بالتشرذم والشتات.. الإخوان يسددون فاتورة الخيانة والانقسامات تدمر الجماعة ذاتيًّا
الخميس 21/يناير/2021 - 06:59 م

مصطفى كامل
تعيش جماعة الإخوان الإرهابية مأزقًا كبيرًا وتفككًا واضحًا سواء بالقبض على كوادرها داخل مصر أو الاستغناء عن البعض منهم في الخارج، حيث مثلت ثورة ٣٠ يونيو 2013، ضربة قاصمة للتنظيم الإرهابي، تعرضت على إثره الجماعة لانهيارات متلاحقة بسبب الضربات الأمنية الناجحة، إذ دأبت الجماعة على إثر ذلك بنهج العنف داخل مصر؛ حيث انحسر عدد من قياداتها في دول بعينها كتركيا، مستغلين الوضع الحالي بين مصر وأنقرة للوجود هناك والعيش في تلك الدولة خوفًا من الاعتقال.

عصام تليمة
تفكك إخواني
حالة من التخبط تعيشها جماعة الإخوان الإرهابية وعناصرها الهاربين بالخارج، وذلك بعد القبض على الإرهابى محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، حيث تبادل الإخوان الاتهامات بينهم وبين بعض بالفشل، وغيرها من الاتهامات التي تكشف حالة التشتت التي تشهدها الجماعة الإرهابية داخليا وخارجيا.
ودخلت الجماعة في موجة من الانقسامات تعد الأكبر في تاريخ الجماعة الإرهابية، إذ أقبل عدد كبير من قواعد الجماعة على عزل محمود حسين الأمين العام للجماعة، الهارب خارج البلاد، والمسيطر الأكبر على أموال الجماعة وجميع التمويلات، حيث تداول عدد من شباب التنظيم مجموعة من القرارات والإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرًا داخل التنظيم الإرهابي، ممثلة في إلغاء منصب الأمين العام الذي يشغله محمود حسين المتهم الرئيسى في تخريب الجماعة، واختيار حلمي الجزار لاختيار لجنة لمواجهة الانشقاقات التي تضرب التنظيم.
وخرج عصام تليمة، القيادي الإخواني الهارب، في فيديو له مهاجمًا قيادات الجماعة الإرهابية في الخارج، على رأسهم محمود حسين، ومحمود الإيباري وغيرهم من المتحكمين في الجماعة خارجيًّا، واصفًا إياهم بالفشلة، وأنهم سبب رئيسي في انهيار الجماعة بالداخل، وأنهم كانوا يتحدثون باسم قيادات أخرى ويوصلون رسائل خاطئة ومسيئة ليوسف القرضاوي على أنها رسائل من القائم بأعمال المرشد محمود عزت، منوها إلى أن محمود حسين وغيره من القيادات أطلقوا ما أسماهم بكتائب الذباب الإلكتروني ليسبوه، ويتهموه بأنه خان الجماعة هو وسليم عزوز وبعض العناصر بالخارج، ليغطوا عن كذبهم وما فعلوه في الجماعة من أزمات وتفكك داخلي، لافتًا إلى أن هؤلاء عينوا إبراهيم منير نائب للمرشد ومسؤول التنظيم الدولي من أجل مصالحهم، وأنهم لم يستشيروا أحدًا في تعيينه واختياره، وأنهم من باعوا القيادي الإخواني محمد كمال، الذي قتل في مواجهة مع الأمن وغيرهم من العناصر التي كانت موجودة بمصر.

محمود عزت
انقلاب داخلي
أدى العمل العنيف داخل الجماعة إلى وقوع تصدعات كبيرة داخل الجماعة، سرعان ما تحولت إلى جبهتين المكتب العام (كممثل للقطاع الجديد ورافض للقيادات التاريخية ويحمّلها فشل قيادة مرحلة الثورة والانقلاب)، والجبهة الثانية متمثلة في القيادات التاريخية المعروفة بجبهة محمود عزت ومحمود حسين. ومحمود حسين البالغ من العمر 73 عامًا أحد أبرز القيادات في مكتب الإرشاد.
وجاء انقلاب القيادات التاريخية على مجموعة محمد كمال نقدًا لانتهاج العنف والحيد عن طريق الجماعة في التغيير، الإصلاحي والسليم، حيث ألقت الجماعة باللوم على محمد كمال ومجموعته، حيث شنت القيادات التاريخية (محمود عزت ومحمود حسين) انقلابًا داخليًّا على مجموعة كمال تحت مزاعم عدم صحة هذه اللجنة إداريًّا، وأنها غير متسقة مع قواعد ولوائح الجماعة التنظيمية، وانقمست الجماعة على إثره لقسمين لكل منهما مكتب الإرشاد الخاص به، وكذلك توزعت المحافظات بينهما وأحيانًا بشكل بيني، أي بانقسام المحافظة إلى شطرين، ولكن القيادات التاريخية احتفظت بأهم أوراق اللعبة: التمويل، ولكنه وحده لم يردع المجموعة الجديدة عن نهجها العنيف، فلجأت القيادات التاريخية لملف إعاشة المعتقلين.
وبالفعل قطعت التمويل والإمداد عن جميع المنخرطين والمتعاطفين مع المجموعة الجديدة عبر ملف المعتقلين وأسرهم، وهو ما قد أتى ثماره في مرحلة لاحقة، ولكن هل يوجد أسباب أخرى دفعت جناح القيادات التاريخية للانقلاب على مجموعة محمد كمال ثم المكتب العام؟

تأزم الوضع في الخارج
وعلى المستوى الخارجي وتحديدًا داخل تركيا، الدولة التي لجأ إليها الهاربون من عناصر الإخوان سواء من الأعضاء أو القيادات، فإن الوضع الحالي هناك يشهد انقسامًا واسعًا، إذ يوجد الجناح القديم بقيادة محمود حسين، والمكتب العام الذي يمثل الجناح الغاضب على القيادات القديمة، ولكل منهما مكتبه الإعلامي والأسر التنظيمية داخل الجماعة، وأصبح للمكتب العام مكتب إرشاد، ومن الفروقات الملاحظة بين مكتبي الإرشاد هناك، هو دخول المرأة والشباب، فلأول مرة في تاريخ الجماعة يكون هناك حضور نسائي في مكتب الإرشاد، كذلك نسبة تمثيل الشباب التي أصبحت تصل إلى 50 في المئة.
وبات الصراع داخل تركيا صراع الجناح القديم يتمحور بشكل مباشر حول الحفاظ على السلطة الداخلية وإعادة ترميمها، وأن أي انشقاق أو تنوع داخل الجماعة من شأنه زعزعة هرمية السلطة، وما تحمله من نفوذ وقوة، وهو أمر لا يمكن الاستهانة به.
وعكفت الإرهابية على إثر هذا الأمر إلى إزاحة القيادات القديمة وتفكيك نفوذها، حيث يؤكد مراقبون أن حجم القوة والنفوذ والفلوس التي تديرها الجماعة هائل، ومثلما استغلت القيادات القديمة ملف إعاشة المعتقلين في مصر لإخضاع الجناح الجديد، استغلت أيضًا ملف إعاشة الهاربين إلى تركيا لتطويعهم على أكثر من مستوى: المستوى التنظيمي والقيمي، فالوضع بالنسبة لقطاع كبير من الشبان والشابات في تركيا شديد الصعوبة على المستوى المعيشي والمالي، ووضع الإقامة القانوني لقطاع كبير منهم لا يسمح لهم بالعمل طبقًا للقانون التركي ولوائح تنظيم الإقامة، وقد نجح جناح محمود حسين في بسط نفوذه التنظيمي وإخضاعهم عبر ملف الإعاشة والإعانة لهم.
وبجانب ذلك، فقد مثّل القبض على محمود عزت فرصة كبيرة لإبراهيم منير للتدخل، من أهمها إعادة هيكلة الجماعة، وإزاحة نسبية لمحمود حسين، الذي أصبح مصدرًا رئيسيًّا لكثير من المشاكل والتصدعات، وبالتالي يمكن القول أيضًا إن محاولة إبراهيم منير هي للم الشمل ورأب الصدع في ظل تحولات إقليمية قد لا تكون في صالح الإخوان بشكل كبير، وهذه التحولات تحديدًا هي الملف الليبي وشرق المتوسط، والتي قد تدفع تركيا لقدر من التصالح مع مصر، حيث قرّر منير إلغاء مُسمّى «الأمانة العامّة» (كان يترأسها محمود حسين)، وقام بتشكيل لجنة معاونة لنائب المرشد العام، تضمّ في عضويتها محمود حسين (الأمين العام السابق) عضو مكتب الإرشاد، ومجموعة من قيادات الجماعة، لم يتم الإعلان عنهم إلى الآن، وتحلّ اللجنة الجديدة المقيمة خارج مصر محلّ مكتب الإرشاد وأمانته العامة، التي يُعدّ إلغاؤها سابقة في تاريخ الجماعة.