أردوغان وحيدًا.. «العدالة والتنمية» فقد شعبيته ورفاقه يؤسسون حزبًا جديدًا
شهد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا خسارات كبيرة على الساحة المحلية، أبرزها خسارته لبلدتي أنقرة وإسطنبول في الانتخابات المحلية، والتي أجريت في مارس 2019، وفاز حزب الشعب الجمهوري المعارض بها.

أردوغان وحيدًا
وأدى التراجع في شعبية الحزب الحاكم إلى قفز رفاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من سفينة الحزب، التي بدأت في الترنح والغرق، وعلى رأسهم مهندس الخارجية التركية ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو.
ووفقًا لصحيفة «هابر دار» التركية، الجمعة 16 أغسطس 2019، فإن أحمد داود أوغلو استأجر مبنى من ثلاثة طوابق في «بيه سو كانت» في أنقرة، على أن يكون المبنى هو مقر حزب أوغلو الجديد، والذي ينوي إطلاقه في شهر أكتوبر المقبل، ووفقًا للصحيفة فإن أوغلو زار المبنى مرتين خلال الفترة الماضية.
كما نقل موقع أحوال تركية عن مصادر مطلعة، 13 أغسطس، تأكيدات أن رئيس الوزراء السابق أصبح مستعدًا لإطلاق حزبه الجديد في 70 محافظة من أصل 81 محافظة تركية؛ حيث جهز مقرات لحزبه في تلك المحافظات.
ووفقًا للموقع، فإن رئيس الوزراء السابق سوف يلقي بيانًا للجماهير في شهر سبتمبر المقبل، معلنًا عن أهداف الحزب بصورة واضحة، بالإضافة إلى تحديد التدرج الزمني الخاص بإطلاق الحزب ومشاركته بصورة رسمية في العمل السياسي.
ويريد أحمد داود أوغلو أن ينهي التحالف مع حزب الحركة القومية اليميني المتطرف، بالإضافة إلى إعادة هيكلة النظام الداخلي الحاكم في البلاد بعد أن وسع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من صلاحياته بعد الانتخابات العامة في يونيو 2018، ويريد أوغلو أن يكون رئيس الدولة ليس رئيسًا للحزب الحاكم، مع تقليص صلاحياته لصالح البرلمان.
وكان رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو قد هاجم رفيقه السابق رجب طيب أردوغان بصورة واسعة خلال الفترات الماضية، محملًا إياه مسؤولية ما وصل إليه الحزب الحاكم من تراجع، وفي حديثه لصحيفة «فايننشال تايمز»، يوليو 2019، قال أوغلو إن هناك «عدم رضا واسع النطاق في داخل الحزب».
وأضاف أوغلو في حديثه بأن انحراف حزب العدالة والتنمية الحاكم عن قيمه الأساسية آثار غضبًا واسعًا في القاعدة الشعبية للحزب؛ خصوصًا مع عدم وجود حرية للفكر أو للتعبير في داخل الحزب، مشيرًا إلى أن نقل الدولة للنظام الرئاسي وضع السلطات في يد أردوغان، وهو ما أضر بالمؤسسات التركية بصورة سلبية.
ويرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه خلال الشهرين الماضيين كان هناك تحرك من علي باباجان وأحمد داود أوغلو ومعهم 11 قياديًّا من حزب العدالة والتنمية، ومنهم رجال أعمال، وانشقوا عن حزب العدالة والتنمية، وأعلنوا تأسيس أحزاب خاصة بهم.

الحزب الجديد.. مشاركة لا مغالبة
ويضيف طارق فهمي أن هناك نقطتين مهمتين، الانشقاق داخل الحزب بقيادات كبيرة مثل أحمد داود أوغلو، الذي يعد منظر العثمانية الجديدة وصاحب رؤية تصفير المشاكل، وعلي باباجان، رئيس الحكومة وأحد أهم الشخصيات بالحزب، واستطاعا استقطاب أعضاء بالمحافظات التركية لصالحهم قبل بدء الإجراءات التنفيذية.
ويشير أستاذ العلوم السياسية إلى أن السؤال الأهم هل هذا ينقص من رصيد الحزب الحاكم؟ وهل هذه بداية لانشقاقات أخرى؟ خصوصًا على مستوى أقطاب المال في أزمير وإسطنبول، والنقطة الثانية وهي الأهم، ماذا سوف يقدم الحزب الجديد للدولة التركية خصوصًا في أقرب استحقاقات؟، ولكن المؤكد أن هذا الحزب سوف يكون منافسًا لأردوغان شخصيًّا، والانشقاقات مع انهيار الاقتصاد التركي سوف يؤدي إلى انتهاء تجربة حزب العدالة والتنمية، ومن المؤكد أن أردوغان لن يستطيع استخدام العنف في إنهاء تجربة أحمد داود أوغلو؛ وذلك لأنه شخصية كبيرة ولها ثقلها ورمز للعثمانية الجديدة.
ويضيف فهمي أن أوغلو يعتمد في حزبه على بعض المبادئ ومنها المشاركة لا المغالبة؛ حيث سوف ينفتح على كل مكونات الحياة السياسية التركية، كما سوف يعيد ترتيب علاقات تركيا في الإقليم مع الدول المهمة في المنطقة ومنها إسرائيل؛ حيث يهدفون إلى تحسين علاقتهم بها اقتصاديًّا بعيدًا عن التركيز في الجوانب السياسية، ومصر حيث لا يرون بأنه لا داعي للدخول في خلافات معها خصوصًا وأنها دولة محورية في المنطقة.