«أطفال داعش».. موسكو تُلاكم واشنطن بقفازات «حقوق الإنسان»
تصر روسيا على أن إعادة أطفال داعش إلى أوطانهم هي التصرف السليم، في وقت تستنتكر فيه على الدول الأوروبية استقبال أطفال مواطنيها ممن انضموا إلى التنظيم الإرهابي.
ما وراء الكواليس
لكن ثمة أمور تجري خلف الكواليس، تعنونها الحكومات بأنها دفاع عن حقوق الإنسان والطفل وإنصاف البراءة، تلك التي كشفها تحليل نشرته واشنطن بوست الأمريكية الثلاثاء 9 أبريل، بعنوان «لماذا تصر روسيا على إعادة أطفال إرهابيي داعش إلى ديارهم؟».
ثناء روسيا على إعادة أطفال إرهابيي داعش إلى بلدانهم، جاء في إطار إعلان الزعيم الشيشاني رمضان قاديروف – وهو حليف وثيق الصلة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين - تعهده بإعادة جميع أبناء الشيشان في تنظيم داعش في العراق وسوريا.
قلق دولي
ويأتي ترحيب روسيا بهذا القرار وسط قلق دولي من هؤلاء الأطفال؛ لأنهم وإن لم يشاركوا في العمليات، فإنهم تلقوا تعليمهم في أيديولوجية داعش، وفقدوا أفراد عائلاتهم، وهو ما يعتبره خبراء روس قد يشكل تهديدًا طويل الأجل لأمن روسيا في الداخل.
وبحسب تحليل الصحيفة، إنه بالبحث في كيفية صياغة واضعي السياسات الروس لمشاركة البلاد في سوريا، فإنهم يتطلعون إلى مستقبل المساعدة الإنسانية، لكن الهدف هو تمكين روسيا من استعادة موقعها كواحدة من القوى العظمى في العالم.
وعلى الرغم من أن روسيا أصبحت أكثر استبدادًا منذ انتخاب بوتين لأول مرة في عام 2000 -بحسب وصف الكاتب- فقد حاولت الحكومة الروسية التأكيد على اهتمامها بحقوق الإنسان في المنتديات الدولية.
ويرى التحليل أنه عندما انسحبت الولايات المتحدة من الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان في العام الماضي، أعلنت روسيا ترشيحه للمنصب، وهذا هو السبب في استمرار روسيا في استضافة محادثات السلام حول أفغانستان.
وفي أواخر عام 2017، أشاد بوتين بجهود موسكو لإعادة أطفال داعش إلى وطنهم باعتباره «مشرفًا وصحيحًا»P لأنهم لم يكونوا مسؤولين عن جرائم آبائهم.
وجادلت الحكومة الروسية بأنه يمكن إعادة دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع الروسي، وقد يسرت تبنيهم من قبل الآباء الحاضنين الذين يشجعون هؤلاء الأطفال على شجب التطرف.
ونتيجة لمثل هذه التصريحات والإجراءات، نالت روسيا ثناء من خبراء حقوق الإنسان فأثنت تانيا لوكشينا مديرة هيومن رايتس ووتش في أوروبا وآسيا الوسطى، على روسيا مؤخرًا لبذلها المزيد من الجهود لإعادة أطفال داعش إلى أوطانهم أكثر من الديمقراطيات الغربية.
وتشير التوقعات إلى أن روسيا، تسعى من خلال ملف إعادة أطفال داعش من العراق وسوريا إلى رسم صورة ذهنية باعتبارها المساعدة في تشكيل سياسات المساعدات الإنسانية الدولية و«متبرع» بها.
روسيا واتفاق ستوكهولم
وعلى الرغم من محاولاتها لم يكن لروسيا تأثير كبير عندما توصلت الحكومة اليمنية إلى اتفاق مع المتمردين الحوثيين لوقف الأعمال العدائية، ودعم اتفاقية استوكهولم، ورفضت الولايات المتحدة اقتراح موسكو لإعادة الإعمار السوري.
كما أن إعادة أطفال داعش تتيح لروسيا الاحتفاظ بالتوقيع.
وعلى الرغم من كونها عضوًا دائمًا في الأمم المتحدة، حاولت روسيا بدء حوارات ثنائية مع القوى الغربية حول الاستثمار في مساعدة الأسد على إعادة بناء سوريا، لكن جهود البحث لا تنجح دائمًا، إضافة إلى أنها لم يكن لها تأثير كبير عندما توصلت الحكومة اليمنية في ديسمبر إلى اتفاقية استوكهولم مع ميليشيات الحوثيين.
ويقول كاتب التحليل، إنه في ظل رفض الولايات المتحدة اقتراح موسكو لإعادة الإعمار السوري، فإن ملف إعادة أطفال داعش إلى أوطانهم يتيح لروسيا الاستمرار في الإشارة إلى أنها قائدة.
وفي ديسمبر التقى رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، آنا كوزنتسوفا، مبعوثة الرئيس الروسي لحقوق الطفل، واتفق على العمل مع موسكو بشأن «القضايا الإنسانية» من «الجرائم الإرهابية».
وبحسب كاتب الواشنطن بوست فإنه روسيا تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تعمل مع كل من سوريا والعراق بشأن داعش - ما يجعل موسكو لا غنى عنها في حل معضلة إنسانية بعد انتهاء الصراع.





