال مركز كارتر- منظمة أمريكية غير حكومية تعمل كمراقب مستقل لاتفاق السلام- إن الاتفاق يعيش مأزقًا غير مسبوق، مشددًا على أنه منذ أكتوبر 2021 أصبح الحوار بين أطرافه أكثر صعوبة، داعيًا لأجل تحريك المياه الراكدة لمراجعة شاملة للاتفاق.