«داعش الفلبين».. الخطر يهدد ماراوي بعد تطهيرها من الإرهاب

بعد خمس سنوات من انتصار قوات الأمن الفلبينية في معركة كبرى مع تنظيم «داعش» الإرهابي، تراجع التهديد لكنه لم يختف تمامًا، حيث أدى استمرار العمليات الأمنية إلى إضعاف قدرات التنظيم في شرق آسيا التي تفتقر إلى قيادة موحدة، على الرغم من الدعاية وأنشطة التجنيد المستمرة.

خطر متواصل
لا يزال جنوب الفلبين تحت الظلال الطويلة لحصار ماراوي حتى بعد خمس سنوات، الاختلاف الوحيد هو أن قوات الأمن أكثر استعدادًا نسبيًّا لمواجهة التحدي، فقبل خمس سنوات فقط في مايو 2017، حشدت جماعة «أبو سياف» التابعة لداعش، وجماعة «داعش ماوتي» مئات المسلحين من جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط للسيطرة على مدينة «ماراوي» وهي عاصمة مقاطعة لاناو ديل سور في جنوب الفلبين، لكن الجيش والشرطة الفلبينيين بعد أن ارتبكا في البداية، حققا النصر في نهاية المطاف في معركة بالأسلحة النارية قتل فيها ما لا يقل عن 1200 عنصر داعشي.
وزارة الخارجية الأمريكية، صنفت في 2018، داعش في الفلبين كمجموعة منفصلة على قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية، وهو العام الذي شهد أيضا تكثيف الجيش الفلبيني حملته على الجماعات التابعة لداعش.
في أوائل أبريل 2022، نشرت ما تسمى بـ«ولاية شرق آسيا» التابعة لداعش في الفلبين شريط فيديو يوثق عناصرها وهم يبايعون زعيم داعش الجديد المدعو «أبو حسن الهاشمي القرشي» الذي تولى المسؤولية بعد مقتل الزعيم السابق المدعو «أبو إبراهيم الهاشمي القرشي»، إذ ادعى رجل ملثم يتحدث العربية في الفيديو، أن عناصر التنظيم فيما تسمى بـ«ولاية شرق آسيا»، وخاصة أولئك الذين يعملون في الفلبين، في حالة ممتازة على الرغم من الصعوبات وقد بقوا موالين لداعش، ودعا عبد الرحمن المسلمين في جميع أنحاء العالم للانضمام إلى داعش.
على الرغم من استمرار الحملة الأمنية ضد الجماعات والفروع التابعة لداعش ولا سيما جماعة ماوتي «عمر وعبدالله ماوتي»، وجماعة «مقاتلي بانغسامورو الإسلاميين من أجل الحرية»، وجماعة «أبو سياف»، يستمر تنظيم داعش في استهداف جنوب الفلبين المضطرب، حيث لا يزال هناك إمداد من الجيل الثاني من المجندين، بالرغم من الحرب الشاملة التي تشنها القوات الفلبينية ضد الجماعات الإرهابية هناك.

مصدر قلق
بعد معركة «ماراوي» بات «داعش» مصدر قلق رئيسي في الفلبين، إذ تصاعدت الهجمات في البلاد بما في ذلك التفجيرات الانتحارية التي أشارت إلى وجود مقاتلين أجانب، حيث لم يعتد المتشددون المحليون على مثل هذه الطريقة في القتال، كما ظهر ارتفاع في الهجمات الانتحارية التي نفذتها شبكات عائلية من العناصر الموالية للتنظيم الإرهابي، إذ يُظهر الاتجاه أن التفجيرات الانتحارية أصبحت أكثر الأعمال الإرهابية تفضيلًا في الفلبين من قبل العناصر الموالية لداعش، على الرغم من أن العديد منها لا يزال متورطًا في استخدام طرق أخرى مثل تفجيرات مزروعة على جانب الطريق ومضايقات وكمائن.
وخلال الفترة ما بين عامي 2019 - 2021، شهدت الهجمات الإرهابية في الفلبين انخفاضًا ملحوظًا تسبب فيه القيود التي ألزمت بها جائحة «كورونا» لكن السيناريو آخذ في التغير، حيث شهد العام 2022 زيادة في مشاهدة الجماعات الإرهابية المحلية في مناطق عملياتها في جنوب الفلبين، ففي مقاطعة «ماجنداناو»، لا يزال جماعة «مقاتلي بانغسامورو الإسلاميين» وفروعهم المنفصلة المستوحاة من داعش نشطة ومتورطة في عمليات مضايقة وابتزاز للمدنيين في المنطقة، إذ لا تزال خططهم العدائية تركز على القوات الحكومية والمنشآت الأمنية نحو الانتقام لخسائرها الماضية، ومن أكثر هذه الفروع المنفصلة تشددًا والمؤيدين لداعش، جماعة «المهاجرين والأنصار» أو «داعش- طريفة» تيمنًا باسم زعيمها المدعو « إسماعيل عبدالملك» أو «أبو طريفة».

نشاط مرتفع
في مطلع 2022، ارتفع نشاط التنظيم الإرهابي بشكل كبير لا سيما في مقاطعة «لاناو ديل سور» حيث شن عدد من العمليات الإرهابية هناك بدأها في مطلع يناير الماضي باستهداف أحد المشاريع الحكومية في بياجابو، مرورًا بتفجير عبوات ناسفة مستهدفة البينة التحتية للبلاد، حيث ردت السلطات الفلبينية على هذه التطورات بشن غارة كبيرة على معسكر لداعش في لاناو ديل سور، بدعم جوي فلبيني، قتلت قوات الأمن الفلبينية في الغارة سبعة نشطاء إرهابيين على الأقل، إضافة إلى استسلام ما يقرب من 39 عنصرًا للقوات الأمنية مارس الماضي، في بلدة ماغينغ جنوب الفلبين. وسلمت العناصر أسلحتها وعبوات ناسفة بحوزتهم.
وفي منطقة لاناو، ضعفت بقايا جماعة «ماوتي» التي شكلت الجزء الأكبر من القوات الجهادية خلال معركة «ماراوي»، ولكن يبدو أنها لا تزال تقوم بالتجنيد، فالمجموعة ممولة بشكل جيد.
في أرخبيل سولو، تبدو شبكة الجماعات الإجرامية المتشددة التابعة لجماعة «أبو سياف» والمعروفة أيضًا باسم «فصيل سولو» في وضع دفاعي، لكن خطرها لم يتوقف.
وتأتي العلامات المبكرة لإحياء ما تسمى بـ«ولاية شرق آسيا» التابعة لداعش في وقت يبدو فيه أن التنظيم يفتقر إلى قائد موحد منذ فترة ليست بالقصيرة، خاصة أن الزعيم «حاطب هاجان سوادجان»الذي قُتل على يد القوات الفلبينية في 2020، حيث يوجد عدة أسباب لافتقار التنظيم هناك لزعيم موحد، أبرزها استمرار تعرض عناصر التنظيم هناك لضغوط قوات الأمن المحلية، إذ شهد عاما 2020 و2021، العمليات المسلحة في المنطقة انخفاضًا حادًّا واضحًا، واجتاحت القوات المسلحة الفلبينية معاقل المسلحين، وقبلت استسلام أعداد كبيرة من المتمردين.
وفي حين أن داعش في شرق آسيا لم يتمكن من شن عمليات رئيسية جيدة التخطيط في الآونة الأخيرة، إلا أن قوات الأمن الحكومية الفلبينية تظل هدفها الرئيسي، بسبب تعزيز حكومات إندونيسيا وماليزيا والفلبين تعاونها في مكافحة الإرهاب، في المناطق الثلاثية الحدودية، لا سيما بموجب الاتفاقية التعاونية الثلاثية الأطراف التي جعلت سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى هذه البلدان الثلاثة أمرًا صعبًا.
للمزيد: هنا ليس بيتكم.. الجيش الليبي يتصدى لـ«داعش» في الجنوب