المنطقة الآمنة.. لعبة «الشد والجذب» بين واشنطن وأنقرة
بدأت الإثنين 5 أغسطس، جولة جديدة من المفاوضات، بين واشنطن وأنقرة بشأن
المنطقة الآمنة في الشمال السوري، حيث وصل وفد رفيع من وزارة الدفاع الأمريكية «بنتاجون» لعرض شروط واشنطن ومطالبة الجانب التركي بعدم القيام بأي عملية
عسكرية أحادية الجانب.
فيما قالت رئيسة المكتب الصحفي في وزارة
الخارجية الأمريكية مورجان أورتيجوس، في حوار صحفي مع وكالة «ناس» العراقية
إن النشاطات العسكرية التركية وعمليات الحشد العسكري التي تقوم بها أنقرة تثير قلق
الجانب الأمريكي، خاصة أن الولايات المتحدة تمتلك وجودًا عسكريًّا في المناطق التي تريد
تركيا فرض سيطرتها عليها.
وعلقت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية
على زيارة الوفد الأمريكي بالقول: إن الولايات المتحدة في محاولة يائسة أخيرة، تحاول
منع أنقرة من تدخلها الوشيك في شرقي الفرات.
وذكرت الصحيفة أن الوفد الأمريكي يحمل
عرضًا نهائيًّا لتخفيف غضب أنقرة خوفًا من نفوذ الأكراد المتزايد في الشمال السوري،
والذي يمثل تهديدًا للأراضي التركية .
بنود العرض
الأمريكي
قدمت الولايات المتحدة حلًا وسطًا من أجل
إرضاء الأتراك الراغبين في إقامة منطقة آمنة بعمق 32 كيلومترًا بطول الحدود السورية ــــ
التركية، وهو الأمر الذي رفضته الولايات المتحدة التي أصرت خلال جولة المفاوضات الأولي
على إقامة منطقة آمنة بعمق 5 كيلومترات وبطول الحدود السورية ـــــ التركية أيضًا.
العرض الجديد يتضمن موافقة الولايات المتحدة
على إقامة منطقة آمنة بعمق 15 كيلو مترًا كحد أقصي وبطول 140 كيلومترًا، ويتضمن انسحاب
المقاتلين الأكراد من المنطقة وإزالة تحصيناتهم وتسيير دوريات مشتركة في ثلث الأراضي
بين نهر الفرات والعراق، قبل تطهير الثلثين المتبقيين لاحقًا، على غرار ما حدث مع مدينة
منبج السورية، وهو الأمر الذي ترفضه تركيا أيضًا، حيث تصر الأخيرة على فرض سيطرتها الكاملة
على المنطقة الآمنة.
أسباب أنقرة فى هذا تتعلق بالأمن القومي،
وعدم ثقة الأتراك في الأمريكيين، فضلًا عن أن أنقرة تحاول إقامة منطقة آمنة بأطول عمق
ممكن من أجل تسهيل الأمور لعودة اللاجئين السوريين الذي أثقلوا كاهل الميزانية التركية،
إذ صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن أنقرة أنفقت قرابة 35 مليار دولار على اللاجئين.
ويأتي ذلك في وقت تحشد فيه أنقرة قواتها
استعدادًا لشن عملية عسكرية جديدة ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكل العمود
الفقري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المعروفة بـ«قسد» المدعومة أمريكيًّا، ما
يهدد بتفاقم الفوضى بالمنطقة ويهدد خطط الرئيس الامريكي دونالد ترامب لسحب القوات الأمريكية
من سوريا.
الخيارات
التركية
في كل الحالات، لا ترغب تركيا في القيام
بعملية عسكرية أحادية الجانب، كما تدرك مخاطر إقامة عمليات عسكرية في الشمال السوري
دون التنسيق مع الولايات المتحدة، ما قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين.
كما تخشي أنقرة أن تقوم الولايات المتحدة
بتقديم دعم عسكري للأكراد بهدف إطالة أمد الحرب، وهو الأمر الذي سوف يحمل انعكاسات
سلبية على الاقتصاد التركي.
ولكن في حالة رفض الولايات المتحدة شروط
تركيا فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة، قد تقوم تركيا بعملية عسكرية محدودة، مع التهديد
بتوسيعها، على أمل أن يتغير الموقف الأمريكي في جولات التفاوض المقبلة.
ومن الوارد أيضًا أن تطالب تركيا بمنطقة
آمنة بعمق يتراوح بين 20- 25 كيلومترًا كحل وسط، مع السماح للولايات المتحدة بالإبقاء
على قواعدها العسكرية، وعلى أن يقوم الطرفان بتسيير دوريات مشتركة في عدد من المناطق،
بشرط إخلاء هذه المناطق من وحدات حماية الشعب الكردية.
من جانبه، أكد الباحث أحمد محمد علي، المختص
في العلاقات الدولية أن تركيا تحاول افتعال حرب خارجية في محاولة لترسيخ نوع جديد من
توازن القوى داخل سوريا، خاصة أن الفصائل السورية المسلحة سوف تكون في مقدمة الصفوف،
ما يعني تغير الوضع على أرض الواقع داخل سوريا.
وقال الباحث لــ«المرجع» أن
هذا الأمر سوف يكون له تداعيات على التسوية المستقبلية للوضع في سوريا، كما أن افتعال
حرب خارجية سوف يصب في صالح النظام التركي الذي سوف يستغل الأمر لزيادة شعبيته التي
تراجعت بشدة في الفترة الأخيرة.





