دولة لن تعرف الاستقرار.. أفغانستان فريسة طالبان وداعش ورهينة المستقبل المظلم
السبت 04/سبتمبر/2021 - 12:16 م
محمود البتاكوشي
يبدو أن أفغانستان لن تعرف معنى الاستقرار في الأجل القريب، بعد انسحاب قوات التحالف الدولي وسيطرة حركة طالبان على السلطة في البلاد بصورة فاقت كل التوقعات من حيث السرعة، مستغلة حالة السيولة التي تعاني منها الدولة؛ إثر انسحاب قوات التحالف الدولي، مما ينذر بحرب أهلية تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وتطرفها.
انسحاب القوات الأمريكية وعدم قيام واشنطن بتمويل الجيش الأفغاني ماليًّا وعسكريًّا وضع البلاد تحت رحمة ميليشيات طالبان، وخاصة أنها تعتمد كليًّا على الدعم الأمريكي، وأكبر دليل على ذلك سقوط المدن الأفغانية في يد طالبان وانسحاب قوات الجيش من المشهد برمته تاركًا أسلحته، هذا المشهد توقعته بحذافيره النائبة في البرلمان الأفغاني، ريحانة آزاد التي حذرت من خطر «طالبان» وقالت الآن الحركة أقوى من السابق وتنظيم داعش والمجموعات الإرهابية الأخرى وجدت موطئ قدم لها، لذلك فإن الانسحاب المتسرع واللا مسوؤل ستكون عواقبه خطيرة ليس على أفغانستان وإنما على كل المنطقة والعالم».
بالرغم من أن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان قد يمنح التنظيمات الإرهابية التي تقتات على الدماء والفوضى، قبلة الحياة بدليل هجوم تنظيم داعش الإرهابي على مطار كابول وأسفر عن مقتل 13 أمريكيًّا و170 آخرين خارج مطار كابول الدولي، ومن المنتظر أن ينشط تنظيم القاعدة هو الأخر، لكن هناك بعض المعطيات تؤكد أن هناك فرصة للنجاة من هذا السيناريو الأسود، وخاصة أن حركة طالبان لابد أن تكون قد وعت الدرس جيدًا وتعلمت من أخطاء الماضي.
«طالبان» لا تريد أن تكون أفغانستان دولة منبوذة، وإنما يريدون اعتراف المجتمع الدولي بهم، وليس كما حدث إبان حكمهم بين عامي 1996 و2001 ولم يعترف بها سوى 3 دول فقط وهي: باكستان والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
الأمر الآخر الذي قد يمنع وقوع أفغانستان في قبضة التنظيمات الجهادية هو محيطها الإقليمي، وأكبر دليل على ذلك أن روسيا فتحت منذ سنوات قنوات اتصال مع حركة طالبان، والصين كثفت اتصالاتها مع الحركة منذ عدة أشهر، كذلك إيران تراهن على الحوار مع طالبان، وقد عرضت مساعدتها للمساهمة في نجاح محادثات السلام في أفغانستان.
وهذه الدول الثلاث المجاورة لأفغانستان، يجمعها مكافحة الجهاديين، و«طالبان» تدرك ذلك جيدًا، كما أن والولايات المتحدة حتى بعد انسحابها من أفغانستان، لديها خيارات لمراقبة المشهد الجهادي في أفغانستان، وعند الحاجة محاربته أيضًا، ويقول الخبير الأمريكي دانيال بايمان: «إن الجيش الأمريكي بحث إمكانية استخدام قواعده الجوية خارج أفغانستان لتنفيذ هجمات على معسكرات القاعدة، أو حتى تنفيذ عمليات برية في أفغانستان إذا اقتضت الضرورة ذلك»، كما حدث في الضربة الأمريكية بطائرة مسيرة استهدفت من وصفهم البنتاجون بمخططي وميسري تنظيم داعش - خراسان في إقليم ننجرهار بأفغانستان.
وجاءت الضربة الأمريكية بعد يوم من تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانتقام من الجماعة، عقب الهجوم الإرهابي الذي أسفر عن مقتل عشرات الأبرياء، قائلًا: «إن الضربات الأمريكية ضد عناصر داعش – خراسان المتورطين في الهجوم على مطار كابول، ستظل مستمرة».
وأكد بايدن أن الضربة الأمريكية المُنفذة بطائرة دون طيار أدت إلى مقتل «هدفين بارزين» وإصابة آخر، «لن تكون الضربة الأخيرة.. سنواصل تعقب أي شخص متورط في هذا الهجوم الشنيع ونجعله يدفع الثمن»، محذرًا من أن «الوضع على الأرض لا يزال شديد الخطورة».
الأمر الآخر الذي يدعم وجهة عدم وقوع أفغانستان في فخ التنظيمات الإرهابية، هو حالة العداء الذي يحكم علاقة داعش خرسان وحركة طالبان التي ينظر إليها التنظيم الإرهابي باعتبارها غير متمسكة بـ تعاليم الإسلام، إذ وصفها بيان لداعش بأنها شريكة الجيش الأمريكي وتساعده على إجلاء جواسيسه من أفغانستان، المشترك ملئ بالصراعات والضربات القاتلة وكلاهما يعتبر الآخر تهديدًا له.
وبحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي نشر في مايو الماضي، وجاء فيه لقد لعبت قوات طالبان دورًا مهمًا في إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش الإرهابي، كما تختلف أهداف الجماعات الجهادية مثل تنظيمي القاعدة وداعش، عن أهداف حركة طالبان، التي تركز على توسيع وترسيخ سلطتها في أفغانستان، في حين تنشط التنظيمات الأخرى على المستوى الدولي ولا تهتم بالحدود، كما يتهم تنظيم داعش الأفغان بالتركيز على بلدهم وجعله فوق الإسلام ونشره في العالم.





