«داعش» يحاول العودة من جديد لاسترداد أمواله المخبأة
الخميس 28/يونيو/2018 - 02:58 م
نورا بنداري
على خلفية الهجمات والضربات التي مُنِيَ بها تنظيم «داعش» في «الموصل» و«الرقة» خلال الفترة الماضية؛ وما نتج عنها من هزائم متوالية للتنظيم الإرهابي، خسر خلالها العديد من الأراضي التي كان يسيطر عليها؛ ما أدى إلى تقلص فرص وجوده وانتشاره على الأرض، فقد تعرض التنظيم لخسائر كبيرة لموارده المالية، حينما فقد آبار البترول التي كان يسيطر عليها في عدد من المدن السورية، وتمثل ذلك واضحًا في إعلان «أيمن دين» الجهادي وعضو القاعدة السابق، أمس؛ في تصريحات له نشرت على موقع «بي بي سي البريطاني» أن تنظيم «داعش» لم يختف بل يخطط للعودة مرة أخرى، إلى مدينتي الموصل، والرقة؛ لاستعادة أمواله المخفية هناك.
ولهذا؛ فإن مدى استمرارية الجماعات الإرهابية من عدمه يرتبط بعنصر مهم ألا وهو المال، وذلك وفقًا لمقولة خبراء الإرهاب التي توضح أن «المال عصب الجماعات المتطرفة، فلا تحدثني عن الإرهاب، ولكن حدثني عن مصادر التمويل».
واعتمد «داعش» مصادر عدة لتوفير موارده المالية، منها ما يُسمى بـ«ديوان المالية» لجمع وتخزين الأموال، إضافة إلى استحواذ التنظيم على عائدات النفط، حيث كان «داعش» يقوم بتصدير النفط من الحقول التي استولى عليها، ما مكنه من ضخ العديد من المليارات إلى خزانته، بجانب الأموال الهائلة التي كان يحصل عليها، من خلال تجارة المخدرات، والإتاوات، والضرائب والغرامات التي كان يفرضها على المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها، علاوة على بيع الآثار النفيسة في مناطق سورية، إلى المافيا وشبكات التهريب العالمية، ليس ذلك فقط بل حصل التنظيم على تبرعات هائلة، من بعض الدول العربية والأجنبية؛ ساهمت في تكوينه ثروات هائلة، ساعدت في امتداده وتوسعه لوقت أطول.
بيد أن «داعش» فقد العديد من هذه الموارد نتيجة الضربات التي تعرض لها في كل من العراق وسوريا؛ والتي جعلته يفقد معقله الرئيسي في مدينة الرقة، نتج عنها خسارته للعديد من حقول وآبار النفط جنوب غرب الرقة، بل فقد نحو 80% من عوائده المالية بنهاية يونيو 2017، إضافة إلى انخفاض عوائده من 81 لـ 16 مليون دولار شهريًّا، وفي العراق خسر التنظيم ما لا يقل عن 70% من موارده المالية، أي نحو 60 مليون دولار أو أكثر، وذلك بعدما استطاعات القوات العراقية في أغسطس الماضي أن تدحر التنظيم هناك.
خزائن الأموال
ورغم خسارة «داعش» لمعركته على الأرض في كل من العراق وسوريا، فإنه قد ظهر جليًّا أن التنظيم حسب حسابًا لهذا الأمر؛ نظرًا لأنه كان يدرك أن النهاية قادمة، وعليه ألا يخسر كل موارده، ولهذا خطط للحفاظ على ما تبقى له من أموال، بتوظيفها في أمور أخرى غير المعارك، أي من خلال نظام «الأموال السائلة» التي يتم تحويلها عبر البنوك ومكاتب الصرافة إلى الخارج.
ووفقًا لما أعلنه البنك المركزي العراقي في أغسطس 2017، أنه قد اتخذ عددًا من الإجراءات؛ لحماية قطاعه المصرفي والمالي من سيطرة «داعش» عليه خلال فترة وجوده في العراق، وذلك بعدما تعرض الجهاز المصرفي العراقي لانتكاسة كبيرة عام 2014؛ بسبب سيطرة التنظيم على ثلاث محافظات، هي: نينوى والأنبار وصلاح الدين، إضافة إلى أجزاء مهمة من محافظة ديالي؛ ما يعني أن «داعش» سيطر على قرابة 121 من فروع المصارف الحكومية والخاصة؛ بما فيها الفرع التابع للبنك المركزي العراقي؛ ولهذا فإن التقديرات في ضوء آخر الأوضاع المالية لفروع المصارف التي سيطر عليها «داعش» قدرت بنحو 856 مليار دينار.
وعلى هذا النحو؛ فإن قادة «داعش» كانوا يريدون نشر أموالهم في أي مكان في العالم؛ لبقاء نشاطهم بعد انهيار ما يسمى «دولة الخلافة»، نتج عن ذلك قيام الدول الأوروبية بتدشين معركة مالية ضد التنظيم؛ لاعتقادها بأنه يخزن أمواله في أوروبا لاستخدامها في وقت لاحق وسط تخوفات من موجة هجمات جديدة في الدول الغربية؛ ولهذا قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع 29 دولة بتأسيس تحالف لمكافحة «داعش» ماليًّا، تم من خلاله وضع قادة التنظيم وعددٍ من عناصره، إضافةً إلى كِيانات مالية على لائحة العقوبات.
العودة من جديد
ويتوقع مراقبون أن يعمل «داعش» خلال الفترة المقبلة على محاولة الحفاظ على أمواله التي تحاول الدول الغربية السيطرة عليها؛ وذلك لأن خسارته كثيرًا من الأراضي في العراق وسوريا، تدفعه بشكل أكبر إلى الحفاظ على المال، فالتنظيم مازال يمتلك العديد من موارده داخل الدول التي كان يسيطر عليها؛ ولهذا من المتوقع أن يعمل من خلال أذرعه المختلفة ومجموعات المافيا، على العودة مرة أخرى إلى سوريا والعراق؛ كونه مازال يحتفظ بمنطقة صغيرة على طول نهر «الفرات» قرب البوكمال وبعض الجيوب في صحراء شوق سوريا وعلى الحدود مع العراق.





