ad a b
ad ad ad

التغير الإستراتيجي لـ«طالبان».. مناورة قبل التمكين أم تحولات في المنهج؟

الإثنين 16/أغسطس/2021 - 01:34 م
المرجع
محمد يسري
طباعة

من أبرز المخاوف التي خلفها الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ترك الساحة أمام حركة طالبان، لتكون ملاذًا آمنًا للجماعات الجهادية، وتصديرها إلى البلدان المحيطة، خاصة الصين المنافس الإقليمي الشرس للولايات المتحدة؛ بل إن الكثير من المراقبين اعتبروا أن أهم أهداف انسحاب واشنطن من البلاد في هذا التوقيت هو إفساح المجال لخلق بؤر توتر أمام منافسيها في هذه المنطقة وعلى رأسها الصين وإيران وروسيا.


إلا أن الأمر لم يكن بهذه الصورة لدى قيادات «طالبان» الذين بدأوا منذ أكثر من عامين في إرسال رسائل طمأنة للجميع في محاولة لكسب رضا محيطها الإقليمي، بدءًا من روسيا، ومرورًا بالجمهورية الإيرانية ثم مؤخرًا الصين،  وفي الوقت نفسه إصرارها على الوصول للسلطة بالقوة العسكرية.

التغير الإستراتيجي

زيارة الصين


في الثامن والعشرين من يوليو الماضي أعلن المتحدث باسم حركة طالبان أن وفًدا من قادة الحركة التقى في الصين وزير الخارجية الصيني ومسؤولين من الدبلوماسية الصينية.


وقال المتحدث محمد نعيم: «إنه خلال هذه الزيارة التي تستمرّ يومين، عقد الوفد المؤلف من تسعة أعضاء بقيادة المسؤول الثاني في حركة طالبان الملا عبدالغني بارادار لقاءات منفصلة مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي ونائب وزير الخارجية والممثل الصيني الخاص لشؤون أفغانستان».


وقال نعيم لوكالة فرانس برس في كابول: «إن متمردي طالبان أكدوا للصين أن الأراضي الأفغانية لن تُستخدم ضد أمن أي بلد كان».


وأضاف: «إن المسؤولين الصينيين وعدوا بعدم التدخل في الشؤون الأفغانية، إنما على العكس المساعدة في حلّ المشاكل وإرساء السلام».

التغير الإستراتيجي

تحولات براجماتية


لم يكن في حسبان الحركة أن تتحول الى حركة سياسية بالمعنى الحزبي التنظيمي، ولذا تشكلت لديها بعض الأفكار السياسية البدائية اجتهادًا منها واستجابة آنية للمعطيات على أرض الواقع، ومن المنطلق نفسه فهي لم تعترف بأنظمة وضعية سائدة مثل الديمقراطية وغيرها التي تمنح حق التشريع للشعب والحاكمية له.


فحركة طالبان بهذه الصورة لا تختلف كثيرًا في أصولها ومرجعياتها الفكرية عن نظيراتها مع الجماعات الإسلامية المسلحة كتنظيم القاعدة وغيرها، وبالتالي فليس من السهل التحول في أيديولوجيات الحركة باعتبارها ثوابت دينية، تعطيها شرعيتها في الوجود. إلا إذا كان ذلك التحول، مرحلة في حياتها، أو نوعًا من المناورة التي تفرضها الضرورة بحسب فقه الواقع؛ قبل الوصول إلى التمكين، ومن ذلك الجلوس على مائدة المفاوضات مع أعدائها، كالولايات المتحدة الأمريكية، ومنها أيضًا الدخول في مفازضات مع دول الجوار كالصين.

التغير الإستراتيجي

التخلي عن الإيجور


تعود علاقات «طالبان» مع مسلحي الإيجور، خاصة حركة تركستان الشرقية الإسلامية وخليفتها الحزب الإسلامي التركستاني، إلى الأيام التي كان فيها أسامة بن لادن متمركزًا في أفغانستان، قبل هجمات 11 سبتمبر 2001


وأكد تقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العام الماضي أن نحو 500 من أعضاء الحركة ما زالوا في أفغانستان، معظمهم في منطقتي ريغستان ووردوج في مقاطعة بدخشان وأغلبها مناطق تسيطر عليها الحركة حاليًا.


وتعلن الحركة اهتمامها بقضية الإيجور، اهتمامها بكل المسلمين المضطهدين في العالم، وقال مسؤول رفيع في حركة طالبان خلال زيارته الصين: «نحن نهتم باضطهاد المسلمين سواء في فلسطين أو ميانمار أو الصين، ونهتم باضطهاد غير المسلمين في أي مكان في العالم». غير أنه بعث رسالة طمأنة للصين بقوله: «ما لن نفعله هو التدخل في الشؤون الداخلية للصين».


وتشير التقارير الاستخباراتية إلى استمرار العلاقة بين طالبان، وحركة تركمنستان الإسلامية" في الصين، حتى وقت قريب، ففي يناير 2021م، أعلنت الحكومة الأفغانية، أنها أبعدت 10 صينيين تتهمهم بالاتصال بجماعات موالية لجماعة طالبان في العاصمة كابول، في العاشر من ديسمبر الماضي، بتهم قيامهم بأنشطة تجسس في البلاد.


وقالت التقارير الأمريكية نقلًا عن تقارير موثقة نشرت في الهند «إن الأشخاص الصينيين استخدموا العاصمة كابول كمحطة وهمية لـ"حركة تركمانستان الشرقية الإسلامية" ETIM، وهي جماعة انفصالية مسلحة، تسعى لإقامة دولة إسلامية منشقة لأقلية الإيغور الإثنية»، والغرض من المحطة الوهمية حسبما أفادت التقارير، يستهدف الإيقاع بالأشخاص الداعمين لـ«حركة تركمانستان الشرقية الإسلامية» (إتيم) وأعضائها الذين ينشطون في أفغانستان.


وتكشف الزيارة الأخيرة لوفد طالبان إلى الصين تحول نوعي في التعامل مع قضية الإيجور، والتخلي عنهم مقابل التعاون مع الصين أو الحصول على دعمها مستقبلًا في أفغانستان، ولذلك تريد طالبان إظهار حسن النية للصين.

"