بالتزامن مع ذكرى 11 سبتمبر.. دراسة تفسر ملامح الإرهاب العالمي خلال 20 عامًا

واستهل الدكتور هاني نسيرة دراسته بمقدمة سلط فيها الضوء على أحدث مشاهد التحول الكبير الذي شهده الإرهاب العالمي حاليًا، وهو إعادة سيطرة حركة «طالبان» على أراضي أفغانستان من جديد في 15 أغسطس 2021، والذي سبقه انسحابًا أمريكيًا من هناك بعد أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة خارج أراضيها، الأمر الذي حفز شهية العديد من المنظمات الإرهابية الأخرى على العودة إلى ميدان الإرهاب في أفغانستان وغيرها من بلدان المنطقة، مثل تنظيمي «داعش» و«القاعدة» بفروعهما المختلفة.
كذلك تطرقت الدراسة أيضًا إلى استعراض مراحل تطور الإرهاب في العقدين
الماضيين، والتي مرت بأربع محطات، أولها عقد صعود الإرهاب وانتشاره تنظيميًّا وفكريًّا، والتي امتدت في الفترة الزمنية بين عامى (2001 –
2011)، والتي شهدت تطويرًا نوعيًّا للتنظيمات الإرهابية ونشاطها.
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة وسيطة بين الانكماش والتوثب، والتي أرخ الكاتب لبدايتها بمقتل زعيم تنظيم «القاعدة»، أسامة بن لادن، في مايو 2011؛ ليخلفه في
زعامة التنظيم أيمن الظواهري، إضافةً للعديد من المستجدات على الساحة العربية
والعالمية، التي استمرت حتى عام 2013م؛ لتبدأ بعد ذلك المرحلة الثالثة، والتي عنون
لها الباحث بـ«داعش وعودة الدولة والعدو القريب بعد عام 2013م»،
مشيرًا إلى تأزم القيادة المركزية؛ ما أضعف قدرتها على القيام بعمليات كبيرة كما كان
في العقد السابق، إضافة إلى الاضطرابات التي شهدتها بعض بلدان الشرق الأوسط، والتي
سهلت مهمة تنظيم «داعش» في التمدد والانتشار، أما المرحلة الرابعة والأخيرة فكانت
استشرافية حول عودة طالبان وتأثيراتها على مشهد الإرهاب العالمي.
وأكد أن عقدين من الزمن والحرب على الإرهاب، لم
ينهيا حالة التطرف والتطرف العنيف، لافتًا إلى أن الخطر زاد مع عودة مفهوم العدو القريب، وتصاعد
التركيز على إقامة الدولة، واستهداف الأنظمة الحاكمة.
عشرة ملامح للمشهد الجهادي العالمي
رصدت دراسة الدكتور هاني نسيرة، «عقدان على أحداث الحادي عشر من سبتمبر.. أربع محطات وعشرة ملامح لمشهد الإرهاب العالمي»، عشرة ملامح للمشهد الإرهابي العالمي، في محاولة من الباحث لوصف ملامح الإرهاب خلال الفترة الزمنية محل البحث؛ أولها: عودة الجماعات الجهادية القُطرية من طالبان إلى ليبيا وسوريا، والتي ركزت على أولوية قتال العدو القريب، المتمثل في الأنظمة العربية الحاكمة، بدلًا من العدو البعيد (الولايات المتحدة نموذجًا)، كما جاء في بداية تأسيس التنظيمات الجهادية، مثلما يفعل تنظيم داعش وفروع تنظيم القاعدة الجديدة.
الملمح الثاني: انتشار ظاهرة الانشقاقات وصراع الجماعات الإسلامية المقاتلة، حيث وصل الصراع حد الاقتتال بين هذه
التنظيمات، وعلى الرغم من وجود صراعات مماثلة في مرحلة ما بعد الجهاد الأفغاني، أو
غيرها من المراحل، إلا أنه تصاعد خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب نشاط الغلو
والتكفير للمخالف.
أما الملمح الثالث فيتمثل في اشتداد
الصراع الطائفي، والذي أكد فيه الباحث أن الكثير من الجماعات
الدينية المسلحة تنمو في البيئة الطائفية، وتتعذى عليها، بحيث توفر هذه البيئة وقودًا
مشتعلًا، مثلما الحال في العراق وإيران.
وتناول الملمح الرابع: اختفاء عملية المراجعات التي تساعد في تفكيك الأفكار الأيديولوجية للتنظيمات الإرهابية، وتقلل من عمليات التجنيد والانضمام لها.
تحولات عنيفة
ركز الملمح الخامس للمشهد الإرهابي العالمي بحسب دراسة الدكتور هاني نسيرة، على تحولات عنيفة جديدة مستدلًا بما فعلته (حركة الإخوان في مصر وليبيا) من عمليات نوعية مسلحة على يد بعض الجماعات المنتسبة لها؛ كرد فعل لتقليص دورها وحضورها في المشهد السياسي في دول الشرق الأوسط.
واستعرض الباحث استراتيجية بعض الدول المؤثرة إقليميًّا في
توظيف التنظيمات الإرهابية من أجل تحقيق مصالحها السياسية والاستراتيجية، في
الملمح السادس من دراسته؛ ليتبعه بالملمح السابع الذي أشار فيه إلى حالة النفور من
التيارات المتطرفة والمتشددة التي تعيشها الكثير من شعوب الدول التي
تأثرت بموجات الإرهاب المختلفة، وهو ما أسماه بـ«أزمة سقوط يوتوبيا
الإسلاميين».
وتناول الملمح الثامن: دخول الحركات
الصوفية الساحة الإرهابية، خلال العقد الثاني بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، مثل
نشأة وظهور ما عرف بجيش الطريقة النقشبندية في العراق.
وأشار في الملمح التاسع المعنون بـ«الاستراتيجية الصلبة وأزمة الرمز»، إلى أن استهداف قيادات التنظيمات المتطرفة خلال العقدين الماضيين كان له تأثيره الكبير على تنظيمات الإرهاب المعولم والقُطري، وظهور جيل جديد يعاني من أزمة الرمز والتأثير.
وأخيرًا الملمح العاشر الذي تطرق إلى وجود
يقظة دولية في تجفيف روافد الإرهاب وتسخير كل الإمكانيات الممكنة لمواجهته
وهزيمة؛ ليختتم الباحث الكاتب
الدكتور هاني نسيره دراسته بمجموعة من الخلاصات والاستنتاجات حول المشهد المرتبك
للإرهاب ومراوحته بين الانكماش والانفجار في عدد من المناطق في العالم.