يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

تأثير العقوبات التكنولوجية الغربية على روسيا

الإثنين 04/يوليو/2022 - 08:11 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
 فور بدء الحرب الروسية الأوكرانية، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها من الدول الأوروبية حزمة من العقوبات الاقتصادية، امتدت إلى قطاع التكنولوجيا، إذ شملت تقييد تصدير السلع التكنولوجية والتقنية إلى روسيا، بغرض حرمانها بشكل مباشر من الوصول إلى التقنيات الغربية المتطورة اللازمة لتحديث الاقتصاد، ما يعد تحديًا وتهديدًا قويًا لأنشطتها الاقتصادية والعسكرية على المدى الطويل.

قيود على التصدير 

بالنظر إلى العقوبات التي تم فرضها على موسكو، نجد أن الإدارة الأمريكية فرضت قيودًا على تصدير السلع التكنولوجية إلى روسيا، فضلًا عن فرض عقوبات أخرى على بعض الكيانات والشركات التكنولوجية الروسية.

وتضمن ذلك حظر تصدير مدخلات الإنتاج التقنية، مثل الرقائق الإلكترونية، فضلًا عن منع تصدير التكنولوجيا الأمريكية إلى روسيا أو ما يعرف بقاعدة المنتج الأجنبي المباشر، ما يعني تقييد تصدير المنتجات والسلع التقنية المعتمدة على التكنولوجيا أو البرامج أو المعدات الأمريكية، حتى وإن كانت منتجة خارج الولايات المتحدة، كما تم فرض عقوبات أخرى على 34 كيانًا وشخصًا روسيًّا، تتضمن شركة ميكرون، والتي تعتبر أكبر صانع للرقائق في روسيا.

ويشار إلى أن واردات روسيا من سلع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بلغت نحو 23.3 مليار دولار، أي ما يوازي 9.4% من إجمالي الواردات الروسية خلال عام 2019، وفقًا لإحصائية صادرة عن البنك الدولي.

كما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على تصدير عدد من المنتجات التكنولوجية إلى روسيا، تضمن، أجهزة الكمبيوتر، وأشباه الموصلات، والإلكترونيات المتطورة والبرامج، والسلع والتكنولوجيا اللازمة لتكرير النفط، فضلًا عن سلع وتكنولوجيا صناعة الطيران والفضاء، وسلع الملاحة البحرية، ومعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية، والسلع ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري، كما أقرت دول أخرى، بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، قيودًا على تصدير السلع والخدمات التكنولوجية، ولعل أبرزها تايوان، التي حظرت تصدير الرقائق الإلكترونية للسوق الروسي.

وجمدت شركات غربية متعددة الجنسيات، عاملة في مجال الإلكترونيات، مثل آبل وديل ومايكروسوفت أعمالها في روسيا وعلقت مبيعاتها، كما أعلنت بعض الشركات المصنعة للرقائق في العالم، مثل سامسونج وأنتل عن إيقاف بيع المعالجات الدقيقة إلى روسيا.

خسائر كبيرة وتحدٍ أكبر 

العقوبات الغربية من المؤكد أنها ستكبد روسيا خسائر كبيرة في المديين المتوسط والبعيد على المستويين الاقتصادي والعسكري ما لم يتم حل الأزمة، إذ تمثل تحديًا أمام خطط روسيا لتعزيز الإنفاق الاستثماري بقطاع التكنولوجيا، والتي كانت تعتمد في جزء منها على الشركات الغربية، إلى جانب الإنفاق الحكومي، وإضعاف قدرات التحديث، إذ تحد من تحديث أنظمتها الاقتصادية والعسكرية، والكثير من الصناعات الرئيسية، مثل السيارات والطيران وغيرهما مع صعوبة وصولها إلى السلع والخدمات التكنولوجيا الغربية.
 
ويشار إلى أن الأنظمة العسكرية الروسية تعتمد على استيراد الرقائق وأجهزة الاستشعار والسلع التكنولوجية من الخارج، ومن ثم تعمل العقوبات الغربية على إضعاف بعض أنظمتها العسكرية، خاصة أنها لم تتمكن من استبدال التقنيات الغربية بأخرى محلية، أو سد الفجوة التكنولوجية عن طريق شركاء دوليين آخرين مثل الصين.

وتحاول روسيا تجنب تلك الخسائر عبر بعض الآليات التعويضية التي قد تمكنها من تجاوز غياب التكنولوجيا الغربية عبر استخدام المخزون لديها إذ كانت روسيا تتوقع تطور العقوبات الغربية عليها لتتضمن المجال التكنولوجي، كما سمحت موسكو للشركات الروسية باستخدام الاختراعات والنماذج الصناعية التي تمتلكها الدول غير الصديقة من دون موافقتها ومن دون دفع تعويضات.

وتتضمن تلك الدول: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وغيرهما، كما تحاول موسكو الالتفاف على العقوبات الغربية، عن طريق شراء المنتجات التكنولوجية والتقنية، ومدخلات الإنتاج كالرقائق أو أشباه الموصلات عن طريق وسطاء من شركات أو دول أخرى، فضلًا عن اللجوء لتطبيقات بديلة، في ظل حظر بعض التطبيقات الإلكترونية، لاسيما وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتمد المواطنون الروس على تطبيقات فكونتاكتي كبديل لفيس بوك وروسجرام بديلًا لانستجرام.

اللجوء إلى الصين 

وتحاول روسيا اللجوء إلى الصين لسد الفجوة التكنولوجية وتعويض غياب الشركات الغربية بالسوق الصيني، ولاسيما أنه من مصلحة بكين أن تجعل موسكو أكثر اعتمادًا على التكنولوجيا الصينية في خضم السباق العالمي للهيمنة التكنولوجية، وأن كان ذلك محفوفًا بالمخاطر بسبب الضغوط الأوروبية والأمريكية على الصين لمنعها من تزويد السوق الروسي باحتياجاته من السلع التكنولوجية، وتهديد الشركات الصينية بفرض عقوبات قاسية حال قيامها بتزويد روسيا بمنتجاتها. 
"