نموذج الاعتدال.. الاختيار الأمثل للمغرب في محاربتها للإرهاب
الإثنين 30/مايو/2022 - 08:27 م
أحمد عادل
عملت المملكة المغربية طيلة الفترة الماضية، على اتخاذ نهج الوصفة الشاملة في حربها ضد الإرهاب، أملًا منها في اقتلاع الخطر من جذوره في البلاد، حتي أصبح شيوخ وأئمة دول أفريقيا جنوب الصحراء يتوافدون على المملكة لأجل الدراسة والاستفادة من نموذج الاعتدال.
التجربة المغربية
وأكد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، خلال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد «داعش» في مراكش، قوة النهج المغربي في محاربة الإرهاب.
وأوضح أن البلاد، ومنذ الهجمات الإرهابية بمدينة الدار البيضاء في 16 مايو 2003، وضعت، «استراتيجية فعالة، متعددة الأبعاد وشاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف».
وإلى جانب السياسة الأمنية التي مكنت من تفكيك أكثر من 210 خلايا إرهابية منذ سنة 2002، يتبع المغرب خطة ترتكز على معالجة الظاهرة بشكل استباقي، عن طريق تأهيل الأئمة والدفاع عن قيم السلام والاعتدال التي يدعو إليها الإسلام.
اجتماع وزاري
ويُذكر أن المغرب استضاف في الحادي عشر من مايو الجاري، «الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش»، والذي يضم 84 دولة ومنظمة شريكة تنتمي لعدد من دول العالم، وذلك بمشاركة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
وأفاد بيان لوزارة الخارجية المغربية أن الاجتماع الذي انعقد في مدينة مراكش يأتي كجزء من السياسة الاستباقية في محاربة الإرهاب التي تنتهجها.
وتكمن أن قوة النموذج المغربي في التدين في عراقته، فهو ليس وليد اللحظة وليس ردة فعل تجاه تغول ظاهرة التطرف والتكفير وانتشار العنف، «فالتدين المغربي نتاج قرون من التفاعل بين ثلاثة اتجاهات أساسية».
الاتجاه الأول:
هو العقيدة السنية الأشعرية التي بوأت العقل المكانة السامية التي خصه بها القرآن الكريم، عكس التيارات التكفيرية التي تمعن في تحقير العقل وتمجيد النقل.
الاتجاه الثاني:
هو المذهب المالكي الذي أعطى مكانة مهمة في مصادر الفقه لعرف أهل البلد، وهو ما أفسح مجالًا واسعًا للاجتهاد في الأحكام والنوازل على أساس واقعي يأخذ بعين الاعتبار تغير الظروف والملابسات والحيثيات من بلد إلى بلد ومن عصر إلى آخر، وبذلك تم القطع مع القوالب الجاهزة والنمطية في الأحكام.
الاتجاه الثالث:
التصوف السني على طريقة أبي القاسم الجنيد، الذي هذب الأخلاق واهتم بجهاد النفس وتربيتها الروحية والإيمانية وزرع قيم التجرد والإخلاص والمحبة والرحمة لكل الناس، وهو ما شكل سدًا منيعًا أمام تيارات العنف اللفظي والسلوكي.
ويعتبر هذا العقد الفريد تُوج بإمارة المؤمنين التي شكلت درعا، دون استغلال الدين لأهداف غير شرعية أو خدمة لأجندات باطنية أو خارجية، عبر 12 قرنًا من وجود الدولة المركزية في المغرب التي اجتمعت فيها إمارة الدين مع إمارة الدولة في شخص السلطان أو الملك.
وتعتبر تلك الاتجاهات هي وصفة الوسطية والاعتدال التي يقدمها المغرب بكل تواضع لأفريقيا وأوروبا كعلاج لظاهرة الإرهاب والتطرف، معززًا بمؤسسات رسمية مثل جامعة القرويين بكل فروعها، ومؤسسة محمد السادس لعلماء أفريقيا، أو رابطة العلماء، أو معهد تكوين الأئمة والوعاظ، وغيرها. أو من خلال المؤسسات غير الرسمية مثل الطرق الصوفية المغربية التي لديها أتباع يفوق عددهم نصف مليار مسلم عبر القارات الخمس.
وتجدر الإشارة إلى أن الدستور المغربي ينص في الفصل 41 على أن «الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية». يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه. ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميًّا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادًا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة.
ويعد النموذج الديني المغربي نتيجة عوامل مركبة، تتداخل فيها عوامل تاريخية واجتماعية وحضارية، أفضت إلى أن المغرب أصبح يتوصل بطلبات من عدة دول عربية وأفريقية وحتى أوروبية، إما من أجل الاستفادة من تجربته في تدبير الشأن الديني، وإما النهل من تجربته في التصدي لظاهرة التطرف العنيف.





