«داعش» يستغل البلقان لتشكيل بؤر متشابكة في أوروبا
رغم ما يتلقاه تنظيم «داعش» الإرهابي من ضربات قوية في معاقله الأساسية
بالشرق الأوسط، فإنه لا يزال حاضرًا عبر شبكات إلكترونية تعمل لتجنيد العناصر
الأوروبية للانضمام لصفوفه وتبني منهجه، محاولًا مقاومة الحصار الأمني لبؤره
بالقارة العجوز.
وتمكنت قوات الأمن الإيطالية، الخميس 18 نوفمبر 2021 من إلقاء القبض
على فتاة تعود أصولها لجمهورية كوسوفو، وتبلغ من العمر 19 عامًا وتدعى بيلونا
تافالاري بتهمة الانضمام لتنظيم «داعش» الإرهابي.
وتأتي عملية الاعتقال ضمن حملة أمنية تقودها الشرطة لمكافحة
الإرهاب بمنطقة ميلانو، وعلى الرغم من استطاعة الشرطة القبض على الشابة،
فإن ما أوردته التقارير من معلومات حولها تظهر مدى رغبة التنظيم في التغلغل وسط
المجتمع الأوروبي وبناء روابط متشابكة بداخله تتعدد نقاطها الجغرافية.
داعش ينسج شباكه في أوروبا
تظهر المعلومات أن «بيلونا تافالاري» انضمت لتنظيم «داعش» منذ إن كانت فى السادسة عشرة من عمرها، وهي متزوجة من رجل من ألمانيا تقول الشرطة إنه عضو في إحدى
الميليشيات بكوسوفو ولديه علاقة بمنفذ هجوم فيينا، الذي وقع في الثانى من نوفمبر عام 2020 على يد شاب من أصول ألبانية يدعى أوكتيم فيزولاي.
ومن ثم فإن تشابكية العلاقات بين الأطراف المختلفة، والتي كشفتها
الشرطة مؤخرًا، تلقي الضوء على طبيعة العلاقات التي يسعى لها التنظيم في المنطقة
عبر تجنيد الأسر والعائلات على اختلاف مواقعها لضمان شبكة مترامية الأطراف.
كما عثرت الشرطة في مقتنيات الداعشية الشابة على نصوص حول
التدريب العسكري إلى جانب صور وفيديوهات حول الفكر الداعشي، علاوة على أدلة عن
دورها في إحدى الشبكات النسائية العاملة على نشر أيديولوجية التنظيم بين النساء
الأوروبيات.
البلقان.. بؤرة التوتر الأمني لأوروبا
ارتبطت منطقة البلقان بالكثير من العمليات الإرهابية التي وقعت
مؤخرًا في القارة الأوروبية، وذلك عبر مُنفذين تعود أصولهم لتلك المنطقة، ما يجعلها
بؤرة للتوتر الأمني المتزايد تجاه الهجمات الدامية التي تخشى الحكومات من تزايدها
خلال فترة أعياد الميلاد.
وتبقى عودة الدواعش، أبرز الملفات الأمنية التي تقلق دول الاتحاد
الأوروبي من منطقة البلقان، إذ تتبنى دول الاتحاد الأوروبي استراتيجيات مشددة تجاه
عودة الدواعش، وبالأخص بريطانيا وفرنسا وألمانيا، فالأولى لا تزال ترفض استعادتهم
من مناطق القتال بل وتجدد القوانين حتى تتمكن من أن تكيف أوضاعها مع التحديات الناشئة
في هذا الإطار.
وعلى عكس ذلك، تستقبل حكومات البلقان مواطنيها الدواعش على
دفعات متتالية، في سياسة منفتحة هاجمها زعماء الاتحاد الأوروبي، إذ سبق وانتقد
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سياسة كوسوفو وجيرانها الإقليميين لفتحهم الباب
على مصراعيه لعودة الدواعش، ما قد يشكل خطورة على أمن المنطقة بشكل عام.
وليست عودة الدواعش للبلقان في حد ذاتها الإشكالية الأمنية
الأخطر، لكن تراجع المنظومة القضائية يبقى أكثر متغير معيب في هذا الإطار، إذ
تكشف متابعات هذا الملف أن عدد الذين قدموا للمحاكمة بتهم الانضمام
لجماعات إرهابية من الدواعش العائدين قليل للغاية لضعف آليات جمع الأدلة،
كما أن القوانين العامة لا تواكب المتغيرات الخاصة بهذا الملف، ما يزيد الأمر
تعقيدًا.
المزيد.. بعد مراوغة «الألباني».. التطرف في أوروبا بين المعالجة الواقعية والأنظمة القانونية





