طالبان تعاود مغازلة العالم بالسلام.. هل تفي الحركة بما تعهدت به؟
تواصل حركة «طالبان» في أفغانستان يومًا بعد يوم، توريط نفسها في تعهدات جديدة، من خلال تصريحات قياداتها، التي يطلقونها في الخارج والداخل، في محاولة لتعبيد الأرض تحت أقدامها، رغم أن حكومتها لم تحصل بعد على أي اعتراف دولي حتى الآن، ولم تقدم شيئًا ملموسًا لطمأنة الداخل.
تناقضات رسمية عن الداخل
في رسالة جديدة بعث بها الملا عبد الغني برادار، نائب رئيس الوزراء في حكومة طالبان، الجمعة الأول من أكتوبر 2021م، ونشرها سهيل شاهين المتحدث باسم الحركة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أكد الملا عبد الغني أن أفغانستان ستكون وطنًا آمنًا للجميع، وأن أفغانستان المستقبلية ستكون وطنًا للسلام.
وأضاف قائلًا: «إمارة
أفغانستان الإسلامية تسعى إلى إقامة علاقات جيدة مع دول العالم. إذا كان لدى شخص
ما مشكلة معنا، فنحن على استعداد لحل المشكلة من خلال التواصل. حكومتنا ليس لديها
إرادة أو سياسة لإيذاء أي شخص. ستكون أفغانستان وطنًا آمنًا في المستقبل».
ورغم هذه الرسائل
التي تغازل بها طالبان الداخل والخارج، فلا تزال الحركة تقف في مربعها الأول من
خلال تناقض تصريحات وأفعال قياداتها، ففي 18 سبتمبر 2021م، أعلن نائب وزير
الإعلام والثقافة في الحكومة الأفغانية المؤقتة، ذبيح الله مجاهد، أن حركة طالبان تخطط
لعودة الفتيات إلى المدارس في القريب العاجل.
وقال: «يعمل المسؤولون في إمارة أفغانستان الإسلامية على كيفية فصل الذكور
عن الإناث وتوزيع المعلمين في المدارس للبنات».
وفي الوقت نفسه أعلنت وزارة التعليم الأفعانية، بيانات تحمل تناقضًا لما سبق؛
إذ أعلنت الوزارة أن الدروس في الصفوف الدراسية ما بين الصف الأول والصف السادس ستستأنف
في المدارس، مضيفة أن ذلك لا يخص إلا الأولاد والمعلمين الذكور فقط.
تناقض في الخارج
رغم أن حركة طالبان لم تبد إلى الآن أي خطوات عملية من شأنها إثبات أنها قطعت علاقاتها بالجماعات المسلحة في المنطقة، فإنها تخاطب العالم الخارجي نظريًّا بأنها تسعى للسلام.
وطالبت الحركة الخميس 30 سبتمبر 2021م جميع دول العالم، بفتح سفاراتها في العاصمة الأفغانية كابول من أجل التعامل مع الحكومة الأفغانية، مشيرة إلى أن أفغانستان لا تريد أن تكون ضحية الصراعات الإقليمية والدولية، وأنها تسعى لأن تتعامل مع الجميع على أساس الاحترام المتبادل.
وخلص الملا برادر، في كلمته التي ألقاها أمام جمع من السفراء
والمندوبين الدوليين، باجتماع عقد في مقر وزارة الخارجية الأفغانية بأن طالبان تتطلع وتطلب من جميع دول
العالم فتح سفاراتها في كابول من أجل أن تكون في تواصل مع طالبان، مشددًا على
أنها ستؤمن البيئة الآمنة.
فيما قال وزير الخارجية بالوكالة الملا أمير خان متقي، في كلمة له أمام الاجتماع، إن طالبان تعمل من أجل انتهاج سياسة خارجية تبني على أساسها علاقات حسنة مع جميع دول العالم، وأنها ستحترم مطالب المجتمع الدولي ودول العالم المشروعة.
واقع متناقض
رغم تلك الخطابات المتكررة من الحركة فإن الواقع يعكس أمورًا أخرى تثير مخاوف المجتمع الدولي، الأمر الذي انعكس على عدم الاعتراف بحكومة طالبان حتى الآن.
ومن بين الإجراءات
التي تنتاقض خطابات الطمأنة:
أولًا: استحواذ
طالبان على التشكيل الحكومي بالكامل، وعدم السماح بمشاركة أي من الفصائل الأخرى.
ثانيًا: التشكيل الحكومي يضم شخصيات مدرجة على
قوائم الإرهاب الدولي بينهم 4 كانوا معتقلين في سجن جوانتانامو.
ثالثًا: تناقض
التصريحات حول الأوضاع الداخلية منها قضية تعليم الفتيات، وعدم وجود رؤية اقتصادية
أو سياسية واضحة.
رابعًا: مصير الفراغ
الأمني لا يزال مجهولًا، مع عدم وضوح توجهات مقاتلي
الحركة الذين كانوا في الجبال ويبلغ عددهم وفق إحصاءات محلية نحو 80 ألف مقاتل وما
إذا كان بإمكانهم ملء الفراغ الذي تركته قوات الأمن والجيش، والتي كان يبلغ عددها أكثر
من 300 ألف شخص.





