ad a b
ad ad ad

انتخابات على طبول الحرب.. فرنسا تختار رئيسها في مشهد سياسي مرتبك

الأحد 10/أبريل/2022 - 02:01 م
المرجع
سارة رشاد
طباعة

تتعرض الانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع إجراؤها الأحد الموافق 11 من أبريل 2022، لأجواء سياسية مغايرة عن المتعارف عليها في فرنسا، حيث كانت الانتخابات دائمًا تُعَدّ الحدث الأبرز في الساحة الفرنسية، إلا أن تلك الدورة منها تأتي في ظل الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ 24 فبراير 2022. وعلى عكس الملفات الداخلية التي كانت الشغل الشاغل للناخبين والمرشحين مع كل جولة انتخابية، بات حل الملف الخارجي وتحديدًا الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية على رأس قائمة المرشح والناخب.

انتخابات على طبول

ورطة  المرشحين

وأمام هذا الوضع وجد العديد من المرشحين أنفسهم في ورطة، إذ كان بعضهم على علاقة قديمة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما استدعى إما تبرير العلاقة أو تخفيف حدة إعجاب بعضهم ببوتين، للسير في التيار الأوروبي المدين للتدخل الروسي في أوكرانيا.

من بين المرشحين الذي تهدد فرصهم علاقتها ببوتين مرشحة حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) مارين لوبان، وكانت لوبان ضيفة بوتين في 2017، وحصلت على قرض بقيمة تسعة ملايين يورو من بنك روسي في 2014.

بداية الأزمة الروسية الأوكرانية أعربت لوبان عن أسفها تجاه تحركات الرئيس الروسي، مطالبة بالعودة إلى الحوار، كما دعت إلى الوقف الفوري للحرب عقب اندلاعها، قائلة إن قرار الحرب يغير جزئيًا نظرتها لبوتين.

في المقابل تحرص لوبان على جزء من علاقاتها بالرئيس الروسي، إذ تذكر دائمًا في خطاباتها بالالتزام الذي قطعه الناتو على نفسه تجاه روسيا في أوائل التسعينيات ويفيد بألا تكون له قوات على الحدود الروسية.

انتخابات على طبول

فرصة ماكرون

الإحراج الذي تمر به لوبان عاشه المرشح اليميني المتطرف إريك زمور، إذ يعرف عنه إعجابه ببوتين وإعلانه ذلك في أكثر من مناسبة، وبينما كان يعتبره وطنيًّا وصفه بوتين عقب الحرب بـ«ديمقراطي استبدادي»، وبينما أدان استخدام القوة من قبل روسيا رفض فرض العقوبات على روسيا، داعيًا لمعاهدة تكرس نهاية توسع الناتو، وعلى خلفة هذه المواقف سخر مغردون فرنسيون منه، مطلقون عليه «فلاديمير زمور».

بالتزامن يعيش الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماركون، أفضل فتراته، على خلفية مواقفه وتحركاته في ملف الحرب الروسية الأوكرانية، ما يزيد من فرص فوزه بدورة رئاسية جديدة.

وبدأ ماكرون مواقفه برفض اعتراف فرنسا باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين، واقترح اللجوء إلى العقوبات على روسيا.

ولحسن حظه تشغل فرنسا رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي منذ يناير 2022، للمرة الأولى منذ 14 عامًا، ما سمح لماكرون لعب دور القائد الأوروبي الذي يتصدى للعدوان الروسي على أوروبا، وفقًا لرؤية المواطن الأوروبي. وفي خضم هذا الدور كان ماكرون يتحرك على مستوى العقوبات الأوروبية وفي الوقت نفسه يجرب الاتصالات الهاتفية مع بوتين للبحث عن حل سلمي، ما رفع معدلات الرضا الشعبي عنه.


انتخابات على طبول الحرب

الكاتب السياسي التونسي المقيم في فرنسا، نزار الجليدي، يرى أن الحرب الروسية الأوكرانية ستحدد ملامح الانتخابات المرتقبة، وتابع في تصريحات لـ«المرجع» أن هذه الانتخابات تتداخل فيها أوراق كثيرة منها الداخلي ومنها الخارجي.

ويوضح أنه بالرغم من محاولات منافسي ماكرون للتأثير على فرصه بالبقاء في الإليزيه بالتذكير بالوعود الانتخابية التي لم تنفذ، فإنه يحظى بفرص أكبر على خلفية تحركاته في الحرب الروسية، ولفت أن هذه الورقة قضت في الوقت نفسه على فرص مرشحين منافسين لماكرون يعرفون بعلاقاتهم مع بوتين، ما يعرف بـ«لعنة بوتين».

وتابع أن هذه الورقة دفعت المرشحين الرئاسيين المقربين من بوتين بتبرير علاقاتهم في كل مرة يظهرون فيها إعلاميًا، ما حول حملاتهم الانتخابية لتبريرات لمواقف سابقة ومحاولة التنصل من اللعنة البوتينية والاصطفاف وراء الموقف الأوروبي الرافض للغزو الروسي لأوكرانيا.

ويضيف على ما يبدو فقد حسمت لعنة بوتين نتيجة الانتخابات الفرنسية لصالح ايمانويل ماكرون. لكن الأهمّ من هذا أن الحرب الدائرة في أوكرانيا، ستؤثر على  ملامح المشهد السياسي الفرنسي لسنوات قادمة، حيث ستنسحب من المشهد شخصيات عرفت بعلاقاتها بالرئيس الروسي، كما ستتراجع بسببه أحزاب عريقة.

ويعزز ذلك ما أعلنته مرشحة اليمين المتطرف والتجمع الوطني مارين لوبان، عندما قالت إن محاولتها الثالثة للوصول إلى قصر الإليزية ستكون الأخيرة في صورة فشلها مجدّدا. مضيفة للصحفيين أنه في حالة هزيمتها ستعتزل السياسة، وستبحث عن دور آخر لها تكون فيه أكثر فائدة.


للمزيد.. نظام جديد.. من يربح الصراع بين روسيا والولايات المتحدة في أوكرانيا؟

"