يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

تهدد السلم العالمي.. انعكاسات الاستعانة بالمرتزقة في حرب روسيا وأوكرانيا

الخميس 24/مارس/2022 - 02:41 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
أصبحت أوكرانيا ساحة خصبة للمقاتلين الأجانب، بعد دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لتأسيس فيلق دولي من المقاتلين الأجانب لمواجهة حشود القوات الروسية التي باتت تحاصر مدن أوكرانيا الكبيرة والحيوية، ولهذا السبب صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قرار بإرسال المتطوعين إلى جبهات القتال في أوكرانيا لمواجهة حروب العصابات المنتظرة هناك، فضلًا عن عدم تحقيق الحسابات الروسية الخاصة بنصر سريع وحاسم، يقضي بتشكيل حكومة موالية لموسكو في كييف، وسط استمرار أعمال القتال للأسبوع الرابع على التوالي.



وزير الدفاع الروسي
وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو
وكان وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو قال خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي ببلاده، إن 16 ألف متطوع في الشرق الأوسط مستعدون للقتال مع الانفصاليين المدعومين من روسيا بمنطقة دونباس، وعقب بوتين قائلا: «إذا رأيت أن كل هؤلاء الناس يريدون القدوم لمساعدة الناس الذين يعيشون في دونباس بمحض إرادتهم وليس من أجل المال، فإنه يجب أن نمنحهم ما يريدون ونساعدهم على الوصول إلى منطقة الصراع».

واستند ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، في تبريره لهذا القرار بموقف الولايات المتحدة الأمريكية قائلا: «إن واشنطن تدعم إجراءات إرسال مرتزقة للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية، وإذا كان الغرب متحمسًا جدًا بشأن وصول المرتزقة، فلدينا أيضا متطوعون يرغبون في المشاركة».

وأكدت الاستخبارات الأوكرانية، أن موسكو افتتحت 14 مركزًا لتجنيد المرتزقة بسوريا في محافظات دمشق وحلب وحماة والرقة ودير الزور، لتلقي التدريب ثم التوجه إلى مطار تشكالوفسكي العسكري في ضواحي موسكو على متن طائرتي توبوليف-134 وتوبوليف-154، وأن روسيا جندت آلاف السوريين، بمن فيهم عناصر قوات الدفاع الوطني والفيلق الخامس لاستخدامهم في سلاحي المدفعية الثقيلة وأسلحة القنص ضد الأوكرانيين.

خصخصة الحروب

ما يحدث الآن على أرض أوكرانيا يؤكد أن العالم أصبحت تسود فيه سياسة خصخصة الحروب، حيث تستغل الدول جماعات غير نظامية للقتال، فالجانب الأوكراني يريد تحويل البلاد إلى أفغانستان جديدة، يستنزف خلالها قدرات الدب الروسي حتى يسقط بفعل الضغوط الاقتصادية العقوبات الغربية، والجانب الروسي يسعى لتقليل خسائر جيشه النظامي وتجنب أخطاء الماضي التي وقع فيها قبل ذلك، مستغلًا قوة وصلابة المقاتلين القادمين من الشيشان وسوريا، فضلًا عن احترافهم قتال الشوارع مما يؤثر على معنويات الجانب الأوكراني.

استعانة روسيا وأوكرانيا بالمتطوعين يؤكد أن الجانبين قررا الاعتماد على أسلوب الحرب الهجينة أي حروب العصابات فروسيا تسعى لتقليل خسائرها وأوكرانيا تدرك أنها لن تتمكن من صد الهجوم الروسي تقليديًّا، خصوصًا مع رفض دول الناتو إرسال قوات عسكرية إليها، ما حفزها إلى التحول لنموذج حروب العصابات، وهو التكتيك الذي أثبت فعاليته في إقليم دونباس منذ عام 2014. 

وعليه، فإن تشكيل قوة شبه عسكرية أجنبية، يُرجَح أن يكون قوامها الرئيسي عسكريون سابقون، ربما يعزز من حظوظ أوكرانيا في استعادة التوازن على جبهات القتال، والتصدي لمخطط موسكو الرامي لمحاصرة المدن وإسقاطها؛ وذلك من خلال استنزاف القوات الروسية بتكتيكات غير نمطية.


تهدد السلم العالمي..
شرعنة وجود المرتزقة!

الأزمة الكبيرة أن استعانة الجانبين بالمرتزقة تشرعن هذه الممارسات عبر حزمة من التشريعات لنفي كونهم مرتزقة تمامًا، كما فعل بوتين والفيلق الدولي الذي أعلن عنه «زيلنيسكي»، إذ تم تحويلهم إلى جنود عاملين عبر إبرام عقود تطوع معهم، وهو ما يهدف أيضًا إلى رفع الحرج الداخلي عن الحكومات الغربية التي تحمل تلك العناصر جنسياتها في حال مقتلهم أو اعتقالهم خلال العمليات العسكرية الجارية.

تحول الحرب الروسية الأوكرانية إلى حرب عصابات من شأنه إطالة أمد الصراع وإشتعال المواجهات واستدامة الحرب لحصد أكبر مكاسب ممكنة، ومع صعوبة ضبط تحركات وأنشطة تلك المجموعات، لظهور انتهاكات جسيمة تعرقل الوصول لصيغة تنهي الحرب، كما أن الحرب تدعم تعاظم نفوذ وخطر اليمين المتطرف، ما يعزز من تأثير خطابات الكراهية ضد الأقليات، وسيجعل تلك الجماعات قادرة على توسيع قواعدها ونشر أفكارها المتطرفة، وتمدد الإرهاب الأبيض في المجال الحيوي الأوكراني، ودول تلك العناصر عند عودتهم إليها مجددًا.

كما تجد التنظيمات الإرهابية فرصة لإعادة تنظيم صفوفها سواء عبر انخراطها في المواجهات العسكرية بأوكرانيا، أو الترويج لتصديها للاضطهاد الذي تمارسه جماعات اليمين المتطرف ضد الأقليات المسلمة، وهو ما ستكون له تداعيات خطيرة على أمن المناطق التي تنشط فيها تلك التنظيمات، وفي مقدمتها الشرق الأوسط، مع ترقب اشتعال موجات إرهابية جديدة بعد عودة هؤلاء المقاتلين من أوكرانيا.
"