ad a b
ad ad ad

بين داعش وطالبان.. بيعة مجهول الحال والسمع والطاعة للإمام الغائب

الأحد 13/مارس/2022 - 02:46 م
المرجع
محمد يسري
طباعة

 تعتبر البيعة إحدى أهم الركائز التي تبنى عليها الجماعات المتطرفة التي تعتبر نفسها دولة، وبالتالي تحاول هذه الجماعات اتخاذ إجراءات لها مرجعيات دينية معروفة، خاصة فيما يتصل بأمور الولاية، أو القيادة المركزية، ومن المعروف أن الإسلام وضع ضوابط معينة لاختيار القائد أو ولي الأمر، وكذا التعامل معه بعد توليه السلطة، ولما كانت هذه الجماعات ترى في نفسها أن تقوم مقام الدولة في النظام الإسلامي فقد اعتمدت نظام البيعة، في اختيار القائد الذي يكون له السمع والطاعة داخل الجماعة والتي لا يجوز لأحد من عناصرها التخلف عن بيعته ولو ليوم واحد، أو عصيان أوامره فيما بعد، وتتشابه هذه الصورة في كل الجماعات الإسلامية كتنظيم داعش وحركة طالبان، إلا أن هناك ظروفًأ طرأت عليهما، أضافت شيئًا جديدًا على البيعة وهي بيعة مجهول الحال، والسمع والطاعة للإمام الغائب.

 

داعش والبيعة


في بداية نوفمبر 2019م بعد إعلان مقتل أمير تنظيم داعش الأسبق أبي بكر البغدادي، سارع التنظيم بإعلان خليفته، إبراهيم القرشي الهاشمي، وبدأت القنوات الإعلامية للتنظيم في نشر صور من الولايات المختلفة لمبايعة عناصره للأمير الجديد.


جاءت هذه الصور، في اليوم التالي للتسجيل الصوتي الذي بثته الأذرع الإعلامية للتنظيم الإرهابي نعت فيه البغدادي، وأكدت فيه أن القيادات العليا، قد وقع اختيارهم على إبراهيم القرشي، الذي ظلت شخصيته مجهولة لحين وفاته، رغم بعد التأكيدات على أنه عبدالله قرداش أحد القيادات المعروفين في التنظيم.


وبعد اعتراف التنظيم بمقتل القرشي أيضًا الأربعاء 10 مارس 2020م، الذي تأخر نحو شهر عن العملية التي قتل فيها بشمال سوريا في فبراير الماضي، أعلن التنظيم اسم زعيمه الجديد، وهو «أبوالحسن الهاشمي»، وأكد التنظيم في بيانه الذي بثته مؤسسة الفرقان بعنوان (فمنهم من قضى نحبه) أن هذه الاسم مجرد اسم حركي وأن التنظيم لن يكشف شخصيته الحقيقية حفاظًًا على حياته.


 وأشار إلى أن القيادات المركزية للتنظيم قد توافقوا على اختياره بناء على وصية الزعيم السابق للتنظيم. وطالب المتحدث في التسجيل الصوتي والذي يبدو أنه أبوعمر المهاجر- وهو شخصية مجهولة أيضًا- يطالب أعضاء التنظيم في جميع أنحاء العالم بالمسارعة في بيعة الأمير الجديد.


ومساء الخميس 11 مارس 2022م، بدأت قتوات التنظيم تبث صورًا، توضح فيها مبايعة عناصر التنظيم للأمير المجهول في عدد من الدول الأسيوية والأفريقية، وتعتبر هذه بيعة مجهول الحال في أدبيات التنظيم من الأمر التي لها سند في التاريخ الإسلامي ولها مشروعيتها، في تنصيب الأمراء في الخلافة الإسلامية والتي تعتمد على بيعة الخاصة، التي تتمثل في بيعة أهل الحل والعقد الذين يعرفون الأمير عن قرب ويستطيعون الاختيار والمفاضلة المباشرة بينه وبين غيره من المرشحين لتولي المنصب، ثم تأتي مرحلة أخرى وهي بيعة العامة التي تتمثل هنا في قواعد التنظيم في الولايات المختلفة، وتكون بناء على ثقتهم في اختيار القيادات للزعيم الجديد. وهو ما حدث مع سلفه إبراهيم القرشي.

 

الأمير الغائب


أما بيعة الأمير الغائب أو المسردب، فهي تشبه إلى حد ما فكرة الأمير الغائب عند الشيعة، فالأمير لا يظهر في العلن، ويعطي أوامره لأشخاص بعينهم، يسمونهم (الباب) عند الشيعة – وهم الذي يستطيعون التواصل مع الإمام في غيبته- وهي تتشابه إلى حد كبير مع ما لدى الشيعة - مع الفوارق العقدية بين الانتماء المذهبي لهذه الجماعات وبينهم- فليس للعوام أو قواعد التنظيم التعامل مع الأمير أو رؤيته، وتظل أوامره تأتي إليهم عبر (الباب) أو القيادات المقربة منه، وهو ما يحدث مشكلات كبيرة وانشقاقات داخل هذه التنظيمات بسبب محاولات بعض القيادات تمرير أوامر لصالحه باعتبار أنها تأتي من الأمير الغائب في سردابه.

 

وقعت مثل هذه المشكلة الكبيرة لدى حركة طالبان، التي ظل قياداتها يتحدثون باسم أميرها الغائب في سردابه الملا عمر لمدة عامين، إلى أن كشفوا حقيقة وفاته قبل هذه المدة الطويلة الأمر الذي أحدث انقسامات عميقة، داخل الحركة، فقد ظلت الأوامر تأتي لعناصر الحركة من القيادات المركزية وعلى رأسهم الملا أختر منصور الذي لقى مصرعة في غارة جوية أمريكية عام 2016م، الذي كان يمثل الأمير الفعلي للحركة، وقد واجه منصور مشكلة كبيرة أحدثت انشقاقات عميقة داخل الحركة بسبب إخفائه مقتل الأمير السابق الملا عمر لمدة عامين والإعلان عن ذلك فقط في 2016م.

 

"