السنغال تواجه تحديات مكافحة الإرهاب وسط انتشار التطرف إقليميًّا

في ظل التخوف من التمدد الإقليمي للتطرف بالمنطقة، تتنامى حاجة جمهورية السنغال فى غرب افريقيا للتأمين ضد العمليات الإرهابية، وتبقى القوانين من أهم الأدوات التي تحتاج إليها «داكار» وغيرها من الدول لتتمكن من مكافحة الإرهاب العابر للقارات، لكن الحكومة السنغالية تواجه إشكالية حول التوافق على المواد القانونية اللازمة لهذا الإطار.

وتجتهد الحكومة السنغالية عبر حزمة من الإجراءات لمقاومة الإرهاب الذي تعتبره من أخطر الملفات الحالية بالمنطقة.
ويعد القانون المقترح من الحكومة أبرز المسارات الحالية التي اتُخذت لمواجهة الأزمة، بيد أن الرأي العام يعارض القانون ويعتبره مقيدًا للحقوق الشخصية، إذ اندلعت اشتباكات في 26 يونيو 2021 بين الحكومة ومتظاهرين في محيط البرلمان حيث يُناقش مشروع القانون.
وترتكز أغلب الاعتراضات على القانون الجديد حول توصيف جميع عمليات تهديد الأمن والنظام الداخلي بعمليات إرهابية دون تحديد واضح حتى الآن، ما يعرض مشروع القانون لاعتراضات حقوقية ومدنية، ولكن تبقى إشكالية تعزيز الأمن أمرًا حتميًا للسنغال لتردي الأوضاع في محيطها الجغرافي.

التمدد الإقليمي للجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا
تعاني السنغال من انتشار إرهابي يتمدد في محيطها الجغرافي، حيث يحدها من الشرق مالي التي ينتشر بداخلها تنظيم «القاعدة» وينافسه «داعش» من آن لآخر، ومن جهة أخرى تتقاسم البلاد حدودها مع غينيا المرشحة بقوة لتكون نقطة ارتكاز جديدة لتنظيم «داعش» .
وحول النفوذ الإرهابي بمنطقة الساحل والصحراء الأفريقية ومدى الخطورة التي تواجهها السنغال إزاء الأمر، أشارت صحيفة «الجارديان» البريطانية في 25 يونيو 2021 إلى أن «داعش» يوجه عناصره لبناء فروع قوية له في منطقة الصحراء الكبرى بغرب أفريقيا.
وتعتقد الصحيفة أن مالي القريبة من السنغال ستؤثر بأوضاعها الأمنية المتراجعة منذ إزاحة الرئيس «إبراهيم أبوبكر كيتا» في 18 أغسطس 2020 عن السلطة، في تدهور الأوضاع بالمنطقة ككل.
كما أفادت «الجارديان» بأن تمدد «داعش» في غرب أفريقيا لن يقتصر على مجرد أفرع قوية تدين له بالولاء ولكنه يسعى لإنشاء ولاية حقيقية تكون بمثابة دولة بداخل المنطقة، لافتة إلى شواهد توضح سعي التنظيم لفرض نظامه الخاص على المواطنين وتطبيق عقوبات بدنية قاسية ضدهم في حالة المخالفة.
من جهته شدد الرئيس السنغالي «ماكي سال» في فبراير 2021 على أن منطقة غرب أفريقيا تواجه خطرًا حقيقيًا نتيجة انتشار التنظيمات الإرهابية، مضيفًا بأن جميع الحكومات بالمنطقة يجب أن تكون مستعدة لمواجهة خطط الإرهابيين في التمدد الجغرافي بالساحل الأفريقي، لكنه انتقد الاتجاه إلى الحوار مع الجماعات الإرهابية كما تفعل حكومات مالي وبوركينا فاسو، مؤكدًا أن مكافحة الإرهاب تقتضي القتال وليس الحوار مع «المجرمين»، مشيرًا إلى أن هذا هو السبيل الأمثل لتقويض تحركات المتطرفين بالمنطقة.

السنغال ومواجهة تمويل الإرهاب
يبقى المال أبرز ضلع في مثلث الجماعات الإرهابية، وبالتالي فإن مكافحة التمويلات المشبوهة وغسيل الأموال يعد مدخلًا أساسيًّا لمواجهة العنف والتطرف في المنطقة، ولكن السنغال من جانبها تواجه تحديًا مهمًا في ملاءمة أدواتها المالية والرقابية لمنع تحول أراضيها لمصدر دخل للإرهاب، إذ قررت مجموعة العمل المالي في فبراير 2021 وضعها تحت المراقبة لتراجعها في مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، كما ألزمتها بتبني مجموعة إجراءات لتحسين أوضاعها الرقابية وأمدتها بخطط عمل للمساعدة.
وبالتالي فإن السنغال تواجه الكثير من التحديات في ملف مواجهة الجماعات الإرهابية أبرزها منع تحول أدواتها لناقل مشبوه لتمويل المتطرفين بالمنطقة إلى جانب تعزيز الأمن الداخلي والحدودي لمجابهة التمدد الإقليمي ما يضيف إليها أعباء اقتصادية أكثر، ومن جهة أخرى فهي تحتاج لتطوير أنظمتها القانونية لمواجهة العنف والتطرف ما يفرض على الحكومة خطابات أكثر وضوحًا لخلق رأي عام متفهم لطبيعة الأزمة.
المزيد.. لمحاربة الإرهاب في أفريقيا.. واشنطن تعتمد السنغال حليفًا إستراتيجيًّا