سلطة باكستان الجديدة وخريطة الاضطرابات المحلية والإقليمية
الثلاثاء 19/أبريل/2022 - 03:23 م
نهلة عبدالمنعم
انتُخب شهباز شريف زعيم حزب الرابطة الإسلامية رئيسًا لوزراء باكستان
عقب إطاحة البرلمان بعمران خان على خلفية تصويت سحب ثقة خسرته حكومته، ما يطرح التساؤلات
حول مستقبل البلاد وماهية الملفات المرشح تأثرها باضطراب السلطة في باكستان.
تبدو عملية الإطاحة بعمران خان زعيم حزب إنصاف كإستراتيجية دستورية في شكلها القانوني الأعم، ولكن سياسيًّا صاحبتها بعض المتغيرات التي عرفت تاريخيًّا بدورها في زعزعة استقرار المجتمعات خلال الحقب الانتقالية للسلطات.
خطاب الانسحاب ومتغيرات الاستقرار الداخلي
اعتمد عمران خان خطابًا تعبويًّا للدفاع عن نفسه أمام الطلبات البرلمانية للإطاحة به، مروجًا بأن عملية اقتلاعه من السلطة تتم برعاية مؤامرة دولية، إذ دعا خان أنصاره للاحتشاد في الشوارع للدفاع عنه ضد التدخلات الخارجية في طريقة حكمه للبلاد.
إن هذه الخطابات التعبوية تلعب أدوارًا في حشد المواطنين وتأجيج مشاعرهم ضد السلطة الجديدة باعتبارها مدعومة من الخارج ومعادية للقرار الوطني، وإذا ما كانت هناك طائفة مجتمعية لا تؤمن بخطاب خان فأن أي إخفاقات داخلية في إدارة حكم البلاد ستدفع المتوافقين حاليًا بالتسليم بحقيقة المؤامرة والنزاع الدولي على قرارات البلاد، وهنا تكمن نسب الخطورة على الاستقرار الداخلي، كما أن ضمان التسليم الكامل بتقبل خان للنتيجة في ظل خطابه المروج تحدد قدرًا من استقرار الصفوف الداخلية.
وفي أطروحة أخرى حول استقرار قوى السلطة الداخلية تتجلى مواقف المؤسسة العسكرية بباكستان كطرف قوي في المعادلة، فقبل الإطاحة بعمران خان تداولت وسائل الإعلام الباكستانية تصريحات متضاربة لرئيس الوزراء وقائد الجيش حول مواقف البلاد من الأحداث الخارجية وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، ففي الوقت الذي صرح فيه خان بأن بلاده ليست مجبرة على إدانة تلك الحرب لأن المجتمع الدولي لا يتدخل لإدانة أحداث كشمير إذا ما احتاجت إسلام آباد إلى ذلك، اختلف معه قائد الجيش مدينا الحرب الروسية على أوكرانيا، كما قال إن العلاقات الباكستانية الأمريكية لا تزال على رأس اهتمامات البلاد.
ما أظهر خلافًا بين السلطتين، وفي بلد لها طبيعة خاصة كباكستان؛ من حيث توزيع أدوار القوى السياسية، وكذلك طبيعة التكوين المجتمعي، اتجهت التقارير نحو عدم التوافق بين المؤسستين ما دفع بذلك كأسباب يروجها البعض إلى تبرير الإطاحة بخان، وذلك إلى جانب متغيرات داخلية كسوء الأوضاع المعيشية وانهيار العملة كمبررات منحت الخطوة البرلمانية تأييدًا شعبيًّا.
ومن أكثر الشواهد التي وجهت الأنظار نحو هذه الأطروحة المتعلقة بعدم توافق السلطات هو اتجاه شهباز شريف نحو تصريحات توافقية حول ضرورة التعاون بين السلطات السياسية والعسكرية لضمان تقدم البلاد واستقرارها، وشهباز شريف هو شقيق نواز شريف رئيس الوزراء الأسبق للبلاد والذي أطيح به من السلطة عبر انقلاب عسكري خلفه اتهامات بالفساد لشقيقه شهباز الذي عاد بخطاب توافقي ليترأس السلطة السياسية للبلاد.
الملفات الخارجية والاستقرار الإقليمي
تفرض المتغيرات الإقليمية على سلطات باكستان سرعة فرض الاستقرار والأمن في البلاد، فهناك على سبيل المثال ملف كشمير الإقليم المتنازع عليه مع الهند وما يبرره ذلك من استقطاب لجماعات التطرف بالمنطقة، ما يعني أن اضطراب الأوضاع أمنيًّا ليست في صالح الملف، كما أن توجهات السلطة الجديدة نحو التيارات المتشددة يرسم خريطة الصراع في المنطقة خلال المرحلة المقبلة.
كما أن أفغانستان تحاول التعافي من سنوات الصراع، وتوطن الجماعات الإرهابية بداخلها، وتدهور الأمن قد يؤثر على الأمن الإقليمي بشكل عام، ما يضر بالدول الكبرى المتضررة حتمًا من اضطراب أوضاع أفغانستان وما يصاحب ذلك من مد إرهابي.





