ad a b
ad ad ad

المجددون في الإسلام.. تطرف «البنا» ووسطية «الشعراوي»

الخميس 28/يونيو/2018 - 01:51 م
الشعراوي والبنا
الشعراوي والبنا
هناء قنديل
طباعة
يحظى لقب «المجدد» بأهمية خاصة جدًّا لدى أتباع الجماعات الإسلامية، إذ إن خلع هذا اللقب على منظري هذه الجماعات وإقناع الأنصار باستحقاق حامله لهذه الخصيصة، يعني الأخذ عنه دون تردد أو مراجعة. 

ويُعدُّ أنصار جماعة الإخوان، أكثر من سعى من أجل إقناع الجميع بأن مؤسس جماعتهم حسن البنا، هو «مجدد الأمة» خلال القرن الأخير، هذه الإدعاءات الإخوانية رفضها السواد الأعظم من المسلمين خاصة وأن هذه الجماعة هي أخطر الجماعات الإرهابية تطرفًا وكل ما يُنقل عن زعمائها من فكر لا يمت إلى التجديد بصلة، وفي مقابل التزييف الإخواني أكد الكثير من أهل السنة والجماعة أن الشيخ محمد متولي الشعراوي هو «مجدد العصر»، وهو الأمر الذي أطلق شرارة معركة بين دراويش الإخوان ومريدي «الشعراوي» استمرت سنوات طويلة.

أبناء «البنا»
«البنا» الذي يدعي أتباعه أنه «مجدد الأمة»، أراد من وراء تأسيس جماعة الإخوان إقامة دولة دينية، وهذه الدولة لم يعرفها المسلمون طوال تاريخهم، وكل تشريعات ومبادئ الدين الإسلامي ترفض ما يُسمى بـ«الدولة الدينية»، وهو أحد الذين يؤمنون بـ«السيف» كوسيلة أساسية للتغيير، حيث يقول:«إن الإسلام عقيدة وعبادة ووطن وجنسية ودين ودولة وروحانية ومصحف وسيف»، وهو أول من وضع ملامح المجتمعين (كما ذكر ثروت الخرباوي الخبير في شؤون الإسلام السياسي)، مجتمع الإيمان الصحيح (وهو حكر على الإخوان) ومجتمع الباطل وهو باقي المسلمين، حيث تضمنت رسائله (خاصة رسائل التعاليم) العديد من اللمحات للأمة بأنها كافرة وأن الإسلام غاب عنها منذ قرون، وأن الله سخره وجماعته ليعيد الإسلام لها.

ودأب «البنا»، على ممارسة كافة أشكال الخداع الفكري (حسبما ذكر القيادي الإخواني السابق طارق أبو السعد)، فقد صنع جماعة ظاهرها الدعوة وباطنها استخدام القوة، مستشهدًا بقول حسن البنا في رسالة المؤتمر الخامس «سنستخدم القوة عندما لا يجدى غيرها، وسننذر أهلها قبلها، وسنكون شرفاء ونتحمل النتائج».

أما عن فكر «البنا»؛ فهو (وفقًا لما ذكره محامي الإخوان السابق أحمد ربيع الغزالي) يتمثل في أنه كان يريد الوصول إلى الحكم عن طريق القوة المسلحة، ولا يؤمن بالاقتراع أو الانتخاب أو الأحزاب، حيث كان مؤسس الإخوان يريد أن يصل إلى الحكم عن طريق تجهيز 12 ألف من المجاهدين، هذا بجانب أن خلفية الفقه السياسي الذي يعتنقه خلفية تكفيرية ولكنه لم يصرح بها.

قطب يُروِّج لـ«البنا» 
ورغم كل هذا التطرف الذي حمله فكر «البنا»، والذي يجعله بعيدًا كل البعد عن إلباسه ثوب المجدد؛ إلا أن أبناءه المغيبة عقولهم بخزعبلات مؤسس الجماعة أصروا أن يمنحوه هذا اللقب، بل وحاولوا إرغام الأمة على الرضوخ للباطل الذي يروجون له، ولعلنا ننقل هنا حرص سيد قطب منظر الإخوان، على الترويج لأستاذه حسن البنا، فيقول في أحد مؤلفاته: «وعبقرية البنا تتجلى في تجميع الأنماط من النفوس ومن العقليات ومن الأعمار ومن البيئات في بناء واحد، وطبعُها كلِّها بطابع واحد يُعرفون به جميعًا، ودفعُها كلّها في اتجاه واحد، على تبايُن المشاعر، والإدراكات، والأعمار، والأوساط». 

الشعراوي وقاعدة مريديه 
في المقابل لم يكن المنافس سهلًا، فالشيخ محمد متولي الشعراوي، صاحب الخواطر القرآنية الشهيرة، هو أحد أكبر علماء الإسلام، وأكثرهم شعبية، في السنوات الماضية، وأجمعت الملايين عليه وأحبته، كما لم يحدث من قبل.

«الشعراوي» حقق بوسطيته وتمسكه بمذهب أهل السنة والجماعة، نجاحًا وانتشارًا لم يسبقه إليه أحد، وتعامل مع قضايا عصره التي لم تظهر للعلماء السابقين ببساطة ويسر، وتجاوز الخطابات الدينية التقليدية، والتفسيرات المعلبة الجاهزة، والتي طالما أساءت للإسلام. 

وفي خمسينيات القرن الماضي حمل «الشعراوي» مشعل التجديد والإصلاح، وسار به في غياهب الفكر الجامد، واستطاع أن يضفي عليه من نور علمه وضوء بصيرته المتفتحة.
"