طارق فهمي في ندوة «المرجع»: طالبان ستستمر في الحكم لامتلاكها الموارد والحضور الدولي

»» داعش وطالبان سيتحالفان لتحقيق
مصالحهما رغم خلافاتهما العقائدية
»» القاعدة موجودة في 16 إقليمًا داخل
أفغانستان
»» أمريكا حمت نفسها من تكرار أحداث سبتمبر
خلال 20 عامًا لكنها صدرت الإرهاب للعالم
»» أجهزة المعلومات في العالم أخفقت تجاه ما
حدث في أفغانستان
»» مجموعة أحمد مسعود في بانشير مخترقة
أمريكيًّا منذ سنوات
»» مصر لديها حضور كبير في آسيا وهناك دول
طلبت منها إجلاء رعاياها من أفغانستان

قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تنظيم القاعدة موجود فعليًّا في 16 إقليمًا من أفغانستان، ولكنه بعد أحداث 11 سبتمبر لم يقم بأي عملية مشابهة، ما يعني أن الأمة الأمريكية حمت نفسها من تكرار هذا النوع من العمليات، ولكنها في الوقت نفسه صدرت الإرهاب للعالم، مثلما حدث في العراق وليبيا، وأسقطت عددًا من الأنظمة.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها المركز العربي للدراسات، ومؤسسة البوابة، بعنوان: «أفغانستان إلى أين؟!»، حيث قال إن هناك حالة إخفاق كاملة لدى أجهزة المعلومات في العالم تجاه ما حدث في أفغانستان، مشيرًا إلى أن هذا الإخفاق ناتج عن مبالغة هذه الأجهزة في قدراتها المعلوماتية، وإعطاء نفسها صورة أكبر من حجمها، ثم انكشف الحجم الحقيقي عند أول اختبار.
وأضاف: المعلومات كانت تقول إن الحركة قبل يوم 15 أغسطس كانت تسيطر بالفعل على جزء كبير من الأراضي الأفغانية، وأن هناك دولًا تنبأت مبكرًا بوصول طالبان للحكم منها؛ روسيا والصين وقطر، ولذلك تعاملت مع الحركة منذ سنوات، واصفًا ما فعلوه بأنه «لعب بالنار»، بسبب قوة تنظيم ما يسمى «ولاية خراسان»، الموالي لداعش، باعتباره تنظيمًا قويًا ومتماسكًا وله وجود على الأرض، إلا أنه لن يدخل في مواجهات عسكرية وصراعات سياسية مع حركة طالبان –على حد قوله- وأن الخلافات الفقهية بين الحركة والتنظيم لن تمنعهما من الاتحاد لتحقيق مصالح مشتركة فيما بينهما.
الاعتراف الدولي
وحول الاعتراف الدولي بحركة طالبان بعد وصولها للحكم، لفت «فهمي» إلى أن خطورة هذا الاعتراف، تكمن في أنه ربما سيكون مقدمة للاعتراف بكل الحركات الإرهابية في العالم إذا قدر لها الوصول للحكم؟!، موضحًا أن الإدارة الأمريكية في حالة هذيان سياسي بسبب أنها لا تعترف بحركة طالبان، وعلى الرغم من ذلك تجري معها مفاوضات في قطر، وبعض الدول والعواصم الأوروبية، والسبب في ذلك هو أن أمريكا تتبع نصف حل وشبه خيار والسيناريوهات المتأرجحة.
وأشار إلى أن الشروط التي وضعتها بعض الدول مقابل الاعتراف بالحركة تعد شروطًا سطحية وغير جوهرية، مثل تمكين المرأة، مؤكدًا أن شروط القبول الحقيقية تتمثل في الاعتراف الدولي بالتمثيل الدبلوماسي والحكومي لحكومة أفغانستان الجديدة التي شكلتها الحركة.
وأكد أن بعض الدول لا تنظر لطالبان باعتبارها حركةً متطرفةً، وأن هناك حوارًا يدور بين دوائر صنع القرار في الداخل الأمريكي، حول نظام الحكم الذي ستتبناه الحركة، وما إذا كانوا سيحكمون بالشريعة أم بدستور ونصوص وضعية مكتوبة، مشيرًا إلى أن هناك نوعًا من الضبابية من جانب طالبان حول هذا الأمر، وأن الحركة لن تغير أيديولوجيتها لكي ترضي المجتمع الدولي، ولكنها ستطرح لنفسها دورًا في الإقليم.

مستقبل طالبان
أما عن مستقبل حركة طالبان فيرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنها ستحكم أفغانستان بالفعل، لأنها تمتلك مقومات الاستمرار، من موارد اقتصادية، وحضور دولي، خاصة أن أي حركة ستمارس الدور السياسي من منطلق المقاومة سيكون هناك خطر من ممارساتها، لافتًا النظر إلى أن طالبان ستواجه بعض التحديات والمقاومة، ليس من قبل أحمد مسعود شاه وهذه المجموعات، لأنها مجموعات مخترقة أمريكيًّا منذ سنوات طويلة، ولكن من مجموعات أخرى.
اختلط السني بالشيعي بالإرهاب
وقال طارق إن عودة حركة طالبان للحكم تنعش فكر كل الجماعات الموجودة للسعي لتكرار التجربة في محيطها، مدللًا على ذلك بأن أول البيانات التي خرجت لتأييد الحركة كانت من حماس وتلتها حركة الجهاد الفلسطينية ثم حزب الله اللبناني، وبعده بوكو حرام وباقي التنظيمات، واختلط السني بالشيعي، مما يثير التساؤلات حول الأمل الذي بعثه النموذج الطالباني في نفوسهم جميعًا لكي يعملوا بنفس طريقة الحركة لتحقيق هدفهم للوصول للحكم، محاكاةً للنموذج ذاته.
وأوضح أن هناك تشابهًا في تشكيل الإطار التنظيمي لكل من حركتي (طالبان وحماس)، وهذا يشير –حسب "فهمي"- إلى نوع من التقارب الذي يؤكد تكرار النموذج في دول أخرى في حال نجاحه في أفغانستان، بغض النظر عن طبيعة وشكل نظام الحكم.
وأضاف أن موجة الإرهاب المحتملة التي تحذر منها بعض الدول الآن ربما تشمل أقاليم محددة، أو أجزاء من العالم، وأن مواجهتها ستحتاج متطلبات خاصة، في ظل الفهم الخاطئ لدى دول الغرب، التي تخلط بين حكم طالبان والحكم الإسلامي، واعتبار أن هذه الحركة تمتلك نموذج حكم إسلامي يرفضه المسلمون أنفسهم، بل ويهربون منه على أجنحة الطائرات!، وتساءل: هل ستكون الولايات المتحدة قادرة على حماية العالم من الإرهاب المحتمل، خاصة أنها منشغلة بقضايا الداخل الأمريكي، في ظل ولاية الرئيس جو بايدن المهددة بالانتهاء قبل اكتمالها، نظرًا لظروفه الصحية، وحالة الزهايمر التي بدأت تنتابه.

قضية اللاجئين
وتناولت الندوة قضية اللاجئين الفارين من جحيم طالبان، حيث أكد أن حجم أفغانستان ليس كبيرًا حتى يخرج منها لاجئون كثيرون، ولكن هناك دول كثيرة، توظف ورقة اللاجئين لصالحها، وتستخدمهم سياسيًّا، مثلما يحدث في العديد من دول أوروبا، لا سيما أن ما يهم أوروبا قضيتين أساسيتين هما: الأولى عودة المقاتلين الأجانب، والثانية اللاجئون.
وعلى الرغم من أن حركة طالبان لها خصوصيتها التي تتميز بها منذ أكثر من 20 عامًا، لم تغير خلالها أيديولوجيتها أو عقيدتها، لأنها أنساق حاكمة لقادة هذه الحركة، إلا أن المجال السياسي له متطلباته، ويختلف تمامًا عن المجال الديني والفقهي –حسب «فهمي».
الحضور المصري
وأوضح أستاذ العلوم السياسي في ختام الندوة أن مصر لها حضور كبير جدًا في منطقة آسيا، والحدود المتماسة، كالهند وباكستان، وأن هناك دولًا طلبت من الدولة المصرية إجلاء رعاياها الأجانب في أفغانستان، خلال الأسبوع الماضي.
افتتحت الندوة داليا عبدالرحيم علي، رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «البوابة»، وأدار الندوة عادل الضوي، المشرف العام على المركز العربي للدراسات، بمشاركة الباحثين، حسام الحداد، وعلي رجب، وحضور عدد من الباحثين والصحفيين المتخصصين.