«الحل في الحل».. برلمان الإخوان في مهب رياح الغضب التونسي
زاد المشهد التونسي اشتعالًا، على وقع الشعارات التي رفعها مئات المتظاهرون، السبت 20 مارس 2021، بمناسبة الذكرى 65 لاستقلال تونس، وطالبوا فيها رئيس البلاد قيس بن سعيد بحل البرلمان، والتوجه إلى انتخابات مبكرة.
وردد المتظاهرون هتافات تؤيد سعيد، مؤكدين دعمه في خطوة حل البرلمان الذي تسيطر عليه حركة النهضة (امتداد جماعة الإخوان بتونس)، وفقًا للفصل الـ80 من الدستور التونسي الذي يقول إن «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب».
أجواء متوترة
وتكاد ينطبق هذا النص مع الواقع الذي تعيشه تونس منذ مطلع العام الجاري، إذ تشهد الساحة السياسية التونسية انغلاقًا سياسيًّا بسبب الخلافات القائمة بين البرلمان والحكومة ورئيس الدولة، لاسيما اشتعال الشارع الذي يلقى بظلاله على هذه الأوضاع.
ويخرج التونسيون من وقت لآخر للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية المتردية، محملين المسؤولية لنخب سياسية يتهمونها بالفشل والطمع، وعلى رأسها حركة النهضة.
وتمثل هذه الأجواء التحدي الأكبر للحركة الإسلامية التي كانت ترى الوصول إلى أغلبية البرلمان سببًا كافيًّا لإدارة الدولة، والتحكم في تونس ذات النظام البرلماني في الحكم، وهذا يعني أن حل البرلمان سيكون أكبر خسارة للحركة، إذ ستفقد نفوذها.
الإخوان في مأزق
وإن مطالبة بالوقوف في صف باقى القوى السياسية لاختيار الشعب منهم في انتخابات جديدة. ولأن مزاج التونسيين يشير إلى تغيير وامتعاض من أداء حركة النهضة، فتخشى الحركة التضحية بالبرلمان الحالي، ومن ثم فقد كافة الفرص للوصول إلى مقاليد الحكم مجددًا.
وينعكس ذلك في تعليق زعيم الحركة ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي، الذي قال خلال كلمة ألقاها بندوة سياسية بعنوان «الثبات على نضال الحركة الوطنية» نظمها منتدى الحركة الوطنية لمكتب شباب الحركة، «للأسف هناك اليوم من يُطالب بحل البرلمان.. لا سبيل لحل البرلمان.. لا سبيل دستوري لذلك إلا في حالة واحدة هي عندما يعجز البرلمان عن إنتاج حكومة وعن القيام بدوره في تزكية الحكومة».
وتابع «كل ما هو عكس ذلك هو ديكتاتورية .. البرلمان الذي بذل من أجله الشعب الدم لن يتحكم فيه اليوم زيد أو عمر.. فكرة الدستور والبرلمان والحرية هي فكرة أصيلة في مشروع الاستقلال وفي مشروع الدولة التونسية وفي الثقافة السياسية التونسية».
وأضاف «تونس دولة مستقلة، ولكن يجب أن تناضل وتجاهد من أجل أن يكون استقلالها مضمونًا ثقافيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا وعلى كل المستويات .. أما الاستقلال المطلق فليس هناك دولة مستقلة في المطلق بالعالم»، على حد قوله.
ويشير ذلك إلى عدم استعداد الحركة للتعاطي مع المطالب، لكن الأمر يعود في النهاية لرئيس الدولة الذي يضمن له الدستور الحق في التصرف.
حل البرلمان
وبما أن العلاقة بين سعيد والنهضة متوترة، فتشير الترجيحات إلى أن برلمان تونس قد يذهب إلى الحل بالفعل.
وتؤيد ذلك الوزيرة التونسية السابقة للمرأة والأسرة نزيهة العبيدي، إذ قالت في لوكالة «سبوتنيك» الروسية، إن من حق الرئيس قيس سعيد حل البرلمان، معتبرة أن ذلك هو السيناريو الأقرب، في ضوء الصراع الدائر بين المكونات السياسية في مجلس نواب الشعب (البرلمان)، والاحتجاجات الشعبية المنددة بالوضع الاقتصادي.
وأكدت العبيدي أن الدستور يمنح رئيس الجمهورية الحق في حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وأضافت أن العديد من الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني في تونس تنادي بذلك، معتبرة أن «ما يحدث في البرلمان هي أجواء متوترة وتعطيل لأعمال البرلمان».
وتابعت: «أعتقد أن هذه الأزمة يجب أن تتوقف ومن مسؤولية رئيس الجمهورية أن يتخذ التدابير الضرورية لحماية الدولة والمجتمع، وهو حقه المشروع ويمكنه أن يقوم به».
وقالت الوزيرة السابقة: «أرى أننا ماضون نحو هذا الخيار (حل الرئيس للبرلمان)، حيث إنه لا يمكن أن يستمر الوضع على هذا النحو لمدة 4 سنوات مقبلة».





