العنف في كازاخستان.. مخاوف من عبور متشددي أفغانستان عبر «نور سلطان»
مع بداية العام الحالي، تصاعدت الاحتجاجات في عدد من المدن المنتجة للنفط في كازاخستان؛ اعتراضًا على مضاعفة أسعار الغاز في مدينتي «جاناوزين» و«أكتاو»، الواقعتين بمنطقة «مانغيستاو» غرب البلاد.
وأفادت وسائل إعلام محلية، بأن أسلحة غير مشروعة وصلت العاصمة «نور سلطان» قبل أيام؛ ما دفع السلطات إلى إلقاء القبض على عدد من الأشخاص يستقلون حافلات صغيرة مليئة بشباب ينحدرون من المناطق الجنوبية وبحوزتهم قطع من السلاح، تساهم في تحول الاحتجاجات إلى مواجهات عنيفة وأعمال شغب ونهب للممتلكات العامة والخاصة وعمليات اعتداء وإشعال إطارات السيارات.
تصاعد العنف
ووثقت قنوات تلفزيونية، سرقة بعض المتظاهرين، أسلحة كانت بحوزة رجال الأمن، إذ عرضت «روسيا اليوم» مقطع فيديو يكشف سرقة المحتجين سلاح الشرطة، خلال اشتباكات بينهما في «ألما أتا» أكبر مدن كازاخستان، فيما تتوالى عمليات إطلاق قنابل الصوت، والرصاص من قبل عناصر الشرطة المكلفة بحماية المنشآت العسكرية والعامة.
وفي سياق متصل، أعلنت ألمانيا تعليق التصديق على عقود توريد معدات عسكرية إلى كازاخستان مؤقتًا، على خلفية الاضطرابات التي تشهدها البلاد حاليًّا.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر لم تسمها في الحكومة أن برلين اتخذت خطوات بهدف وقف توريد هذا النوع من المنتجات إلى كازاخستان، لا سيما أن ألمانيا كانت قد صادقت في عام 2021 على 25 عقدًا لتوريد المنتجات الدفاعية بقيمة 2,2 مليون يورو إلى كازاخستان.
بوابة للمتشددين
ولكازاخستان أهمية قصوى من جهتى الجغرافيا والاقتصاد السياسي، فهي تفصل بين قوتين عظميين هما روسيا والصين، كما تفصل بين الدول العربية وبين أفغانستان، لذا فإن الاستقرار الأمني بها ضرورة لضمان عدم استخدام دول آسيا الوسطى كبوابة لعبور المتشددين، بالإضافة إلى كثير من الجوانب الأمنية المهمة للعرب منها مكافحة تجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية، وجميعها أمور تقع في نطاق الأمن القومي العربي.
وتوقع الخبير الاستراتيجي والعسكري السعودي، اللواء دكتور محمد صالح، عودة الأمور داخل كازاخستان إلى طبيعتها خلال أيام، خاصة مع تدخل الاتحاد الروسي بناء على طلب رئيس البلاد، لافتًا إلى أن البعد الكازاخستاني يشكل تداعيات لا تطال المنطقة العربية على الإطلاق.
وأضاف في تصريح صحفي، أن بعض دول شمال منطقة الشرق الأوسط، والتي تعد جزءًا من تحالف منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تمثل تحالفًا عسكريًّا يضم دولًا سوفيتية سابقا وهي: روسيا، أرمينيا، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، وأوزبكستان، ستتأثر بمفهوم العمق الاستراتيجي الحيوي لكازاخستان إن لم ينته الصراع الدائر هناك.
يشار إلى أن كازاخستان شهدت في الماضي نموًا كبيرًا، لكنها تضررت عام 2014 جراء هبوط أسعار النفط الذي تعتمد عليه كثيرًا، كما تضررت أيضًا عام 2008 بسبب الأزمة الاقتصادية في روسيا، ما أدى إلى انخفاض قيمة العملة الكازاخية «تينغ»، وذلك رغم أنها تتمتع بأكبر اقتصاد في آسيا الوسطى.
وشكل النفط 21% من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد عام 2020، بحسب البنك الدولي الذي توقع نمو الاقتصاد بنسبة 3,7% هذا العام.
كما ينتج حقل «تنغيز» النفطي، الأبرز في البلاد، ثلث الناتج السنوي لكازاخستان وتسيطرعلى 50% منه شركة «شيفرون» الأمريكية، إضافة إلى كونها أكبر منتج لليورانيوم في العالم.





