التقارب التركي مع النظام السوري.. محاولات لها أسبابها
الأحد 08/مايو/2022 - 07:21 م
محمود البتاكوشي
شهدت الفترة الماضية محاولات تركية حثيثة للتقارب مع النظام السوري، عبر إرسال عددٍ من الرسائل لنظام بشار الأسد في ظل سياسة تصفير المشكلات التي ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرًا بعد فشل سياسة افتعال الحروب والأزمات، فضلًا عن ضبابية المشهد العالمي.
وأعلن النظام التركي رغبته في الحفاظ على وحدة سوريا، وإلغاء منطقة الحكم الذاتي للأكراد المفروض بحكم الأمر الواقع في شمال شرق سوريا، مما يصب في مصلحة دمشق وأنقرة، ولكن العقبة الوحيدة أمام ذلك هو الدعم الأمريكي للأكراد، ولاسيما أن القوات الأمريكية منتشرة بكثافة في شرق سوريا.
تدرك أنقرة جيدًا أن الوجود العسكري الأمريكي في شرق سوريا يحد من قدرتها على مهاجمة قوات الدفاع الوطني الكردية، وتتحسب أنقرة أن تتجه واشنطن لتقليص وجودها العسكري، وتتجه للانسحاب في النهاية من منطقة شرق سوريا، ارتباطًا بتصاعد اهتمامها وتركيزها بالصراع الأوكراني، لذا تحاول فتح قنوات اتصال قائمة مع دمشق، من أجل ضمان أن تتدخل الحكومة السورية في مناطق سيطرة الأكراد، في حالة الانسحاب الأمريكي.
وتحاول تركيا عبر رسائل المصالحة التخلص من صداع اللاجئين السوريين البالغ عددهم نحو 3.7 مليون شخص، للهروب من الغضب الداخلي قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقرر لها يونيو 2023، إذ يتصاعد الاحتقان الشعبي الداخلي في تركيا من وجود اللاجئين السوريين، خاصة في ظل تدهور أوضاع الاقتصاد التركي، ونظرة الكثير من الأتراك للسوريين على أنهم يسرقون وظائفهم، بالنظر إلى كونهم مصدرًا للعمالة الرخيصة، وتطالب المعارضة التركية بشكل دوري بإرجاع السوريين إلى بلادهم، وتقييد أعمالهم التجارية، حيث قال زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كلجدار أوغلو، إنه سيقوم بإرسال السوريين إلى بلادهم في حال فوز حزبه بالانتخابات المقبلة.
يذكر أن سليمان صويلو، وزير الداخلية التركي، أكد عدم السماح للسوريين الذين يقضون إجازة العيد في سوريا، بالعودة إلى تركيا، وقال في حديثه الذي بثته إحدى القنوات التركية المحلية: «لن تكون هناك إجازة عيد، ومن يرغب في قضاء عطلة العيد في سوريا، فيمكنه الذهاب إليها والبقاء هناك، لدينا الحق في وضع قيود على الزيارات إلى المناطق الآمنة، وبالطبع لا يمكن زيارة المناطق غير الآمنة».
النظام التركي في سبيل محاولته تحسين علاقته بدول الجوار فتح قنوات اتصال مع سوريا برعاية روسية وتخلى عن طلبه برحيل النظام السوري واكتفي فقط بضرورة إشراك المعارضة السورية في الحكومة بالإضافة إلى قضاء دمشق على وحدات حماية الشعب الكردية.
النظام التركي أيقن من فشله في تحقيق أهدافه في سوريا انفتاح الدول العربية والصين على دمشق، وهو ما يعني أن فرص نجاح المعارضة السورية في تقديم نفسها كبديل لدمشق لن يكتب لها النجاح، كما تدرك أنقرة أن السياسة الأمريكية القائمة على حصار سوريا اقتصاديًّا عبر قانون قيصر، لدفعها لتقديم تنازلات سياسية قد تتراجع خلال الفترة المقبلة، خاصة مع اتجاه العديد من الدول العربية للانفتاح على دمشق، سياسيًّا واقتصاديًّا، وهو التطور الذي، لو استمر، يعني أن الدور الأمريكي سوف يكون مرشحًا للتراجع أكثر خلال الفترة المقبلة.
يذكر أن أنقرة كانت تدعم المعارضة المسلحة، ولا تعترف بالحكومة السورية منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، خاصة بعد إعلان أنقرة دعمها فصائل المعارضة المسلحة في الشمال السوري في مواجهة الحكومة السورية، وهو ما اتضح في مختلف تصريحات المسؤولين الأتراك على مدار السنوات الماضية، بما في ذلك تلك الصادرة على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.





