وفد رسمي أمريكي لتونس... واشنطن تنهي حيادها وتنحاز لقيس سعيد
يواصل تيار الإسلامي الحركي خسائره في تونس، فبعد الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي، قيس سعيد، في 25 يوليو الماضي، وقضى فيها بتجميد البرلمان وحل الحكومة، كانت حركة النهضة المتضرر الأكبر من الإجراءات تراهن على تحرك أمريكي يُجبر سعيد على التخلي عن قراراته.
ما حدث كان عكس ذلك، إذ مالت واشنطن إلى خيار مسك العصا من
المنتصف، وهو ما استفز التنظيم الدولي للإخوان، وراح يذكر من خلال النوافذ
الإعلامية له، أشكال النفوذ الأمريكي على الداخل التونسي، وقدرته على إحداث تغييرات
على الساحة التونسية إن رغب.
وبخلاف الميل الأمريكي نحو عدم التدخل، أبدت واشنطن ميلًا أكثر نحو فريق
الرئيس التونسي، عبر إرسالها لوفد رسمي، أمس الجمعة تونس محملًا برسالة للرئيس
التونسي من نظيره الأمريكي جو بايدن.
وتضمنت الرسالة بحسب منشور وضعته الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية على
موقع «فيسبوك»، أمس الجمعة، أن الرئيس الأمريكي يتابع تطور الأوضاع
في تونس، وهو يكنّ كل الاحترام لتونس ولرئيسها.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تعلم
حجم ونوعية التحديات التي تواجهها تونس، لا سيّما منها الاقتصادية والصحية.
كما أكّد مساعد مستشار الأمن القومي
الأمريكي ورئيس الوفد جوناثان فاينر أن الولايات المتحدة الأمريكية متمسّكة
بصداقتها الاستراتيجية مع تونس، وتدعم المسار الديمقراطي فيها، وتتطلّع إلى
الخطوات المقبلة التي سيتخذها سعيد على المستويين الحكومي والسياسي.
من جانبه ذكّر الرئيس التونسي، خلال هذا اللقاء، بأن التدابير الاستثنائية
التي تم اتخاذها في البلاد مؤخرًا، تندرج في إطار تطبيق الدستور وتستجيب لإرادة
شعبية واسعة، لا سيّما في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية واستشراء
الفساد والرشوة.
وحذّر سعيد من محاولات البعض بث إشاعات، وترويج مغالطات حول حقيقة الأوضاع في تونس، مبيّنا أنه لا يوجد ما يدعو للقلق على
قيم الحرية والعدالة والديمقراطية التي تتقاسمها تونس مع المجتمع الأمريكي.
تراجع النهضة
ومع تضييق الخناق فضلت حركة النهضة خيار التهدئة والعودة للخلف، تفاديًا
لمزيد من الخسائر، ووصل الوضع إلى أن زعيم الحركة راشد الغنوشي، أقر في حوار له مع
وكالة الأناضول، بأخطاء الحركة، متعهدًا بعقد مراجعات جذرية كنوع لما أسماه الإصغاء لإرادة الشعب.
واعترف الغنوشي بوجود غضب شعبي نتيجة
لـ«غياب المنجز الاقتصادي والاجتماعي للثورة، وغضب من سلوك العديد من السياسيين
بمن فيهم إسلاميون»، مبررًا بأن التجربة التونسية ناشئة، ووارد حصولها واحتوائها
على بعض القصور.
خسارة الورقة الأمريكية
منذ طرح اسم جو بايدن وتمني جماعات الإسلام الحركي نفسها بأنها على
موعد مع امتداد لحكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي مرر وصول الإسلاميين إلى
السلطة بالشرق الأوسط خلال ما عرف بـ«الربيع العربي».
دعمت الجماعة المرشح الديمقراطي وجمعت له الأصوات ليحل أول اختبار
لبايدن بعد تسلمه للسلطة ممثلًا في أحداث تونس ليبدو فيه مترددًا غير منحاز
للإسلاميين كما منت الجماعات نفسها.
وعقب أسبوعين من عدم الانحياز الذي فضله بايدن، أقبل الرئيس على إرسال
وفد أكد على استمرارية العلاقات
الاستراتيجية بين الدولتين، وهو ما يُحبط كل الآمال التي عقدها الإسلاميون على
أمريكا خلال حقبة الرئيس الجديد.





