حشد على الحدود.. الخلافات بين طهران وطالبان تغلب لغة المصالح
الخميس 05/مايو/2022 - 09:02 م
محمد شعت
أثار الصعود الثاني لحركة طالبان في أغسطس الماضي وهيمنتها على زمام السلطة الكثير من التكهنات حول علاقات الحكومة الجديدة مع الجارة إيران، خاصة في ظل الحدود الطويلة التي تربطهما والتي تتجاوز 900 كيلو متر، وهو الأمر الذي يفرض العديد من الملفات والمصالح المتشابكة.
ورغم مساعي الطرفين لتنحية الخلافات والبحث عن نقاط تفاهم مشتركة، لكن الكثير من هذه الملفات بدأ يطفو على السطح، وهو الأمر الذي أثار الكثير من التوترات بعد أشهر من صعود الحركة إلى قمة السلطة في أفغانستان، ورغم محاولات الاحتواء، فإن الأمور تتجه إلى التصعيد مؤخرًا.
استنفار على الحدود
مع استمرار التوترات بين الجانبين، أرسلت إيران قوات مدرعة من الجيش النظامي إلى الحدود الإيرانية - الأفغانية بعد أيام من تجدد التوترات الحدودية بين حرس الحدود الإيراني وقوات طالبان، وتوجهت شاحنات محملة بدبابات وعربات عسكرية للألوية المدرعة في «فيلق 88» الذي يتمركز في مدينة زاهدان؛ مركز محافظة بلوشستان إلى الحدود.
وأكدت تقارير إيرانية استمرار الحشد الإيراني وإرسال قوات إلى حدود أفغانستان، وذلك بعد أيام من دخول القوات الإيرانية وقوات «طالبان» الأفغانية في حالة تأهب قصوى على أثر تجدد التوتر بين الجانبين، بعد إعلان الجانبين إغلاق معبر «إسلام قلعة – دوغارون» الحدودي.
وقالت وكالة تسنيم الإيرانية إن التوتر بدأ بسبب محاولة طالبان شق طريق جديد في الشريط الحدودي، كما أن الحركة حاولت تمهيد طريق في الشريط الحدودي، قبل أن تواجه معارضة الجانب الإيراني، كما استولت قوات طالبان على مركبة تابعة لحرس الحدود الإيراني، لدخولها إلى الأراضي الأفغانية.
وتزامن التصعيد الحدودي مع تصريحات للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، في مؤتمر صحفي الأسبوعي، الإثنين، إن حرس الحدود الإيراني يتعامل حتى الآن بسبب الأوضاع الداخلية في أفغانستان وعدم إلمام بعض عناصر حرس حدود الهيئة الحاكمة الأفغانية، المستقرة على الحدود مع إيران.
وأعرب خطيب زاده عن قلقه من تكرار الأحداث، لافتًا إلى أن بلاده نقلت مخاوفها إلى الهيئة الحاكمة في أفغانستان. وقال: نحن مستعدون لتقديم التوصيات اللازمة بشأن النقاط الحدودية والسلوك الاحترافي لحراس الحدود الجدد في أفغانستان، ونأمل ألا يؤدي ضبط النفس الذي يمارسه حرس حدودنا على الحدود الإيرانية - الأفغانية إلى سوء فهم من الجانب الآخر.
ويأتي هذا التصعيد بعد أشهر من توترات مماثلة وقعت في ديسمبر الماضي حيث تبادل حرس الحدود إطلاق النار بسبب «سوء تفاهم» يتعلق بجدار حدودي في إقليم نمروز الأفغاني، ما أسفر عن مقتل عنصرين من قوات الأمن الإيراني، وهو ما أكدته وسائل إعلام أفغانية بأن اشتباكات عنيفة بين طالبان وحرس الحدود الإيرانية بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، بسبب أعمال قناة «سيخ سر».
ملفات خلافية
وتأتي التوترات الحدودية عقب ظهور نقاط خلافية إلى العلن تتعلق ضمنها اللاجئين الأفغان، خاصة بعد خروج مظاهرات أفغانية ضد إيران بتصريح من طالبان، على خلفية ما تردد عن تعرض لاجئين أفغان لسوء معاملة، ورغم أن طالبان تحظر المظاهرات العامة فإن هذا الاحتجاج حصل على تصريح وجرى تحت رقابة أمنية.
جاء هذا الاحتجاج بعد يوم من هجوم شنه أفغان على القنصلية الإيرانية في مدينة هرات ذات الأغلبية من البشتون التي تنتمي لها طالبان، مردّدين شعارات منها «الموت لإيران»، وأحرقوا الإطارات والباب الأمامي، وحطّموا كاميرات المراقبة، ورشقوا المبنى بالحجارة، كما تجمع العشرات أمام السفارة الإيرانية في كابل، مطالبين الأمم المتحدة بمراجعة مقاطع فيديو «أفغان يتعرضون لسوء المعاملة في إيران».
وسبق أن دعت حركة طالبان على لسان المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد إيران إلى معاملة اللاجئين الأفغان «معاملة حسنة وإنسانية»، خاصة أن إيران بها أكثر من 3 ملايين لاجئ أفغاني، تستغل بعضهم في ميليشيات «فاطميون» التي تقاتل بها في سوريا والعراق، وزاد تدفق الأفغان بعد تولي حركة طالبان الحكم أغسطس 2021.
ويأتي الملف المائي ضمن أبرز الملفات الخلافية بين طهران وطالبان، حيث دارت اشتباكات سابقة في ولاية نيمروز الأفغانية حول قناة «سيخ سر» المائية بالقرب من نهر سد كمال خان في ولاية نيمروز الواقعة جنوب غرب أفغانستان، حيث يعد نهر هلمند الأهم في أفغانستان، وهو أحد موردي المياه الرئيسيين لبحيرة هامون الإيرانية، وترى طهران أن «بناء سد كمال خان حدثٌ من شأنه أن يخلق مشكلة خطيرة لإمدادات المياه في المدن الرئيسية في محافظة سيستان وبلوشستان».
ولم يعلق المسؤولون الإيرانيون أو حركة طالبان الأفغانية على الحادث وحجم الخسائر.
ولدى إيران حدود مشتركة مع أفغانستان يبلغ طولها نحو 945 كيلومترًا، ولدى البلدين ثلاثة منافذ حدودية.





