ad a b
ad ad ad

بعد السقوط الكبير للنهضة.. قراءة في مستقبل إخوان تونس ودلالات انهيار الجماعة

السبت 09/أكتوبر/2021 - 07:46 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
دخلت جماعة الإخوان الإرهابية في تونس، النفق المظلم، بعد إقصائها من المشهد السياسي، بقرارات الرئيس التونسي قيس سعيد التي لاقت تأييدًا شعبيًّا جارفًا لها مما يؤكد أن المجتمعات العربية تعافت مؤخرًا من مرض الجماعة الإرهابية، حيث شهدت السنوات الماضية نهايتهم في أكثر من دولة عربية.
بعد السقوط الكبير
السقوط الكبير

ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تراجعًا كبيرًا لدور حركة النهضة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية، لا سيما بعد الاستقالات الجماعية التي ضربت الحزب مؤخرًا، إذ تقدم 18 عضوًا بالاستقالة في 26 سبتمبر 2021، عقب ثلاثة أيام فقط من تقديم 113 آخرين استقالاتهم الجماعية، في مؤشر مهم على تزايد حدة الخلافات والانشقاقات داخل الحركة، في مرحلة ما بعد إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد الإجراءات الاستثنائية في البلاد في 25 يوليو 2021.

 ولعل ذلك يرجع إلى استبداد زعيم الحركة راشد الغنوشي، واستحواذ أقاربه على المناصب القيادية داخل الحركة، فضلًا عن محاولته تغيير النظام الداخلي للحركة للترشح لولاية ثالثة بالفشل والذي رفضه قيادات الحركة بشدة، ما جعله ينتقم منهم عبر إحالة بعض القيادات المهمة للتحقيقات الداخلية وتجميد عضويتهم، فضلًا عن تتنامى ملفات الفساد المالي المرتبطة بعائلة الغنوشي، مما ساهم في تفاقم الخلافات الداخلية وزيادة الانشقاقات.

من المؤكد أن سياسات راشد الغنوشي التصادمية كانت سببًا رئيسًا في ما آلت إليه أوضاع الإخوان في تونس، وكانت سببًا رئيسًا في تراجع شعبيتهم، ولاسيما حين نازع الرئيس قيس سعيد سلطاته وصلاحياته الممنوحة له بموجب الدستور محاولًا أن يحيله إلى رئيس صوري لا يملك من أمره شيئًا، إذ حاول رسم السياسات الخارجية دون الرجوع للرئيس، فضلًا عن دعمه رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي، عبر التحالف مع حزبي قلب تونس، المتهم رئيسه في قضايا فساد، وائتلاف الكرامة، وهو ما ساهم في تأزيم الأوضاع السياسية والاقتصادية بشكل غير مسبوق في البلاد.
راشد الغنوشي
راشد الغنوشي
ئانقسام داخلي وانهيار شعبي

إزاء الإنقسام الداخلي والرفض الشعبي من المرجح أن تأخذ حركة النهضة خطوة للوراء، كما حدث مع حزب نداء تونس نفسها، الذي تصدر المشهد التونسي فترة قبل أن ينهار نتيجة الانشقاقات والصراعات الداخلية، ولعل الأيام القليلة المقبلة تشهد استقالة قيادات الصف الأول وفقدان الحزب ما بقى له من قوة في الشارع التونسي.

وفي محاولة يائسة لإنقاذ الجماعة من السقوط المحتوم يحاول بعض القيادات في حركة النهضة، إقالة راشد الغنوشي من منصبه عبر جمع أكبر عدد من التوقيعات الرافضة لبقاء الغنوشي في منصبه، وانتخاب رئيس جديد للحركة والمطالبة بالإعلان عن موعد انعقاد المؤتمر العام للحركة في أقرب وقت، وكذلك الاعتراف بالخطأ والاعتذار للشعب، في محاولة لتغطية الإخفاقات المتتالية، وكسب أرضية سياسية جديدة في ظل التراجع الحاد لشعبية النهضة.

وكان أن تلقى راشد الغنوشي تحذيرات من قيادات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية بضرورة التخلي عن منصبه وإفساح المجال لوجوه قد قد تنجح في كسب ثقة الشعب التونسي وإعادة ترتيب صفوف الحركة من جديد، بهدف الحفاظ على مكانة الحركة في المشهد السياسي التونسي خلال الفترة المقبلة، فى ظل حالة الغليان الداخلي، وتعرض الحركة للانهيار تمامًا، وإن كان هذا الأمر مستبعدًا بسبب شخصية الغنوشي نفسه التي تميل للصدام كما ترفض بسهولة الانزواء إلى الظل والبعد عن السلطة واعتزال الحياة السياسية.

على طريقة الحرباء التي تتلون وتغير جلدها، من الممكن أن يعلن قيادات حركة النهضة تأسيس حزب جديد في تونس حال إصرار الغنوشي على البقاء في المشهد تمامًا كما فعلت جماعة الإخوان في ليبيا بتغيير اسم الحزب من العدالة والتنمية إلى الحزب الديمقراطي، ويتوقع المراقبون أن يتجه الأعضاء المستقيلون إلى تشكيل أو تأسيس حزب سياسي جديد بأيديولوجية إسلامية، ولكن برؤى وأفكار جديدة تتماشى مع المتغيرات السياسية الحالية في محاولة لكسب قواعد شعبية تساعد الحزب فيما بعد على خوض الانتخابات خلال الفترة المقبلة.

الشئ المؤكد أن جماعة الإخوان الإرهابية فشلت في تقديم نفسها كبديل للشعوب العربية، وذلك لأنها لا تؤمن بفكرة الوطن فهي تعتبرها كما قال منظرها سيد قطب حفنة من التراب العفن، لذلك انهارت في مصر وليبيا والمغرب والآن في تونس التي تعد آخر معاقلها في المنطقة العربية.
"