الصراع السياسي ينتقل إلى القضاء.. فصل جديد من الخلافات بين الرئيس التونسي وخصومه
عقب التصريحات التي ألمح فيها الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى الاستخدام الخاطئ للحصانة من قبل بعض البرلمانيين والسياسيين، ما فسره محللون بأنه يمهد لحملة ضبط وتحقيق مع سياسيين، لديه أدله على فسادهم ومخالفتهم للقوانين، تحرك الفريق المناوئ لـ«سعيد» لشن حرب مماثلة تجسدت في الاتهامات التي وجهها البرلماني المقرب من حركة النهضة، راشد الخياري، للرئيس التونسي بإنه تلقى ما يقرب من 5 ملايين دولار من جهاز المخابرات الأمريكية خلال حملته الانتخابية في 2019.
الصراع السياسي أمام القضاء
وتدخل تونس على وقع هذه الاتهامات المتبادلة منحى جديدًا يتمثل في نقل ساحة الخلافات السياسية بين الفرقاء إلى القضاء، الأمر الذي يفسر فتح القضاء العسكري التونسي تحقيقًا في اتهامات الخياري للرئيس قيس سعيد.
وقال مدير حملة الرئيس التونسي الانتخابية، فوزي الدعاس، إن القضاء العسكري فتح تحقيقًا في اتهام وجهه النائب البرلماني، راشد الخياري، لسعيّد.
وأضاف، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الرسمية: «تم استدعائي كشاهد لدى النيابة العمومية التابعة للمحكمة العسكرية بعد فتحها تحقيقًا بخصوص فيديو نشره النائب راشد الخياري ليلة الإثنين على صفحته بالفيس بوك».
واتهم «الخياري» في مقطع الفيديو مدير الحملة الانتخابية للرئيس «قيس سعيّد» بتلقي دعم وتمويل بقيمة 5 ملايين دولار من ضابط مخابرات أمريكي، في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب (2017-2021)، لتمويل حملته الانتخابية.
وتابع بأن الجهة الأمريكية التي مولت «سعيِّد» هي التى سربت له هذه المعلومات، بعد أن غيّر بوصلته من واشنطن إلى باريس، على حد قوله.
تهديدات قيس سعيد
تأتي هذه الاتهامات ردًا على ما قاله سعيّد خلال كلمته بمناسبة العيد الوطني لقوات الأمن الداخلي 65، الأحد الماضي، إذ قال: «إن هناك من يتمسك بالحصانة أو بالقرابة، في حين أن الحصانة مقصدها هو ضمان حرية الموقف وحرية التعبير وحرية الرأي، وليست القذف والثلب والكذب والافتراء».
وأضاف: «الحصانة لا يمكن أن تكون حائلًا أمام المساءلة أو الإفلات من العقاب»، موضحًا «اليوم صبر وغدًا أمر» في تلميح إلى أمر ما يفكر في اتخاذه.
واعتبرت أوساط قانونية أن الخطاب يظهر أن قيس سعيد يمهد لتحرك ما ضد نواب وسياسيين، فيما قال أستاذ القانون الدستوري «رابح الخرايفي» في تدوينة على صفحته في «فيس بوك» مساء الأحد إنّ "سعيد" "مقبل على اتخاذ قرارات مؤلمة وأيام صعبة، قد تبدأ بجملة من الاعتقالات في صفوف نواب، وهذا ظاهر من خلال قوله «إنه لا يمكن التمسك بالحصانة».
وتابع «الخرايفي» أن «سعيّد» لوّح بـ«اعتقالات في صفوف سياسيين عندما قال إنه لن تنفعهم المصاهرة أو الاستقواء بالخارج أو بالمال أو بالجاه السياسي».
وقوبل حديث «سعيّد» وقتها بالرفض من حركة النهضة التي تعد الخصم الأبرز للرئيس، إذ زعمت أن «سعيّد» مصر على إفشال تجربة التحول الديمقراطي على حد قولها.
هز ثقة الرئيس
يمكن فهم تصريحات «الخياري» في سياق الرد على «سعيد» أمام الرأي العام، إلا أن هذه الاتهامات قوبلت باستهجان عدد كبير من التونسيين، إذ اعتبر رئيس حزب مشروع تونس (4 مقاعد بالبرلمان)، محسن مرزوق، تصريحات الخياري «اختلاقات مضحكة».
وكتب مرزوق على صفحته في موقع «فيس بوك»: «لا أريد التعليق على جملة الاختلاقات المضحكة التي جاءت على لسان أحد النوّاب ضد الرئيس سعيّد. لا يستطيع أحد تصديق تلك الشعوذة البوليودية إلا عقل عاطل فاشل».
وتابع: «من الواضح أن هذه المسرحية المقرفة ولكن الخطيرة جدًا هي رد فعل صبياني لمشغّلي هذا النائب وأصحاب نعمته ضد زيارة الرئيس سعّيد لمصر وخطابه الأخير».
وتابع: «قد نختلف مع الرئيس سعّيد في بعض مواقفه، ولكن هذا الذي يحصل هو جريمة موصوفة ضد الدولة لا ضد شخص الرئيس، ويجب على القانون معالجتها بطريقة حاسمة».
و«راشد الخياري»، نائب مستقل، أُنتخب كمرشح لحزب "ائتلاف الكرامة" المقرب من حركة النهضة الإسلامية، وأثار مؤخرًا جدلًا في البلاد باتهامات يوجهها لسياسيين وإعلاميين، وكانت النيابة التونسية قد فتحت تحقيقًا في شأنه إثر تبريره قتل مدرس تاريخ فرنسي، الذي لقي حتفه ذبحًا في حادثة إرهابية خلال شهر أكتوبر الماضي.
ولاقت اتهامات «الخياري» لسعيّد استنكار الاتحاد العام التونسي للشغل، إذ اعتبر سامي الطاهري الناطق باسم الاتحاد أن «رائحة المخابرات تفوح مما يقول به النائب الخياري من إشاعات وحياكة أقاصيص عجيبة وغريبة وتسريبات، وآخرها الفيديو المباشر الذي اتهم فيه رئيس الدولة بالارتباط بجهات أجنبية»، معتبرًا أن ذلك «يجب ألا يمرّ مرور الكرام».





