ad a b
ad ad ad

داعش في العراق.. أسباب العودة وتداعيات الظهور

الأحد 08/أغسطس/2021 - 07:16 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة

أسباب عدة وفرت لتنظيم «داعش» الإرهابي العودة للعراق من جديد عن طريق خلاياه النائمة التي لا تزال تشكل تهديدًا أمنيًّا للساحة العراقية، أبرزها حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني.

داعش في العراق..
حيث حذّرت وكالات الاستخبارات الدولية من أن الوضع السياسي غير المستقر في العراق يوفر لخلايا التنظيم الإرهابي الأرضية المناسبة لتخرج من مخابئها، وتعيد تجميع صفوفها؛ بجانب الفقر وعدم المساواة بين المواطنين كافة، فاستمرار الفقر وعدم المساواة يدفع العديد من الشباب للانضمام إلى الجماعات الإرهابية، ما يمكن أن يوفر أرضية خصبة لنشاط خلايا «داعش» الذي بالكاد انتصرت عليه الدولة في حرب شردت عشرات الآلاف، وخلفت الكثير من المناطق تحت الأنقاض، وما زالت تعاني في انتظار إعادة الإعمار.


عودة سهلة

«خطر التنظيم لا يزال قائمًا فكرًا وتنظيمًا» بتلك الكلمات صرّح «فؤاد حسين»، وزير الخارجية العراقي، خلال لقائه السبت 31 يوليه 2021، رئيس مجلس الأمن، المندوب الدائم لفرنسا «نيكولاس دي ريفيل»، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، بأن داعش خطره يمكن فكرًا وتنظيمًا، مع الأخذ بنظر الاعتبار وجوده في العراق وسوريا وتنظيمات إرهابيّة أخرى تسعى إلى التنقل عبر الحدود الوطنية، مشيرًا إلى أن مخرجات الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة تضمنت انسحاب القوات القتالية الأمريكية من العراق بحلول نهاية العام الحالي، على أنّ يستمر التعاون في مجالات التدريب والمشورة لتعزيز قدرات القوات الأمنيّة العراقيَّة في مُكافحة الإرهاب، مؤكدًا أن العراق يعمل بالتعاون مع المجتمع الدوليّ، للقضاء على داعش، ولمُواجهة الخطر الإرهابيّ وإنهاء وجوده ومصادر تمويله.


في الجهة المقابلة، قال «جون غودفري» مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية للتحالف الدولي ضد داعش التنظيم: إن التنظيم يحاول الاستفادة من تدهور الأوضاع الاقتصادية في العراق، وأيضا في سوريا لإعادة بناء نفسه، مؤكدًا أن هناك شيئًا واحدًا أسمعه باستمرار في كل من العراق وسوريا، وهو أن الفقر وعدم المساواة يستمران في دفع العديد من الشباب للانضمام إلى الجماعات الإرهابية، بما في ذلك داعش.


وبحسب تقرير وكالات مخابرات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فإن التنظيم الإرهابي يعيد تأكيد نفسه في محافظات «ديالى» و«صلاح الدين» و«كركوك» والتي تعرف باسم «مثلث الموت»، حيث نفذ عناصره سلسلة من الهجمات، بالإضافة شن هجمات في العاصمة بغداد؛ إذ يواصل التنظيم الإرهابي، بحسب فريق مراقبة العقوبات التابع للأمم المتحدة، مهاجمة المدنيين والأهداف السهلة الأخرى في العاصمة كلما أمكن ذلك لجذب انتباه وسائل الإعلام وإحراج حكومة العراق، مستغلا ضعف التواصل والتنسيق بين المحافظات العراقية المختلفة.

داعش في العراق..

الموقف الأمريكي

تزامنت هجمات تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق مع تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن بلاده ستنهي بحلول نهاية العام الجاري مهامها القتالية في العراق، وهو ما أثار تساؤلات عن مستقبل وجود واشنطن في سوريا والعراق في وقت تزامن فيه عودة قوة لتنظيم «داعش» الإرهابي مستغلا الأوضاع في البلد المضطرب.


وستعيد الولايات المتحدة، توزيع قواتها ضمن صراعها الجيوسياسي مع روسيا والصين وإيران، بما يحفظ بقاءها في سوريا والعراق في شكل الحليف ومهام تدريب، لحفظ التوازن مع منافسيها الدوليين من ناحية، وتقديم الدعم لحلفائها مثل الحكومة العراقية والأكراد في الحرب ضد داعش من ناحية أخرى، ما يفيدها أيضًا في تقليل خسائرها المادية والبشرية.


ويعقّد شبح التهديدات الإرهابية، وفق مراقبين، الانسحاب الأمريكي الكلي من المشهد العراقي، والعودة مثلما حدث مع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في سنة 2016، إذ يستدل أصحاب هذه القراءة بنتائج تقرير فريق مراقبة العقوبات التابع للأمم المتحدة التي تشير إلى أن الهجمات في بغداد في يناير وأبريل 2021 تؤكد صمود التنظيم على الرغم من جهود قوات مكافحة الإرهاب في ملاحقة خلايا التنظيم.


ويتطلع العراق لإجراء الانتخابات التشريعية المبكرة بالتزامن مع تغييرات في الإستراتيجية الأمريكية والاتفاق الحاصل بين «مصطفى الكاظمي» رئس الوزراء العراقي، و«جو بايدن» الرئيس الأمريكي، في واشنطن، القاضي بانسحاب جميع القوات الأمريكية المقاتلة من العراق بحلول نهاية العام الجاري 2021.


وكان فريق مراقبة العقوبات التابع للأمم المتحدة، حذّر الأسبوع الماضي، من انتكاسات في العراق وسوريا حال الانسحاب الأمريكي مع بقاء داعش، مستدلا بمعلومات عن تطور عمل التنظيم المرتكز على نقاط الضعف الأمني في البلدين، ما يسمح له بشن هجمات والاختباء في ملاذات آمنة.


من جهته، أعلن التحالف الدولي ضد «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة، أواخر يوليه الماضي، أنه سيظل ملتزمًا بدعم حلفائه في المنطقة لمنع عودة تنظيم «داعش» الإرهابي، قائلًا في تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» سيبقى التحالف ملتزمًا بدعم قواتنا الشريكة لمنع عودة داعش، وتعزيز الاستقرار الإقليمي»، مضيفًا «منذ عام 2014، قمنا بتقديم الدعم إلى القوات الشريكة من أجل تمكين نموهم المستمر وقدرتهم حيث أدت جهودنا المشتركة إلى هزيمة ما يسمى بخلافة داعش المادية»؛ ما يزيد من التساؤلات حول مستقبل شكل التواجد الأمريكي في العراق، خاصة مع الصمت المطبق بشأن جدول الانسحاب من البلد المضطرب.


فيما قالت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» ومسؤولون آخرون في الإدارة الأمريكية، إنهم سيحققون ذلك أي الانسحاب من خلال إزالة عدد صغير من أصل الـ2500 جندي أمريكي الذين يتمركزون حاليًّا في العراق، ومن ثم إعادة تصنيف أدوار القوات الأخرى المتبقية، حيث ستبقى لكن تحت مسميات غير قتالية.


وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فإن هذه التعديلات التي سيحصل عليها «الكاظمي» عبارة عن جائزة سياسية سيأخذها إلى الوطن لإرضاء الفصائل المعادية للولايات المتحدة في العراق، وبينما سيبقى الوجود العسكري الأمريكي في العراق، موضحة أن الحكومة العراقية إلى جانب العديد من كبار المسؤولين العسكريين العراقيين يفضلون بهدوء بقاء حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق في شكلهم الحالي.


ونوّهت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، إلى أنه في مواجهة جائحة «كورونا» (كوفيد-19)، وأزمة الميزانية والميليشيات القوية المدعومة من إيران الخارجة عن سيطرته إلى حد كبير، لم ينجز «الكاظمي» سوى القليل منذ توليه منصبه قبل عامين، ويقول مستشاروه إنه إذا مُنح المزيد من الوقت فقط، سيكون بإمكانه كبح جماح الميليشيات والقضاء على الفساد، واعتقال المزيد من القتلة لمئات المتظاهرين والنشطاء العزل.

داعش في العراق..

الرد على الإرهاب

على الرغم من إعلان العراق في 2017، تحقيق النصر الكامل على تنظيم داعش الإرهابي، واستعادة كافة الأراضي العراقية التي سيطر عليها التنظيم الإرهابي في 2014، والتي كانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد، فإن التنظيم الإرهابي لا يزال حتى يومنا هذا يحتفظ بخلاياه النائمة في مناطق واسعة بالعراق، متحصنة في المنطقة الشمالية الجبلية الوعرة، وصحاري غرب العراق.


وعلى إثر العمليات الإرهابية التي يشنها التنظيم الإرهابي داخل المحافظات العراقية، كان الرد من قبل السلطات العراقية الأمنية سريعًا، حيث تم إلقاء القبض الأحد 1 أغسطس 2021، على عدد من العناصر البارزين الذين ينتمون للتنظيم الإرهابي في عدد من مدن شمال وغرب العراق، وذلك بعد يوم واحد من اعتداءات إرهابية نفذها التنظيم أوقعت 18 قتيلاً وأكثر من 30 جريحًا، غالبيتهم مدنيون، في مؤشر جديد على تصاعد الاعتداءات الإرهابية لخلايا وجيوب التنظيم، حيث تسعى قوات الأمن العراقية للحدِّ من هجمات التنظيم الليلية، من خلال خطط جديدة دفعت بموجبها تعزيزات أمنية لعدد من المناطق التي تشهد تكرارًا في الهجمات الإرهابية، أبرزها محافظات «كركوك» و«صلاح الدين»، وسط معلومات عن قرب إطلاق حملة عسكرية جديدة تستهدف مناطق جبلية وعرة يعتقد أنها تؤوي خلايا وجيوبًا لمسلحي التنظيم بين كركوك ونينوى.


وصدر بيان عن خلية الإعلام الأمني، بإلقاء القبض على على عنصر بارز في تنظيم داعش يُدعى «أبو رسول»، وشغل عدة مناصب في التنظيم، من بينها آمر مفارز مسلحة، مؤكدًا القبض عليه خلال عملية لوكالة الاستخبارات في بلدة الشرقاط بمحافظة صلاح الدين، حيث أعلن اللواء يحيى رسول، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، القبض على قيادي بالتنظيم في عملية شمال البلاد، قال إنه يُكنّى بـ«أبو جراح»، وظهر في أشرطة مصورة وكان يردد أناشيد للتنظيم الإرهابي، كما أكد القبض 6 عناصر في كركوك وبغداد ونينوى متورطين بالعمل لصالح التنظيم، إذ يأتي ذلك بالتزامن مع اعتقالات طاولت مشتبهًا فيهم وعناصر مرتبطة بمسلحي التنظيم غرب الأنبار.


وكان الجبوري، محافظ كركوك، أكد في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية، أن المحافظة تشهد عمليات عسكرية للتمشيط والتفتيش منذ 3 أيام في عدة محاور، منها جنوب وغرب كركوك وشمال غرب المحافظة، اعتقل على إثرها أكثر من 30 مطلوبًا في المحافظة خلال الأيام الماضية، بعضهم بتهمة الإرهاب، إضافة إلى تدمير أكثر من 15 مضافة للعدو، فضلا عن ضبط أسلحة ومعدات للإرهابيين؛ موضحًا أن العمليات تشترك بها قيادات الفرقة الثامنة والشرطة الاتحادية، مشيرًا إلى أن تلك المناطق تتطلب نشر قوات أمنية مع تكثيف الجهد الاستخباري، وتنفيذ ضربات جوية مباشرة على المجاميع الإرهابية، فضلاً عن إعادة هيكلة القوات العشائرية في المنطقة لمسك الأرض بما يعزز الاستقرار وعودة النازحين إلى المناطق المحررة.


للمزيد: استقطاب المهمشين.. استراتيجية «داعش» الجديدة لإعادة تجنيد العناصر المحلية

"