طموحات النيجر نحو التحول لمركز إقليمي لمكافحة الإرهاب بمساعدة فرنسا
السبت 19/مارس/2022 - 03:57 م
نهلة عبدالمنعم
في تطورات متتالية بمنطقة غرب أفريقيا، أعلن رئيس جمهورية النيجر، محمد بازوم، عزم بلاده أن تحل محل مالي كدولة مركزية يمكن للجيوش الغربية استخدامها مركزًا عسكريًّا لمكافحة التطرف في المنطقة.
تأتي تلك التصريحات نتيجة مباشرة لإعلان الحكومة الفرنسية الانسحاب التدريجي من مالي وإنهاء العملية العسكرية هناك والمعروفة باسم «برخان»، ما يفتح المجال أمام التساؤلات حول تأثير حدوث ذلك على الجماعات الإرهابية في المنطقة إلى جانب رغبة الدول الأوروبية وبالأخص فرنسا في تلك الخطوة من الأساس، وإلى أي مدى سيؤثر نقل الحرب على الإرهاب إلى النيجر على مكانة الدولة إقليميًّا وأمنيًّا.
انعكاسات تحول النيجر لقاعدة عسكرية
يعد قرار النيجر أن تحل محل مالي كدولة مركزية يمكن للجيوش الغربية استخدامها مركزًا عسكريًّا لمكافحة التطرف في غرب أفريقيا، انعكاسًا لتغيرات سياسية متعددة في المنطقة، إذ تسعى الحكومة الجديدة للبلاد نحو شق مكانة أعلى إقليميًّا، عبر الشراكة مع الدول الأوروبية، إلى جانب أن المساعدات العسكرية الفرنسية للنيجر سترفع من كفاءة القوات الأمنية للبلاد وتطوير قدراتها القتالية، فضلًا عن المساعدات المالية التي قد تمنحها دول اليورو للنيجر كشريك دولي.
ومن المتغيرات المتعلقة للقرار يظهر تأثير الاستقرار السياسي على منهجية الدول نحو المستقبل والشراكات الدولية التي يتطلعون إليها، إذ حظيت النيجر مؤخرًا بعملية انتقال سلمي للسلطة ما أسهم في وجود حكومة مستقرة تتسم بوجود أبعاد توافقية مع تيارات المجتمع المختلفة، وذلك على عكس مالي التي تتأزم أوضاعها السياسية وسط انقلابات سلطوية مختلفة أثرت على مكافحتها للإرهاب.
وفيما يخص فرنسا وإذا ما كانت تمتلك النية لتبديل وجودها بين مالي والنيجر، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية فى القاهرة، سعيد صادق في تصريح سابق لـ«المرجع» إن الدول الأفريقية تمثل امتدادًا تاريخيًّا واقتصاديًّا مهمًا لفرنسا، وأن الأخيرة تحرص على مصالحها في المنطقة، وهذه المصالح هي المتغير الرئيس في توجهاتها نحو المنطقة، مضيفًا بأن انسحابها العسكري يتعلق برؤيتها حول مصالحها الأهم سواء داخليًّا أو خارجيًّا.
الانسحاب الفرنسي وعمليات المصالحة مع الإرهابيين
أعلنت كلٌ من النيجر ومالي توجهًا مشتركًا نحو التعامل مع ملف الإرهاب، إذ اتجهت الدولتان نحو التصالح مع الجماعات الإرهابية ولكن في توقيتات مختلفة.
وبدأت مالي تلك الاستراتيجية موجهة المسؤولين الدينيين في البلاد بترتيب لقاءات مع المتطرفين ومناقشة مطالبهم كتمهيد لمفاوضات رسمية بين الحكومة وزعماء الجماعات الإرهابية بالمنطقة.
ومن جانبها اعترضت فرنسا والدول الغربية على هذا التوجه الذي يرونه تراجعًا في المكافحة الضرورية للإرهاب.
وبمطلع عام 2022 أعلنت النيجر نيتها في التفاوض مع الإرهابيين كحل مطروح لتقليل فرص الصراع، وجاء هذا الإعلان قبل أسابيع من طلب سلطات النيجر تحويل أراضيها لقاعدة أفريقية مركزية لمكافحة التطرف العنيف بالمنطقة.
يبقى الأهم في هذا الصدد هو الأسباب التي دفعت تلك الدول نحو هذه الاستراتيجية، والتي يبدو أن أغلبها يتمحور حول ضعف الإمكانات الأمنية والاقتصادية لتلك الدول، والتي تحول دون تمكنهم من المكافحة الجدية للإرهاب، مع استمرارية احتياجهم للخارج للتغلب على هذه الحرب في الوقت الذي تتنامى فيه الرؤى الشعبية حول وقوع دول المنطقة كأدوات بيد القوى الكبرى، إلى جانب الأطروحة السياسية التي فرضتها الولايات المتحدة عندما عقدت اتفاقًا مع حركة طالبان المتشددة في أفغانستان بعد سنوات من القتال بينهما على الرغم من اختلاف المتغيرات بين المناطق الجغرافية وما تحتويه من تيارات حركية.





