حتى لا ينسانا الشعب..«إخوان المغرب» واستراتيجية البقاء «إعلاميًّا»
لا يخفى على أحدٍ أن أفرع جماعة الإخوان في عدد من الأقطار العربية باتت
مجرد صفحات في الماضي، لا يذكرها الناس بالخير، ولا يتمنون لفتراتهم أن تعود، إذ
كان سقوط حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في المغرب من
رئاسة الحكومة، بمثابة عيد قومي في المملكة الهاشمية، وترتب عليه تغيير رأس الحزب
سعدالدين العثماني، ليحل محله عبدالإله بنكيران، الذي اعتمد استراتيجية جديدة
للوجود الدائم على المواقع الإخبارية.
من حين لآخر، يخرج «بنكيران» بتصريحات تحمل إهانة لبعض السياسيين من
الأحزاب غير الإسلامية، أو تلميحات بتحريض قواعد حزبه للخروج ضد رئيس الحكومة
الجديد، عزيز أخنوش، ثم تأكيد على أن المنتمين لـ«العدالة والتنمية» لن يتخذوا صفوف
المعارضة، إضافة إلى نشر بيانات صحفية للاعتراف بخطأ الحزب وهو سعيه للحكم..
مُصرًا في نهاية الأمر على أن يظل الحزب مادة إعلامية تتداولها الصحف.
وكانت أخر تصريحات «بنكيران» تطاوله على الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب
المغربي، واصفًا إياه بـ«الحمار»؛ ما ترتب عليه تشكيل لجنة مصغرة من الأمانة
العامة لحزب العدالة والتنمية لبحث أثر تصريحات الأمين العام وتأثيره على ما تبقى من صورة الحزب أمام
السياسيين المغربيين.
وكان رئيس البرلمان المغربي، وصف زعيم حزب العدالة والتنمية
بالسعي نحو خلق الفوضى وعدم طرح البدائل، كما شبهه بـ«الذئب العجوز»؛ وجاء ذلك على
خلفية انتقاد «بنكيران» لعدم زيادة رواتب العاملين في الدولة، في إشارة منه إلى دعوة الموظفين والنقابات
المركزية للخروج إلى الشارع احتجاجًا على قرارات رئيس الحكومة.
وكان «العلمي» أبدى تخوفه من أن التنظيمات الإسلامية مثل
جماعة الإخوان تنبني على الطاعة والتبعية، وليس هناك حدود للوطن لديهم.
بلا جدوى
يُعد السقوط الإخواني في المغرب، سقوطًا ناعمًا وليس
خشنًا، لم ينتج عن ثورة شعبية مزلزلة كما حدث في مصر والسودان، وإنما جاء عبر
إجراءات سياسية، كالانتخابات البرلمانية
التي تمت في سبتمبر الماضي؛ وربما يمثل هذا الأمر حائلًا أمام عودة «العدالة
والتنمية» حتى لو اعتمدوا على الإعلام.
وفق المحلل المغربي أحمد عصيد، فإن انهيار
الحزب السياسي لا يعني نهاية إخوان المغرب، إذ أن عملهم في المجتمع وفي عمق العائلات
المغربية سيستمر، بل قد ترتفع وتيرته كردّ فعل انتقامي ضدّ الدولة، مشددًا على أهمية
يقظة الأحزاب الفائزة والمملكة الهاشمية ككل
أن تضع نصب أعينها مهمة تأطير المجتمع وليس مجرد تدبير الشأن الحكومي والبرلماني.
وأضاف أن الدولة والحكومة سيكون عليهما لمواجهة الأضرار التي
يُلحقها الإخوان بعقول الناس، وذلك بأن تضع برنامجًا ثقافيًّا شاملًا موازيًا للمشاريع
التنموية حتى تعمل على نشر الوعي لدى المواطن وتقوية الشعور الوطني، وهو أمر لن يكون
ممكنًا من دون تحقيق نسبة مهمة من الوعود الانتخابية ومن البرنامج التنموي المعلن
عنه.





