«داعش» يستهدف مخازن الأسلحة وترقب للعملية التركية في الشمال السوري
بتكتيكات مغايرة، بدأ تنظيم «داعش» الإرهابي في تركيز هجماته الأولى من نوعها، على مخازن الأسلحة، والاستيلاء على ذخائر وأسلحة فردية؛ في مناطق سيطرة قوات الجيش العربي السورية وقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مستهدفًا النقاط الصغيرة والعربات والمجموعات الفردية، الأمر الذي يثير التساؤلات حول استخدام تلك الأسلحة من قبل التنظيم في أي مواجهات مُقبلة، حال شنت تركيا عملية عسكرية في الشمال السوري، وذلك في وقت بحث فيه ممثلون أكراد مع مسؤولين سوريين سبل حماية الحدود مع تركيا.
تكتيكات متغيرة
باشر تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا تغيير تكتيكاته، مع استهدافه على نحو متزايد مخازن الأسلحة التابعة لقوات الجيش العربي السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حيث شنت عناصر التنظيم الإرهابي نهاية الأسبوع المنصرم هجومًا على نقطة عسكرية لقوات «قسد» في قرية البواردي، شرق منطقة الهول بريف الحسكة الشمالي، واستولوا على مستودع يحتوي على ذخائر وأسلحة فردية، ويُعَدُّ هذا هو الهجوم الأول من نوعه للتنظيم في مناطق سيطرة «قسد».
وهاجمت عناصر التنظيم أيضًا، موقعًا
لميليشيا «لواء القدس» في ريف حمص الشرقي قرب مدينة القريتين، ودارت اشتباكات بين
الطرفين تسببت بسقوط قتلى بين عناصر الموقع، واستيلاء عناصر التنظيم على جميع الأسلحة
في النقطة، بالإضافة للمعدات العسكرية فيه وسيارتي دفع رباعي عسكريتين، كما أن شاحنة
محملة بالأسلحة والذخيرة، وصلت إلى النقطة قبيل الهجوم، استولى عليها التنظيم
الإرهابي، وفق شبكات سورية محلية.
ازدياد نشاط التنظيم الإرهابي
ومنذ العام 2020، ازداد نشاط التنظيم الإرهابي في عملياته، معتمدًا على استراتيجيات مرنة لتأمين التسليح والأموال والآليات، حيث ألقت قوات الجيش العربي السوري القبض على العديد من عناصر الميليشيات المتهمة بسرقة الأسلحة وبيعها لداعش.
وضبطت في عام 2020، شحنة أسلحة بمدينة تدمر كانت متجهة إلى التنظيم، وكان مصدرها ميليشيات «صقور الصحراء»، ومباعة للتنظيم مقابل مبلغ مئة ألف دولار، إضافة إلى ما اشتراه التنظيم من أسلحة من بقايا الفصائل بعد توقيعها اتفاقيات تسوية مع القوات السورية، قضت بتسليم أسلحتها له، فلجأت إلى بيع جزء منها لسماسرة لهم صلة بالتنظيم، بدلاً من تسليمها للنظام السوري.
وفي ظل التهديد التركي للشمال
السوري، يؤكد مراقبون، أنه في هذا الإطار لا بد من إعادة وضع حسابات جديدة
للمنطقة ممكنة وأقرب للواقع، خصوصًا أن تركيا لا تشكل خطرًا على "قسد" وحسب، بل على دمشق وإيران، منوهين إلى أنه إذا دخلت القوات التركية إلى بلدتي تل رفعت ومنغ، فإن
المسافة بين منغ ونبل والزهراء هي 10 كيلومترات، ما يشكل تهديدًا كبيرًا لوجود قوات
الجيش العربي السوري والفصائل المدعومة من إيران.
كما أن هناك تفاهمات وتنسيقًا وصل إلى
مستويات عالية بين سوريا وإيران وقوات «قسد»، بهدف توظيف أنشطة «داعش» في المواجهة
المقبلة مع تركيا، وبغية حث الأمريكيين على تقديم المزيد من الدعم لـ«قسد»، إذ إن
الأخيرة مُجبرة على فتح المناطق التي تسيطر عليها أمام تحركات الإيرانيين والقوات
السورية وبتنسيق مع الجانب العراقي، المتمثل حصرًا في جهات داعمة لإيران كالحشد الشعبي
العراقي وجماعات حزب الله، في ظل التهديد التركي وتراخي الجانب الأمريكي.
غرفة عمليات مشتركة
وتسربت أنباء عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين كل من قوات «قسد» والجيش العربي السوري، والميليشيات الإيرانية والطيران الروسي، في منطقة حارة تنين القريبة من تل رفعت، بهدف التعاون ضد العملية العسكرية التركية المحتملة، حيث عُقدت لقاءات بين الإدارة الذاتية والنظام السوري لحماية الحدود.
وبحسب المراقبون، فإن مثل هذا
التحالف مستبعد في مناطق شرق الفرات، نظرًا لانتشار القوات الأمريكية هناك، منوهين
إلى أن الوجود الإيراني هناك ضعيف، وكذلك وجود قوات الجيش العربي السوري، على الرغم من الانتشار الذي
حدث للقوات السورية بعد عام 2019، إذ لا يمنع هذا الأمر من وجود تنسيق أمني بين هذه
الأطراف.
حماية الحدود
وكشف «بدران جيا كرد»، نائب
الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لـ«الإدارة الذاتية» الكردية، في حديث مع راديو «روج
آفا إف إم» الكردي، عن لقاءات بين «الإدارة الذاتية» شرق الفرات، وممثلين عن دمشق بوساطة
روسية، للتوصل إلى تفاهمات حول حماية الحدود السورية – التركية، وهي اللقاءات الأولى
من نوعها بعد تصاعد وتيرة التهديدات التركية بعملية عسكرية جديدة.
نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لـ«الإدارة الذاتية» الكردية، أكد وجود مباحثات مع مسؤولين سوريين، لتتشاور حول حماية الحدود السورية التركية شمالي البلاد، مضيفًا أنه يوجد تفاهم بين الإدارة ودمشق على حماية الحدود منذ عام 2019، والآن يجرى النقاش بوساطة روسية لتوسيع ذلك التفاهم بما يخدم مصلحة المنطقة والاستقرار فيها.
ولفت إلى أن البحث تناول توسيع تلك التفاهمات لحماية
الحدود لردع أي هجوم تركي محتمل، مطالبًا دمشق بأن تكون لديها مواقف واضحة إزاء تلك التهديدات، لا سيما في موضوع السيادة، وضرورة التصدي لأي توغل تركي كونه يستهدف عموم
سوريا ويشكل خطرًا على وحدتها واستقرارها ومستقبلها.
وتسعى الإدارة الذاتية، من لقاءاتها،
للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى تسلم قوات الجيش العربي السوري مهمة حماية الحدود مع تركيا لمنع وقوع
الهجوم المرتقب، في حين تريد دمشق نشر المزيد من قواتها في شرق الفرات، بعد سنوات من
خروجها من هذه المناطق الغنية بالنفط والطاقة ومصادر الغذاء، خصوصًا محصولي القمح والشعير،
حيث يقتصر وجود قواتها هناك حاليًّا على مربعات أمنية داخل مدينتي الحسكة والقامشلي.
للمزيد: تأخر الحسم.. البادية السورية حصن «داعش» وعقدة التحالف





