بسبب مناورات إخوان تونس.. هل تتخلى الكتل الإسلامية عن «النهضة» في الانتخابات؟
في أجواء من التوتر الأمني في تونس، إثر تفجيرين انتحاريين تبناهما تنظيم «داعش» الإرهابي، أوقعا قتيلين وسبعة جرحى، قرر رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، منع النقاب في المؤسسات العامة؛ حيث وقع على منشور حكومي يمنع كل شخص غير مكشوف الوجه من دخول مقرات الإدارات والمؤسسات والمنشآت العمومية، وذلك لدواعٍ أمنية.
وتوالت ردود الفعل المتباينة عقب إعلان منشور الحكومة التونسية بمنع ارتداء النقاب، بين مؤيد بقوة ومعارض بشدة، إذ لقيت هذه المبادرة دعمًا قويًا من قبل التيارات السياسية اليسارية والليبرالية، فإن أطرافًا إسلامية زعمت أن هذا القرار سيؤثر على الحريات الفردية.
ورغم رفض الأطراف الإسلامية القرار، فإن حركة «النهضة» الذراع الإخوانية في تونس، أبدت موقفًا متفهمًا تجاه هذا الإجراء؛ حيث أكدت لطيفة الحباشي، النائبة الممثلة لحركة النهضة في البرلمان، أن المنشور الحكومي أشار فقط إلى منع دخول كل شخص لا يكشف عن وجهه، أو يمتنع عن تقديم هويته الشخصية، وهذه مسائل جوهرية في حرب تونس على الإرهاب، وحزب النهضة يدعمها دون تحفظ.
موقف حركة النهضة من قرار «منع النقاب» لم يكن الأول الذي تختلف فيه الحركة الإخوانية عن الأطراف الإسلامية، فقد اتخذت مسارًا مختلفًا عن الجماعات الإسلامية حينما طرح الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي أمام البرلمان مقترحًا يقضى بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث.
وطالب -آنذاك- رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، بالالتزام التام بخيار التوافق مع رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، واعتباره الإطار الأمثل للحوار حول كل القضايا للوصول لبدائل وتوافقات، بعيدًا عن منطق الغلبة وفرض الرأى.
ودعا «الغنوشي» الأطراف كافة لمعالجة الاختلافات حول هذا الموضوع في إطار الحوار والبحث عن الحلول المعقولة سياسيًّا والمقبولة دستوريًّا في كنف الاحترام الكامل للمؤسسات، في مواجهة إرهاب متربص يرى تونس باعتبارها نموذجًا للتعايش بين الإسلام والديمقراطية، خطرًا على استراتيجيته التكفيرية الإجرامية الشريرة.
على صعيد متصل، قال رياض جراد، الناشط السياسي والقيادي بالاتحاد العام لطلبة تونس: إن «موقف حركة النهضة من قرار «منع النقاب» ومسألة المساواة في الإرث أيضًا ما هو إلا مناورة إخوانية، بل وضرب من ضروب الاحتيال والاعتداء على ذكاء التونسيين، خاصة أن حركة النهضة الإخوانية عودتنا في تونس على إزدواجية خطابها وتلونها في إطار نظرية "التمكين" التي يؤمنون بها حتى السيطرة على مفاصل الدولة والمجتمع».
وأوضح «جراد»، في تصريح خاص لـ«المرجع»، أن «النهضة» مضطرة اليوم أن تقدم «خطاب طمأنة» للداخل والخارج بعد أن تكدست الأدلة والوثائق التي تُثبت تورطها التام في الاغتيالات السياسية التي شهدتها البلاد، وكذلك في العمليات الإرهابية التي تستهدف أجهزة الدولة التونسية وأمنها واستقرارها .
وأضاف: أن «حركة النهضة خسرت -إلى حدود الانتخابات البلدية- حوالي ثلثي مخزونها الانتخابي الذي يشهد انهيارًا متواصلًا، والذي لا أعتقد أنه يساوي اليوم أكثر من 200 ألف ناخب معظهم من المغرر بهم بعد أن استفاق الشعب التونسي على حقيقة ثابتة مفادها أنهم «ليسوا إخوانًا ولا مسلمين» بل هم «تجار دين» كما يصفهم الشارع التونسي اليوم الذي استفاد من تجربة الشعب المصري العظيم في تطهير بلاده من رجسهم».
وتابع الناشط السياسي والقيادي بالاتحاد العام لطلبة تونس: «ما يتخوف منه أغلب الفاعلين السياسيين الوطنيين في تونس، أن يلعب كل من المال القطري والتركي دوره في دعم الحركة الإخوانية؛ ما يعني تزوير إرادة الشعب في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة».





