بين الاهتمام والإهمال.. أفريقيا والقرارات الأمريكية المتضاربة
ما بين الاهتمام والإهمال تعاني أفريقيا تخبطًا كبيرًا في بعض القرارات التي توجهها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القارة، خاصةً تحت إدارة الرئيس جو بايدن.
سياسة بايدن الخارجية
ومنذ توليه السلطة في 20 يناير 2021، عرض الرئيس الأمريكي جو بايدن الخطوط العريضة لأبرز تحدّيات سياسته الخارجية، حيث تأتي إيران والصين وكوريا الشمالية على رأسها، في وقت جاءت فيه مكافحة الإرهاب في أفريقيا.
وأدرجت وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس 11 مارس 2021، فرعي تنظيم داعش الإرهابي بكل من الكونغو الديمقراطية وموزمبيق، ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، فيما يلفّ الغموض إستراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمكافحة العناصر المسلحة في أفريقيا.
وفي بيان صادر عنها، صنّفت الوزارة كذلك قائدي الفرعين «إرهابيين عالميين مصنّفين بشكل خاص»، مشيرًة الي أن «من عواقب هذه الإجراءات حظر جميع ممتلكات ومصالح المصنفين الخاضعة للولاية القضائية الأمريكية».
للمزيد.. أزمة التمويل.. تحدي دول الساحل الأفريقي في مواجهة الإرهاب
تهديد قائم
ومنذ أن قررت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من الصومال، بينما لا يزال نشاط هذه التنظيمات قائمًا ويشكل تهديدًا للمصالح الأمريكية في القارة، يُعلِّق القادة الأفارقة الكثير من الآمال على إصلاح إدارة بايدن ما أفسدته إدارة ترامب في إهمالها للقارة الأفريقية.
وفي ديسمبر 2020، أمر ترامب بانسحاب القوات الأمريكية من الصومال، والذي اكتمل في يناير 2021 عندما انتقلت إلى كينيا، على الرغم من أن القيادة الأمريكية في أفريقيا «أفريكوم» حذّرت من صمود حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة وقدرتها على التكيّف مع مواجهة عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية.
وتشير التقديرات الراهنة بشأن توجهات إدارة «بايدن» إزاء استراتيجية مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية إلى وجود سيناريوهين، أولهما يرى أن إدارة «بايدن» سوف تسلك نهجًا مُغايرا يحافظ على الوجود العسكري الأمريكي في أفريقيا لمواجهة التهديدات الإرهابية وعدم ترك فراغ أمني، واستراتيجي يسمح للنفوذين الصيني والروسي بالتمدد هناك على حساب المصالح الأمريكية، في حين يرى السيناريو الثاني أن إدارة «بايدن» سوف تمضي في تبنِّي النهج الحالي لإدارة «ترامب» في مكافحة الإرهاب، لكن مع إدخال بعض التعديلات على هذه الاستراتيجية.
للمزيد..مع تزايد عمليات «الشباب».. مخاوف صومالية من الانسحاب الأمريكي المرتقب
فرصة جيدة
ويرى مايكل شوركين، كبير علماء السياسة في مؤسسة راند، أن انتخاب بايدن كرئيس للولايات المتحدة قد يقدّم فرصة جيدة لإعادة علاقتها مع أفريقيا.
ويمكن أن تكون محددات سياسة «بايدن» تجاه أفريقيا في الجانب الأمني والدفاعي: إعطاء أولوية للقرن الأفريقي الذي طالما كان منطقة استراتيجية، ويستضيف القاعدة الأمريكية الدائمة الوحيدة في أفريقيا، والمحافظة على أفريكوم التي تمثل المهمة الأساسية في تنسيق البرامج العسكرية العديدة الموجودة بالفعل في القارة.
ويري معهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا، أن على القارة ألا تضع آمالها على «بايدن» لمكافحة الإرهاب، على اعتبار أن الرئيس الأمريكي لم يبد موقفًا واضحا من تلك المسائل، وأن عملية مكافحة الإرهاب «يجب أن تقودها الدول الأفريقية في المقام الأول بنفسها وعدم الاعتماد على التعاون العالمي».
وتذهب الترجيحات الأكثر تفاؤلًا إلى أن تعمل إدارة «بايدن» على طمأنة الحلفاء والأصدقاء الأوروبيين والأفارقة بعدم التخلي عن دعمهم في جهود مكافحة الإرهاب، إذ تُبدي فرنسا قلقًا كبيرًا تجاه سحب القوات الأمريكية من القارة، أو حتى سحب الدعم الأمريكي لجهود مكافحة الإرهاب.
للمزيد..الانسحاب الأمريكي من الصومال.. قرار غير مؤثر في توقيت خاطئ
وفي فبراير 2021، أجرى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن محادثات مع وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي بشأن الوضع في منطقة الساحل الأفريقي، لكنّه لم يُقدّم أيّ التزام أمريكي إزاء عملية مكافحة الإرهابيين في هذه المنطقة.
وأوضح جون كيربي، المتحدث باسم أوستن، أنّ «الوزير لم يُقدّم أيّ التزام.. لكنّه أعرب بوضوح عن امتنانه للعمل الذي تؤدّيه فرنسا لناحية مكافحة الإرهاب».
وفي منطقة الساحل، تعتبر واشنطن حليفة أساسية لقوة برخان الفرنسية، وتقدم معلومات استخبارية وعمليات استطلاع عبر طائرات مسيّرة وعمليات التزود بالوقود جوًا والنقل اللوجيستي، وهي مهام تبلغ كلفتها السنوية 45 مليون دولار.
وتعتبر فرنسا أن خفض عمليات وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» في أفريقيا سيعرقل الجهود ضد المجموعات الإرهابية، وخصوصًا في منطقة الساحل.
وتعد برامج التعاون الأمني الأمريكية في أفريقيا ضرورية لبناء قدرات القوات الشريكة المكلفة بعمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة، ولكن بعدما يقرب من عقدين من عمليات الانتشار المستمرة، فإن وزارة الدفاع الأمريكية تكافح الآن بشأن كيفية ومكان إعادة تخصيص الموارد، ولا يُنظر إلى أفريقيا على أنها ضرورية.
خطر الحدود
ودون مستويات عالية من المساعدة الغربية، بما في ذلك دعم الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، فإن العديد من قوات الأمن العاملة في منطقة الساحل تواجه خطر الحدود التي يسهل اختراقها، وسوء الإدارة، وانتشار الاقتصاد غير المشروع، وهي عوامل هيكلية تفضّل الفاعلين العنيفين من غير الدول.





